القيت في ذكرى تأسيس الاتحاد، بالاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين يوم الاحد 18 / 1 / 2009. الخبر لم يعد عاجلا فالموت لم يعد آجلا والرجل لم يعد راجلا ... وبلّغ سلامي العرب! وقل صافحوهم... / اخوة في الجنون! عانقوهم... / صبية عابثون! قبّلوهم... / صحبنا نادمون! ... وان ذبحوا الرضع في جنون! ... وان عكروا حسنها في العيون! واصفحوا... فما قلّعوا الا شموخ الشجر! وما بددوا الا صمود الحجر! وما مزقوا الا بهاء الزهر! فما عشقوا غير اشهى لحوم البشر! ويسمرون حول «غزة» اللهب! ... وبلغ سلامي العرب!
بلا ضجر عش يا أخي! تشهّ الصور وانتش ألمي لمّا أبوح! أرأيت؟! أرأيت أجمل من ثكلى تنوح؟! أسمعت؟! أسمعت أشجى من أنثى تصيح؟! أوجدت؟! أوجدت أشهى من دمها يسيح؟! أرأيت المطر الأسود... وكيف تباد «الآه»؟! أرأيت النمور والاسود والفهود... وكيف كممت الافواه؟! أرأيته بلا عينين ومن دون حلم بخفيه ككل طفل يتهجى : يا أماه! أسمعت أعذب من عذاب الصوت. يا الله ! يا الله ! يا الله ! ... وأخرى تموت! ... وأخرى تباد! ... ودون سبب! ... وبلغ سلامي العرب! ثم يا أخي! نم يا شقيق! نم يا رفيق! واشبع واشرب واثمل... نم ! ... ولم تستفيق؟! هادئ حلمك والرؤى تبشر ولا من غريق... سواي! ولا من طريق... الي! ولا من صديق... أهبه يدي ليزهر بعدي! أقضيت ليلتك دافنا؟... انا لم أنم!... لا يهم! أأيقظت طفلك ضاحكا؟... أنا دون أم!... لا تلم! أأديت دورك كاملا؟ أرفعت العلم؟ اصرخت تناشد دون ندم؟! ... انتهى العرض فنم! نم لنزيل ركام التعب. ... وبلّغ سلامي العرب!
اتذكر؟ اتذكر والمدح يصهل بين الصفوف يغني الامير ويسرد مجد الضيوف؟! كم نحر يومها من أمير، وكم ذبح من خروف؟! أتذكر؟ اتذكر والغانيات عليك تطوف وكيف اذهلك ضربهن الدفوف تعانق راعي البقر وتحرق كل الرفوف؟! ... والمدح يصهل بين الصفوف! اتذكر؟ اتذكر رقص السيوف. وكيف يخمر عزف الخبب؟! ... وبلغ سلامي العرب!
تصفح كل الصحف شاهد كل الصور داهمته حيث حل لعنة هذا الخبر زمجر تطايرت منه حمم الشرر جمّع كل الاسود ثم استكان جلس مثل الحطام! قال: سيروا درعنا جبل السلام! واحذروا حمى الغضب! ... وبلغ سلامي العرب!
لهف نفسي! «غزة» نامت بلا شيوخ ودون جدات تطرز احلام البطولة وبلا طفولة ومن دون ماء من دون ضحكات النساء وبلا شموع! ... الا الدموع! وبلا عيون! ... الا الجنون! ... الا اللهب! وبلغ سلامي العرب! بلغ سلامي السماء! وسل : يا سماء! اين في «غزة» السماء؟! وكيف نعودك يا سماء؟! ألست وعود الكتب؟! ... وبلغ سلامي العرب! صالح رطيبي