بدعم من وزارة الثقافة والمحافظة على التراث ومندوبية الكاف، قدمت المخرجة المسرحية وحيدة الدريدي مسرحيتها الجديدة «للا الشاردة» على ركح مسرح الهواء الطلق القصبة الكاف ضمن فعاليات مهرجان بومخلوف الثقافي وامام جمهور كبير يحب المسرح حيث قدم العمل الاستاذ نور الدين بن يمينة مبرزا اهميته ضمن النشاط الجديد بالكاف. هذا العمل المسرحي هو عبارة عن مغناة تستلهم التراث الشعبي من خلال قراءة ركحية وجمالية لقصة عالقة بالمخيال الشعبي الكافي وتحديدا بجهة الدهماني حيث عملت وحيدة الدريدي منذ اشهر صحبة فريق مسرحي وفني على وضع التصور الاخراجي لهذه الاسطورة من خلال الاستئناس بالموروث الشعبي والبحث عن التجلي الصوفي. لقد استدعى هذا العمل تعاملا مخصوصا مع الموروث بشيء من التساؤل والحذر حيث عرفت «للا الشاردة» بزهدها الى حد رفض الزواج حيث تحولت في النهاية الى حمامة بحثا عن الحرية وفي هذا العمل ايقاعات متعددة عرفت بها جهة الكاف حيث يحضر السعداوي والصالحي والملالية والبونوارة وقد اهتم بالجانب الموسيقي صابر المحواشي. المسرحية من انتاج شركة جوكستا والنص للشاعر ابن الكاف ونيس السلطاني وقد ساعد في الاخراج المسرحي صادق الماجري والفنان حاتم مرعوب. وشاركت في هذا العرض الفنانة الاصيلة مليكة الهاشمي الى جانب جميلة كامرا ومنال الاحمر وصابر العمري، وتكون فريق الرقص من الفنانين بنعيسى العوادي وكريم الشارني وسفيان العوني وبثينة العياشي وقام بالتصور السينوغرافي حسان السلامي ومن الاصوات الغنائية المشاركة في «للا الشاردة» نذكر غزوة بن ابراهيم وعبد الرحمان الشيخاوي ولبنى المقري الى جانب الفنانة القديرة مليكة الهاشمي التي التقاها جمهور مهرجانات هذا الصيف في عدد من المدن والولايات في سهرات طربية الى جانب هذه المشاركة المسرحية، واما كاتبة الانتاج فهي كوثر الفضلاوي مخرجة هذا العمل هي المسرحية وحيدة الدريدي خريجة كلية الآداب حيث شاركت في عدد من الاعمال المسرحية والتلفزية منها «فرسان اللسان» و «عشوية عسل» و «مملكة النساء» و «رقص الطيور» و «الكذبة وعربيكا» و «تتفكر» كما تحصلت على عدد من الجوائز وانتجت عديد البرامج لحساب قناة تونس 7 وقناة 21 والاذاعة الوطنية واشرفت على اعمال مسرحية تلمذية وتعددت اعمالها المكتوبة للمسرح منها شمس الوجيعة والمرايا والبتراء وهدير. هذا العمل المسرحي الجديد يمثل حدثا اخر في الفعل الثقافي بالكاف حيث ننتظر ان يتلقاه الجمهور بشيء من التفاعل، فالحكاية المتعلقة بللا الشاردة يعرفها الجميع هناك وتمثل حيزا من مخيالهم الشعبي والتراثي والثقافي عموما وقد اعد الفنان التشكيلي عمار بلغيث معلقة جميلة لهذا العمل الفني. تزخر مدينة الكاف بكم هائل من التراث الاثري والفني والحضاري حيث تحفظ العائلات والشبان حيزا مهما من الملاحم والاساطير والحكايات العجيبة ولكنها قريبة جدا الى الكيان والوجدان. في الدهماني، انجز العمل المسرحي الفرجوي «للا الشاردة» الذي يستبطن حكاية يعرفها الجميع هناك بتفاصيلها وجوانبها المحفوفة بالقداسة والاعتزاز. في «للا الشاردة» ثمة حامل رومنتيكي وهناك غناء، فالارضية المشتغل عليها هي الارث الفني بمنطقة الدهماني ف «للا الشاردة» هي شخصية موجودة في الذاكرة الشعبية ومحفوفة بكثير من الاحترام نظرا لمنحاها الصوفي. فهي امرأة ترفض الزواج من احد الفرسان المتقدمين اليها الا ان الفارس يلجأ الى القوة والتهديد وفي ليلة الزفاف تحدث الخارقة وتتحول «للا الشاردة» الى حمامة وتطير في السماء. بخصوص هذا العرض يقول المسرحي حاتم المرعوب باعتباره احد عناصره «الهام الذي اشتغلنا عليه هو الحكاية وكيفية المعالجة الدرامية لشخصية ذات حضور شعبي، وكيفية تقديم الحكاية بشكل مسرحي وفرجوي الى جانب الديكور الخاص والموسيقى المعتمدة في العمل. لقد اشتغلنا على كل ما هو شعبي بخصوص الايقاعات فحضر السعداوي وبونوارة كما اشتغلنا على نوعية الاداء وكذلك على ما هو صوفي من الابتهالات والمدائح حيث انبنت الموسيقى على توجهين.. والديكور كان ضمن مقاربة طبيعية فالحكاية وقعت بين جبال الكاف في المدينة فهناك مكونات جبلية على الركح مع المحافظة على كل ما يخدم الحكاية». هذه حكاية «للا الشاردة» التي تخرج لأنوار الفنون والفرجة، فالممثلون من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي مثل منال الاحمر من المنستير وصابر العمري من الكاف الى جانب حاتم مرعوب ومليكة الهاشمي وجميلة كامرا وتقمص دور «للا الشاردة» الممثلة منال الاحمر في التمثيل وغزوة بن ابراهيم في مجال الغناء وتخرج هذا العمل الفنانة وحيدة الدريدي يساعدها في الاخراج المسرحي الصادق الماجري. هذا العمل هو من انتاج جوكستا بدعم من وزارة الثقافة والمحافظة على التراث مع تسهيلات من مندوبية الثقافة بالكاف. فالتدريبات تمت بالمركب الثقافي وقد كتب النص الشاعر ونيس السلطاني مع بعض المراجعات والتوجيهات من قبل فريق العمل وينتظر ان يحدث هذا العمل حيوية في الحياة الثقافية بالكاف، ويدوم العرض ساعة و 15 د. هذه تجربة اخرى تتعاطى مسرحيا مع الموروث بل تطرح تساؤلات في شأن معالجة المسرح للفرجة وفنون التلقي، فالعمل مسرحي لتوفره على الشخصيات والاحداث والبداية والوسط والنهاية في روح كافية شكلا ومضمونا. «للا الشاردة» حكاية اخرى باذخة يتداولها الكبار والصغار وهي حاضرة بامتياز في المخيال الاجتماعي والشعبي.. صورة اخرى عالقة بالمكان... فكرة اخرى تقصدها المسرحيون هذه المرة بكثير من الشجن والآه.. في تواصل رمزي ومعنوي مع رحلة الانسان الشاقة حيث اقامة الكائن في الحلم والاسئلة بين الوردة وحد السكين. وبخصوص المسرحية تقول مخرجتها وحيدة الدريدي «اجتهدنا فنيا وجماليا في التعاطي مع جزء من تراثنا الشعبي وقد عمل الجميع على ان تكون المحاورة المسرحية اسطورة مميزة وصادقة واتمنى تقبلا جيدا للعمل واشكر كل من دعمه كما احيي جمهور الكاف الذي تفاعل كثيرا مع ما قدمناه في العرض الخاص بمهرجان بومخلوف بالكاف في دورته الاخيرة».