بعيون دامعة وقلوب خاشعة مؤمنة بقضاء اللّه وقدره شيع الشغالون والنقابيون بجهة فصة المناضل النقابي المرحوم نورالدين زمال الكاتب العام للاتحاد المحلي للشغل بقصر قفصة إلى مثواه الأخير. وقد غيّبه الموت صباح الجمعة 18 جويلية 2008 اثر مرض عضال مفاجئ لم يفسح له المجال لمواصلة مسيرته النضالية النقابية والتربوية. وقد رافق جثمان الفقيد جموع غفيرة من النقابيين والإداريين وأعضاء المجتمع المدني والرابطة الجهوية لحقوق الانسان وأعضاء الأحزاب السياسية والمنظمات الجهوية ورجال التربية والتعليم وزملاء الفقيد وأفراد عائلته الموسعة وكان في مقدمة المشيعين الاخوة: محمد السحيمي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، وعمارة العباسي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بفصة، وأعضاء المكتب التنفيذي. وألقى الأخ مهدي العلياني الكاتب العام للنقابة الجهوية للتعليم الثانوي كلمة تأبين مؤثرة عددت خصال الفقيد ومناقبه. ثمّ ارتجل الأخ عمارة العباسي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بقفصة كلمة ذكّر فيها بمناقب الفقيد ومراحل نضاله النقابي والتربوي والمجتمعي وخصاله الحميدة ومواقفه الشجاعة ودفاعه المستميت من أجل تكريس استقلالية الاتحاد وتمسكه بشرعيته أثناء كل المحن وفي كل الظروف الصعبة باعتباره كان مواكبا وناشطا وفاعلا في كل مراحل الأزمات والنضال النقابي محليا وجهويا ووطنيا، منصهرا في فعاليات المجتمع المدني وحقوق الانسان مدافعا عن قضايا العدل والحرية. سيحيا كريما بجانب الشعبين الفلسطيني والعراقي والمقاومة الباسلة في أنحاء الوطن العربي. وقد نعى الاتحاد الجهوي بقفصة في بلاغ صدر للغرض النقابي والمربي المرحوم نورالدين زمال وتقدم بالتعازي باسم النقابيين بالجهة كافة إلى عائلة المرحوم. تغمّد الله الفقيد بواسع رحمته وغفرانه وأسكنه فراديس جنانه ورزق أهله وذويه والعائلة الموسعة جميل الصبر والسلوان. إنّا للّه وإنّا إليه راجعون. مناضل شجاع وصلب جاء في كلمة التأبين التي ألقاها الأخ مهدي العلياني قوله: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون ولا حول ولا قوة الاّ باللّه العلي العظيم. نقف اليوم في هذا الموكب الخاشع باسم الأخ الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد الجهوي للشغل بفصة والنقابة الجهوية للتعليم الثانوي وأصدقاء ورفاق وأقرباء المرحوم نورالدين زمّال لنعبّر عمّا يختلج في نفوسنا من أسى وحسرة ونحن نودع مناضلا وطنيا ونقابيا. يفارقنا اليوم الجمعة 18 جويلية 2008 إلى مثواه الأخير وسيظل نورالدين زمّال حيا في قلوبنا. ولد المرحوم في 28 مارس 1955 وزاول تعلمه الابتدائي في المظيلة ثم تعلمه الثانوي بقفصة ثم التحق بالمعهد الأعلى للتربية البدنية بصفاقس. ومنذ بداية حياته المهنية انخرط في النضال النقابي والسياسي. فعلى الصعيد النقابي تحمّل المسؤولية النقابية في نقابة أساتذة التربية البدنية منذ السبعينيات ثم في نقابة التعليم الثانوي اضافة إلى كونه مسؤولا بلجنة النظام الجهوي. وقد أسس المرحوم الاتحاد المحلي بالقصر سنة 1993وتحمّل مسؤولية الكتابة العامة فيه إلى حدّ وفاته. وقد كان له دور بارز في جميع المحطات النقابية التي مرّ بها الاتحاد العام التونسي للشغل حيث عرف بمواقفه الشجاعة وبصلابته إزاء المحن والأزمات التي مرّ بها الاتحاد وخاصة أزمتي جانفي 1978 و1985. وقد كان مدافعا مستميتا عن استقلالية الاتحاد وحقوق الشغالين بلا كلل. أمّا على المستوى السياسي: فقد كان المرحوم مناضلا وطنيا وقوميا مؤمنا بقضايا شعبه وأمته مدافعا عن المبادئ التي آمن بها والتي جسدها عمليا بمساهمته الفعّالة في تأسيس اللجان الجهوية الداعمة للنضال في فلسطين والعراق. فقد ساهم في جمع التبرعات والأدوية وكان ناطقا رسميا باسم الاتحاد الجهوي للشغل في لجنة مناصرة العراق وناضل بحماس في كسر الحصار على القطر العراقي من خلال مشاركته في رحلة سفينة بلقيس المحملة بالأدوية والغذاء لأطفال العراق، كما شارك في الوفد النقابي الذي زار العراق اثر العدوان الأمريكي عليه سنة 1991، ولم يفوت المرحوم فرصة نضالية تمر دون أن يكون له فيها دور فاعل انسجاما مع مبادئه التقدمية والانسانية والتزاما منه بالدفاع عن كل قضايا التحرر وحقوق الانسان وطنيا وعالميا. الله أكبر الله أكبر الله أكبر أيّها الأخ العزيز نقف اليوم لنودعك الوداع الأخير بقلوب خاشعة واعين دامعة وجوارح مرتعدة ونترحم علي روحك الطاهرة الزكية راجين من اللّه أن يجمعنا بك في جنة الخلد وفراديس الجنان مع الشهداء والصديقين ونقول لك نم هنيئا. فقد تركت وراءك تاريخا ناصعا حافلا بالنضالات النقابية والوطنية والقومية وصغارا سيحملون اسمك نتمنى لهم الصبر والسلوان ولكل العائلة الصغيرة والكبيرة.