... بمجرد صدور عدد الاسبوع الماضي تلقيت الكثير من المكالمات الهاتفية وانا احتسي قهوة الصباح الباكر في منزلي، هذه المكالمات تضمنت ردود فعل الغضب والسخط طبعا، لكنّ كل هذا ماهوش مهم لاننا تعودناه لكنّ الذي لم يكن مألوفا هو انني لبيّت رغبة ابني البكر ورافقته عشية السبت في اصراره على مشاهدة مباراة النجم الساحلي والنادي الافريقي بملعب سوسة وبما انّ لي مواقف واضحة للحاصل من فوضى في ملاعبنا فانني قلت بيني وبين نفسي لعلّ في مرافقتي له قد اجنّبه ما قد يحصل من مكروه لا قدّر اللّه، لكنّ الذي توقفت عنده في ملعب سوسة فاق حتما كل انتظاراتي...!! (2) ... فمقابلة كرة قدم عندهم ايّ في اوروبا او في اي مكان آخر من العالم هي لحظات احتفالية امّا عندنا فهي لحظات استنفار تامة بما انّ منذ بداية دخولي للطريق السيّارة وجدت نفسي بين الالف متر والمتر سيارة حرس وطنّي زائد مجموعة من اعوان الامن بالزيّ وبين الوصول الى الملعب والحواجز المنصوبة امامي على امتداد الطريق خيّل إليّ وانني ذاهب الى ساحة وغى او الى معركة او الى ما يشبه ذلك !! فهل هذه هي الاجواء التي تشجع على الذهاب إلى الملعب؟! (3) اسئلة كثيرة حتما تطرح خاصة في غياب لجان التأطير ولجان الاحباء التي عادة ما ترفع شعارات براقة كنت اتمنى وانا امام هذه الحواجز لو كان الى جانب اعوان الامن ممثلون عن اللجنة الاولمبية او من يمثل لجنة صيانة الروح الرياضية وبما انّ ذلك لم يحصل فلا غرابة ان تكون مدارج ملاعبنا مرتعا للفوضى والسباب والشتائم وترديد شعارات واهازيج تفرق بين ابناء الوطن الواحد ضمن ما فيها من كلام غريب عنا...(؟) (4) ... نعم ما يردد في مدارج ملاعبنا غريب عنا نحن المعتدلون ضمن مجتمع التسامح بما انه كلام فيه مس بالمحرمات وبالاعراض كلام خطير جدا حين تتلقفه اذن ابني وابنك وابناء هذا المجتمع فانه حتما سيقود الى الكره والتطرف انّ ناقوس الخطر قد دق كلام يدفع للهمجية والفوضى فهل هذه هي رياضتنا التي يرفعون فيها شعارات التحابب والتلاقي والتعارف؟... (5) ... هناك في ايطاليا وفرنسا والمانيا وانقلترا ورغم ما يحصل عندهم من عنف لفظي ومادي فانه حتما لا يصل الى المدى الذي تعرفه ملاعبنا من فوضى خاصة ولعلني هنا اجد الفرصة سانحة لاشكر اعوان الامن على ما يتحلون به من صبر وبرودة دم تتجاوز صبر ايوب امام ما يسمعونه من كلام نعم اقول هذا وانا الذي كنت بمثابة الشاهد على اكثر من واقعة في ملعب سوسة (؟) (6) وبما انني كنت اتألم من الداخل وانا استمع للذي يردده اطفال في عمر الزهور من قبح كلام وشعارات غير اخلاقية فانني في لحظة ما «حشمت من إبني» والذي زاد في وجعي انّ اغلب الذين حضروا بملعب سوسة لمتابعة مباراة النجم والافريقي لم يحترموا لا نشيد الوطن ولا درابو ضحى من اجله شهداؤنا لننعم اليوم بكل هذا الخير ورغد العيش انها افضع جريمة عشتها على امتداد سنوات حياتي انّها الجريمة التي لو كانت الامور بيدي لأوقفت بعدها كل شيء في الملعب ولأخرجتهم جميعا إذ لا حاجة لنا بكرة لا تحترم فيها المقدسات نعم اننا امام الوطن لا نساوي شيئا...!! (7) اسمحوا لي بالقول انني عدت الى منزلي في ساعة متأخرة من الليل وانا مريض لتلك الجريمة الشنعاء التي ارتكبت امامي وانا لا حول ولا قوة لي في حق وطني والى اليوم وانا على تلك الحالة فإلى متى ستتواصل هذه المهازل بما انّ الكل مكتف بالفرجة؟