إيداع المحامي مهدي زقروبة السجن    رئيس الجمهورية يركّد على ضرورة انسجام العمل الحكومي    قيس سعيّد: "لا وجود لأي مواجهة مع المحامين ولا أحد فوق القانون"    لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي تبحث تنقيح قانون التعليم الخاص    درجات الحرارة ليوم الخميس 16 ماي 2024    نمو مستمر للإسلام في فرنسا    يوميات المقاومة .. تحت نيران المقاومة ..الصهاينة يهربون من حيّ الزيتون    جلسات استماع جديدة ضد الصهاينة في محكمة العدل ...الخناق يضيق على نتنياهو    العدوان في عيون الصحافة العربية والدولية ..أمريكا تواصل تمويل حرب الإبادة ..دفعة أسلحة جديدة بقيمة مليار دولار    عاجل: بطاقة إيداع بالسجن في حق المحامي مهدي زقروبة ونقله إلى المستشفى    بعد تعرضه لمحاولة اغتيال.. حالة رئيس وزراء سلوفاكيا خطيرة    عقارب: أجواء احتفالية كبرى بمناسبة صعود كوكب عقارب إلى الرابطة المحترفة الثانية.    متابعة سير النشاط السياحي والإعداد لذروة الموسم الصيفي محور جلسة عمل وزارية    ينتحل صفة ممثّل عن إحدى الجمعيات لجمع التبرّعات المالية..وهكذا تم الاطاحة به..!!    الكشف عن شبكة لترويج المخدرات بتونس الكبرى والقبض على 8 أشخاص..    دعوة الى إفراد قطاع التراث بوزارة    أولا وأخيرا .. «شي كبير»    سليانة: إلقاء القبض على سجين بعد فراره من أمام المحكمة    صفاقس: اشتباكات بين المهاجرين غير النظاميين فيما بينهم    القرض الرقاعي الوطني 2024: تعبئة 1،444 مليار دينار من اكتتاب القسط الثاني    البنك الاوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يتوقّع انتعاش النمو في تونس    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    الديوانة تطلق خدمة التصريح بالدخول الخاص بالإبحار الترفيهي    مندوبية التربية بقفصة تحصد 3 جوائز في الملتقى الوطني للمسرح بالمدارس الاعدادية والمعاهد الثانوية    عاجل : أحارب المرض الخبيث...كلمات توجهها نجمة'' أراب أيدول'' لمحبيها    أغنية صابر الرباعي الجديدة تحصد الملايين    بمناسبة عيد الأمهات..البريد التونسي يصدر طابعا جديدا    الإعلان عن تركيبة الإدارة الوطنية للتحكيم    حاحب العيون: انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للمشمش    الفلاحون المنتجون للطماطم يطالبون بتدخل السلطات    مكثر: وفاة شاب واصابة 5 أشخاص في حادث مرور    مجلس عمداء المحامين يصدر بيان هام..#خبر_عاجل    في اليوم العالمي للأسرة: إسناد 462 مورد رزق لأسر ذات وضعيّات خاصة ب 15 ولاية    قطر تستضيف النسخ الثلاث من بطولة كأس العرب لسنوات 2025 و2029 و2033    لاعب الأهلي المصري :''هموت نفسي أمام الترجي لتحقيق أول لقب أفريقي ''    وفاة عسكريين في حادث سقوط طائرة عسكرية في موريتانيا..#خبر_عاجل    وزير الشؤون الدينية يؤكد الحرص على إنجاح موسم الحج    على هامش الدورة 14 لصالون للفلاحة والصناعات الغذائية صفاقس تختار أفضل خباز    وزير الفلاحة يعرب عن إعجابه بصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ: إصدار بطاقات إيداع بالسجن في حق 7 أشخاص    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    علاجات من الأمراض ...إليك ما يفعله حليب البقر    من بينهم طفلان: قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 20 فلسطينيا من الضفة الغربية..#خبر_عاجل    وزارة المالية تكشف عن قائمة الحلويات الشعبية المستثناة من دفع اتاوة الدعم    وزير الرياضة في زيارة تفقديّة للملعب البلدي بالمرناقية    صورة/ أثار ضجة كبيرة: "زوكربيرغ" يرتدي قميصًا كُتب عليه "يجب تدمير قرطاج"..    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    عاجل - مطار قرطاج : العثور على سلاح ناري لدى مسافر    أنشيلوتي يتوقع أن يقدم ريال مدريد أفضل مستوياته في نهائي رابطة أبطال أوروبا    الأهلي يصل اليوم الى تونس .. «ويكلو» في التدريبات.. حظر اعلامي وكولر يحفّز اللاعبين    اليوم إياب نصف نهائي بطولة النخبة ..الإفريقي والترجي لتأكيد أسبقية الذهاب وبلوغ النهائي    أول أميركية تقاضي أسترازينيكا: لقاحها جعلني معاقة    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإطار التشريعي للخصخصة (1) وأبعاد تفكيك الممكنات
بقلم: الأستاذ الهادي الشمانقي المحامي
نشر في الشعب يوم 28 - 03 - 2009

بمناسبة ذكرى يوم الارض يندرج هذا العمل في مدار بلورة المهام الوطنية، إذ ترد الخصخصة تكريسا لاقتصاد السوق وترجمة للعولمة في إتجاه معاكس للتأميم الذي تزامن مع مد الحركات الوطنية وذلك استجابة لاملاءات البنك الدولي للتنمية وصندوق النقد الدولي، وهي السياسة الدولية التي تنتفع بها الشركات العابرة للقارات ومن يتموقع خلفها.
و تتخذ الخصخصة أشكالا متعددة سواء بصفة مباشرة مثل التفويت للغير أو غير مباشرة مثل المناولة و الإفراق و غير ذلك...
الخصخصة في تونس ليست جديدة العهد ، ذلك أن الاقتصاد شهد توجها ليبراليا منذ سنة 1970 1971، ثم انخرط في البرنامج العالمي لإعادة الهيكلة (P.A.S) الذي وقع ارساؤه سنة 1986 ، إذ عمد المشرع إلى إحداث صندوق إعادة هيكلة رأس مال المؤسسات العمومية ضمن قانون المالية بتاريخ 31 ديسمبر 1985وأدركت الخصخصة أوجها مع إمضاء اتفاقية مراكش المسماة القاطس في 15 أفريل 1994 ويكون بذلك قد إنخرط الاقتصاد التونسي في المنظمة العالمية للتجارة.
من أهم الدوافع إلى تناول موضوع الخصخصة هي إنهيار النظام المصرفي العالمي الذي نعيشه حاليا والذي أدى الى إعادة النظر في آليات الإقتصاد الليبيرالي .
إن العديد من التساؤلات تفرض نفسها: هل وقع اللجوء إلى استفتاء شعبي على معنى الفصل 47 من الدستور في الغرض ؟ هل وقعت استشارة الاتحاد العام التونسي للشغل في الصدد ؟ هل سعى هذا الأخير الى التصدي لتيار الخصخصة ؟ كيف نظم المشرع مسألة التفويت في المؤسسات للأجانب خاصة تلك التي تمثل العصب الاقتصادي؟ ما هي الممكنات العملية لتطويق الخصخصة ؟ ما هي أبعاد تفعيل هذه الممكنات؟
إن النص المحوري هو القانون عدد 9 لسنة 1989 وخاصة الفصل 23 الذي يرخص المشرع بمقتضاه للحكومة التفويت في مساهمات الدولة في المنشآت العمومية، فكيف يمكن قراءته ؟
-1- التفويت في المنشآت العمومية :
لقد توخى المشرع صيغة مطلقة صلب الفصل 23 الفقرة الثانية من القانون عدد 9 لسنة 1989، إذ وردت عبارة التفويت مطلقة فتجري على إطلاقها على معنى المبدأ القانوني الذي ينص عليه الفصل 533 من م إ ع وهذا يعني ما يلي:
أ ينتفع من التفويت الأجانب والتونسيون سواء كانوا أشخاصا معنوية أم بدنية، وكلاهما يتمتع بالامتيازات نفسها المنصوص عليها قانونا دون «تمييز»ويذكرنا هذا بعهد الأمان الذي وُقع سنه سنة 1857 (2).
وفي صورة ما إذا وقع التفويت في منشأة عمومية لمواطن تونسي ثم انتابها إرهاق اقتصادي و قضي في شأنها بالإحالة إلى الغير يفتح الفصل 47 من القانون عدد 34 لسنة 1995 المتعلق بالمؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية المجال أمام الأجانب مرة أخرى عند التفويت.
و كان من الأجدر الإنفتاح على بلدان الوطن العربي بدلا من الإنخراط في المنظمة العالمية للتجارة، وهو الإستثمار الذي تستفيد منه بلادنا إعدادا لسوق وطنية عربية .
ب التفويت يشمل كل المؤسسات مهما كانت أهميتها الاقتصادية ذلك أن القانون لا يميز بين المؤسسات ذات البعد الإستراتيجي للإقتصاد عن غيرها. من ذلك أنه قد انسحب على معامل الاسمنت التي من المفروض أن تُسخّر لإرساء البنية التحتية للنهوض بالإقتصاد الوطني وفي حد أدنى كان بالإمكان التذرع بالمصادقة على اتفاقية مدريد لإحداث شبكة طرقات لتمرير بضائعهم تكريسا لمقولة دعه يفعل دعه يمر للحيلولة دون التفويت في معامل الاسمنت .
و في مدار ثان كانت تونس مرشحة لخوض معركة المنافسة بقطاع الإسمنت لأنّ معامل الاسمنت الأوروبية أصبحت عجوزا وكلفة تعويضها أعلى بكثير من شراء معاملنا.كما أن التفويت انسحب حتى على المنشآت التي تحقق أرباحا طائلة من ذلك إتصالات تونس التي وقع التفويت في نسبة 35 من أسهمها و كذلك « الإصرار على التفويت في مؤسستين عموميتين إستراتجيتين هما الشركة الوطنية لتوزيع النفط ) عجيل ( و الشركة التونسية للتنقيب « ( 3 ) .
-ج- ينسحب التفويت على جميع المؤسسات سواء تعلق نشاطها بالبضائع أم بالخدمات، وفي هذا الصدد بالرغم من أن القانون عدد 9 لسنة 1989 يستثني صلب الفصل 8 المؤسسات ذات الصبغة الإدارية من التفويت ويؤكد القانون عدد 74 لسنة 1996 هذا الاستثناءإلا أن اتفاقية القاطس المبرمة بمراكش في 1994/04/15 هي التي تتمتع بالعلوية تتبنى تعريفا واسعا لمفهوم الخدمات صلب صيغة توسعية تطال حتى الخدمات المسدات في نطاق ممارسة الحكومة كلما أصبح لها مساس بالتجارة وبالتالي فإذا كانت الاتفاقية تدرك مدار نشاط الحكومة فمن باب أولى وأحرى أن تشمل المؤسسات ذات الصبغة الإدارية كلما انزلقت في ميدان الخدمات التجارية من ذلك المستشفيات التي أصبحت تتمتع بتسيير مالي مستقل و مجال الصحة عموما، كما يمكن أن تشمل التعليم العالي حيث أن القانون التوجيهي الذي تزامن مع مناسبة خمسينية الجامعة العمومية قد فتح الباب أمام الخصخصة صلب الفصل 23 فتدرك المنشآت العمومية ذات الصبغة التربوية و أيضا الخدمات القانونية مثل التحكيم المنظم بمقتضى القانون عدد 42 لسنة 1993 الذي لا يدخر مساسا بصلاحيات القضاء ...
و الجدير بالملاحظة أنه سرعان ما وقع إبرام اتفاقية القاطس ، حتى تولى المشرع سن القانون عدد 102 لسنة 1994 الذي بمقتضاه أخضع البنوك وشركات التأمين ذات مساهمة عمومية للتفويت، إلا أن التفويت للأجانب في مثل هذه المؤسسات قد بدأ إنجازه في حين أن المفاوضات حول ميدان تطبيق اتفاقية القاطس لا تزال جارية إذ انطلقت منذ شهر جانفي 2008 وهي المفاوضات التي تتعلق بقطاعي الفلاحة و الخدمات في حين أن العديد من البلدان الشمالية قد عادت إلى التاميم بعد إنهيار النظام المصرفي العالمي .
د التفويت يمكن أن يكون كليا أو جزئيا فيما يتعلق بمساهمات الدولة في منشآتها و ذلك على معنى الفصل 24 من قانون عدد 9 لسنة 1989 الذي يسمح بتفويت كل عنصر يمكن أن يشكل و حدة إستغلال مستقلة و هو الأمر الذي يفتح المجال أمام ممارسة الإفراق و هو ما يكرسه قانون عدد 74 لسنة 1996 ، فتتفتت المؤسسة الإنتاجية إما بالإفراق أو المناولة أو باللزمة ...
-2- المخاطر المنظورة:
أ- المخاطر على الصعيد الوطني :إن التفويت في المؤسسات العمومية خاصة للأجانب والتي تمثل العصب الاقتصادي باعتبار أنها تكون قطاعات إستراتيجية ينال من السيادة الوطنية ( 4) و المساس بها مسؤولية الجميع طبق الفصل 15 من الدستور الذي يحمّل «كل مواطن واجب حماية البلاد والمحافظة على استقلالها وسيادتها وعلى سلامة التراب الوطني» ذلك ان التفويت للأجانب يحول دون تحقيق تنمية وطنية مستقلة .
فالسيادة كل لا يتجزأ ، بحيث أن الوهن الذي يصيب الاقتصاد بفعل التفويت للأجانب له بالغ الأثر على المجتمع وفي مقدمته العمال و لا يمكن فصل الإقتصادي عن السياسي و الثقافي، وكلها مكونات للسيادة الوطنية وليس فقط مساس بسيادة الدولة .فالإستثمار في ظروف معينة يفتح بوابة الإستعمار كما أكد ذلك الشهيد فرحات حشاد . وفي هذا الصدد يمكن الإستئناس بالحكم الذي صدر عن القضاء المصري والهادف الى إلغاء تصدير الغاز إلى إسرائيل و ذلك خلال شهر نوفمبر 2008.
و في مدار ثان قد ورد بالوثيقة الاستراتيجية الصادرة عن الاتحاد الأوروبي سنة 1986 والمعنونة الشراكة الأوروبية المتوسطية (5) تحذير من التوتر الاجتماعي المتولد عن عملية الحوكمة (Gouvernance) المصطلح يعني أحكام القبضة على المؤسسات الاقتصادية الاستراتيجية، وهو التوتر الذي قد يظهر خلال النقلة النوعية نحو الأسوء للوطن العربي والأوطان الأخرى، وبالتالي فإن نهج إعادة الهيكلة هو بمثابة سايس بيكو ثانية تتعلق بتقسيم الإقتصاديات بدلا عن تقسيم الأوطان .ونشهد تحولا في مركز القرار من الدولة / الأمة / إلى الشركات العابرة للقارات و من يقبع خلفها .إن التفويت للأجانب هو نفي للتنمية مفهوما و بناء.
- ب - المخاطر على الصعيد الإجتماعي :إن الفصل 31 من القانون عدد 9 لسنة 1989 يسمح للمنتفع من التفويت بشراء الأسهم في حدود 50 بقيمتها الإسمية ، فالهوّة كبيرة بينها و بين القيمة الحقيقية و ذلك بفعل تراكمات العمل الذي يخلق فائض القيمة و بهذه الصفة يكون التفويت بأثمان بخسة فيبدد المؤسسة ، هذا بالإضافة الى قانون المالية لسنة 1986 الذي» يطهر «المؤسسة فتقع المساهمة في تمويل التطهير بمحصول بيع الأسهم التي تملكها الدولة .
كما أن عملية إعادة الهيكلة تنتفع بالعديد من الإمتيازات الجبائية بصفة مباشرة بواسطة قانون المالية لسنة 1986 و بصفة غير مباشرة بواسطة الإعفاءات المتعددة و التخفيضات المختلفة طبق الفصل 30 من قانون 1989 و التي تحرم ميزانية الدولة من موارد مهمة في المقابل، فإن المنتفع بالتفويت يشهد ثراء فاحشا يساهم في تكريس الفوارق الإجتماعية و تعميقها .
إن التفويت و خاصة منه الذي ينتفع به الأجانب لهو مساس بالنظام العام القانوني لأنه لم يكن نتاج استفتاء ينجر عنه مساس بالنظام العام الإجتماعي جراء تفاقم البطالة و يعمق الهوة بين الطبقات الإجتماعية وذلك بنسف حق الشغل الذي ينبغي ربطه بالتفويت في المؤسسات الإقتصادية و غيرها للأجانب، فينجر عنه بالضرورة تقليص ذريع لمواطن الشغل و قد تندرج أزمة الحوض المنجمي في هذا النطاق .
-3- تفعيل الممكنات الإجتماعية :
ينبغي تقديم تناول المسألة في بعدها الوطني هدفا على غاية الاصلاح الاجتماعي .
-أ -السعي إلى تشريك العمال في أمر المؤسسة:على الصعيد التحتي ينبغي تشريك العمال في تسيير المؤسسة بما في ذلك ممارسة المراقبة قصد الحفاظ عليها من سوء تصرف قد يؤدي الى اندثارها وذلك من خلال تنقيح مجلة الشغل باستعادة الصيغة القديمة للفصل 157 التي أسست لجنة تدرس - بطلب من النقابة - حالة المؤسسة واستعادة الصيغة القديمة للفصل 161 أيضا التي خوّلت للجنة الاستشارية مباشرة اختصاصات واسعة في الميدان الاقتصادي، إذ كانت تقع « استشارتها في المسائل التي تهم تنظيم المؤسسة و تمكينها من المشاركة التدريجية في إدارتها ونموها» وهي الصلاحيات التي ألغاها مشرع 1994، وبفضل ثقافة عمالية متجذرة يمكن إدراك التسيير الذاتي و ذلك تواصلا مع جامعة عموم العملة التونسية بقيادة الزعيم محمد علي الحامي .
أما على الصعيد الفوقي فينبغي السعي إلى تنقيح الفصل 335 من م . ش قصد استعادة الصيغة القديمة التي أسندت صلاحيات واسعة للجنة الوطنية للحوار الاجتماعي وهي صلاحية إبداء الآراء في المسائل ذات الصبغة الاجتماعية و»بصفة أعم في جميع ما يهم العملة ...» وهي الصيغة التي ألغاها مشرع 1996 و التي تمكن من الخوض في المنظومة التشريعية خدمة للعمال سيما أن تركيبتها ممتازة إذ كانت تشكل من وزراء و ممثلي العمال ... ويمكن التحاور حول مسائل عديدة من ذلك إدراج العنصر النقابي في تركيبة لجنة التطهير وهو المغيب بالأمر عدد 410 لسنة 1997 أو حول المقاييس التي يحددها كراس الشروط المتمثلة في العرض المالي بإدراج الحفاظ على مواطن الشغل طبق الأمر عدد 2280 لسنة 2000.
-ب-نشر ثقافة إقتصاد تعاوني إجتماعي أسوة بالتعاونيات التي سعى مؤسسو الحركة النقابية الى بعثها يمكن نشر هذه الثقافة من خلال الآليات المنصوص عليها صلب القانون عدد 9 لسنة 1989 مثل تفعيل أحكام الفصل 29 الذي يمنح الأجراء والأجراء القدامى عند التفويت في المنشآت العمومية الامتيازات التالية:الأولوية في شراء الأسهم واقتناء أسهم بسعر منخفض ويدرك الأمر حد توزيع أسهم بصفة مجانية عليهم.
تفعيل الفصل 33 ثانيا والثامن من القانون عدد 102 لسنة 1994 المتعلق بتنقيح قانون عدد 9 لسنة 1989 المتعلق بأسهم الامتياز التي تحدثها الدولة في المنشآت قبل التفويت فيها فتكون غير قابلة للبيع أو للإحالة، وهي الأسهم التي تخول لها أن تكون ممثلة في مجلس الإدارة وبالتالي تمكنها من توجيه السياسة الاقتصادية العامة صلب المؤسسة.
ويمكن تفعيل الاقتصاد التعاوني الاجتماعي ايضا في القطاع الفلاحي بمقتضيات الفصل 16 من القانون ع21دد لسنة 1995 الذي يتولى حصر استغلال الأراضي الدولية الفلاحية بوجه الانتفاع على الوحدات التعاضدية للإنتاج الفلاحي و ذلك خلافا للفصل 30 من القانون ع25دد لسنة 1984 والذي نص بعد تنقيحه على تمكين المتعاضدين والعمال القارين من حق الانتفاع على الاراضي الدولية الفلاحية بصفة انفرادية.
ولعل هدف المشرع يكمن في الحفاظ على التعاضديات وحدة بشرية لتعوّد العمال و المتعاضدين على العمل الجماعي و على اللحمة التي نشأت بينهم و وحدة مادية وذلك بالحفاظ على معدات الانتاج الى جانب الأرض لأن العامل او المتعاضد الذي كان في امكانه الانتفاع بمقسم بمفرده قد يعسر عليه شراء المعدات اللازمة بمفرده. إن حصر التمتع بحق الإنتفاع في الوحدات التعاضدية يمثل تكريسا لمفهوم الاقتصاد التعاوني الإجتماعي تواصلا مع مشروع التعاونيات التي عمد مؤسسو الحركة النقابية إلى احداثها لكن قد يكون موقف المشرع قد إنتابه إرتباك لماّ تولى التنقيح بمقتضى القانون ع48دد لسنة 1996 وفتح المجال مجددا أمام الإستغلال الفردي على وجه الإنتفاع من قبل الفنيين المتخرجين من مدارس التكوين الفلاحي و الفلاحين الشبان المكترين لأرض دولية فلاحية، الأمر الذي يضع هؤلاء امام صعوبة جدية لشراء معدات بصفة إنفرادية و كان على المشرع أن يشترط في هذا المضمار على التمتع بحق الإنتفاع لهؤلاء تكوين تعاضديات خدمات .
ويشهد حق الملكية تجزئة ، اذ تحتفظ الدولة في النشاط الفلاحي بحق الرقابة و يتمتع الجانب الآخر - سواء كان جماعة او افرادا - بحق الانتفاع و بذلك فإن هذه الصبغة قد لا تتنافى مع تأميم الأراضي الفلاحية على معنى قانون 1964 و تحتفظ الدولة بحق فسخ عقد الإنتفاع في صورة إخلال بجدوى برنامج الإحياء و التنمية طبق أحكام الفصل 3 من قانون 1984 وتضمن هذه الصيغة الحيلولة دون تكريس بيروقراطية مقيتة و مضاعفة الإنتاج مساهمة في تحقيق الأمن الغذائي .
وفي مدار أشمل سواء تعلق الأمر بتشريك العمال في رأس مال المنشأة العمومية موضوع تفويت أو التمتع بحق الإنتفاع في القطاع الفلاحي مهما تعددت اوجه الاستغلال فهو التوجه الذي يمكن أن يساهم في مجابهة العولمة من منظور وطني عسى أن يساهم في تحقيق تنمية وطنية مستقلة .
وختاما يمكن القول أن أخطر أمر في تمشي الخصخصة و خاصة التفويت للأجانب هو تمرير منهجية التطبيع مع المحتل في الوطن العربي. فماهي مظاهره و أهدافه؟
------------------------------------------------------------------------
الهوامش :
1 وقع تناول هذا الموضوع في شكل محاضرة ألقاها الأستاذ الهادي الشمانقي على منبر الإتحاد العام التونسي للشغل خلال الندوة التي أقيمت أيام 27 و 28 و29 مارس 2008.
-2 إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس و عهد الأمان : إبن أبي الضياف. الجزء الرابع ص: 270. الدار التونسية للنشر ، تنص القاعدة الحادية عشر من عهد الأمان على : « إن الوافدين على إيالتنا من سائر أتباع الدول لهم أن يشتروا سائر ما يملك من الدور و الأجنة و الأرضين مثل سائر أهل البلاد ... «
-3- جريدة الموقف عدد 473 المؤرخة في 2008/11/21 : إفتتاحية رشيد خشانة
-4- رسالة مفتوحة نشرت بجريدة الشعب عدد 650 المؤرخة في 2002/03/30 : الهادي الشمانقي
-5- الحكم الصادر عن القضاء الإداري المصري .
-6- Partie 1 article A P 19: Ce développement sera essentiel pour fovoriser une gouvernance plus dynamique dans un environnement plus ouvert et risque dautant plus vital que des tensions sociales pourraient apparaitre au cours de cette periode de transition.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.