بالتنسيق بين قسم التكوين النقابي والتثقيف العمالي وبين الاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة، انعقدت يومي 25-24 مارس 2009 الندوة التكوينية الجهوية حول «أيّ دور للنقابات في ظل الواقع الراهن؟»، وقد واكب فعالياتها أربعون (40) مشاركا أعضاء هيئة إدارية جهوية وكتاب عامون للنقابات الأساسية وقد رحّب الأخوان عياد الطرخاني الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل وخالد العبيدي مسؤول التكوين بالجهة بالحاضرين وإعتبرا الندوة مناسبة لفهم الأزمة المالية العالمية وتدارس تداعياتها الاجتماعية من ناحية وتقييم نتائج الجولة السابقة من المفاوضات الاجتماعية من ناحية أخرى وإبراز دورالنقابات في إرساء مقوّمات العمل اللائق من جهة ثالثة. ونيابة عن الأخ عبيد البريكي الأمين العام المساعد المسؤول عن التكوين النقابي والتثقيف العمالي، أبرز منسق القسم حرص البرنامج التكويني الوطني على استهداف النقابات الأساسية بالدرجة الأولى بالتكوين باعتبار ما تضطلع به من مهام على مستوى المؤسسة، ومن تعزيز للانتساب ودفاع في الأطر النقابية عن مطالب منظوريها وخياراتهم ودفاع عن الاتحاد وخياراته المقررة بصفة ديمقراطية، كل ذلك تعزيزا للنضال الميداني بالتكوين، متوقفا عند محتويات برنامج محمد علي الحامي للتكوين. فعاليات الندوة كانت المداخلة الأولى للأستاذ حسين الديماسي حول « الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وتأثيراتها الاجتماعية» اعتبر في مستهلها بأن هذه الأزمة وليدة مسار أفضى بداية من الثمانينات إلى تحولات تدريجية في وسائل الإنتاج، حيث تم شيئا فشيئا الاستعاضة في الدول التي تعتبر قاطرة الاقتصاد العالمي عن التقسيم الفني للعمل القائم سابقا على التايلوفوردية وعلى الجهد العضلي والوسائل الميكانيكية بطاقة رهيبة في الإنتاج أساسها الروبوتية، حيث ساعدت هذه التكنولوجيات الجديدة على التخلّص من ضغط النقابات والتخلص من جزء هام من العمال اعتمادا لمبدإ المنافسة. هذا وقد شفعت المداخلة بحوار تمحور حول البدائل الممكنة في ظل هزيمة الرأسمالية وتأكّد مقولة «بأنها تحمل بذور فنائها في ذاتها»، وبأنها نمط إنتاج لا إنساني، بحيث يتعين الانخراط الحثيث في العمل على إعادة توزيع الثروة بصفة تحقق العدل الاجتماعي وبذلك يتحقق تحرير العمال وتحرير الشعوب قاطبة من الاستغلال، وقد اعتبر بعض المشاركين بأن مبادرات بعض دول أمريكا اللاتينية والمتمثلة في تأميم الطاقة والأراضي الزراعية. أما فيما يتعلق بالبديل المالي الإسلامي فقد اتفق المحاضر والمشاركون بأنه قد يكون أشدّ استغلالا من النظام البنكي الحالي باعتباره يتقاضى عمولة عن دراسة المشاريع التي سيتولى تمويلها، وكثيرا ما كان ذلك أكثر إجحافا للمقترضين من الفائدة الراجعة للبنوك في معاملاتها الحالية، بل وكثيرا ما يستغل البنك الإسلامي حاجة المستثمر إلى المال فيقترح عليه تنزيله شريكا في المشروع خاصة إذا بينت الدراسة أنه من المشاريع المربحة، ويقايض على ذلك من أجل إدراك هذه الغاية. هذا وقد التأمت خلال الحصة المسائية ورشتان تكوينيتان حول « العمل اللائق « من حيث مفهومه وشروطه وأشكال الحماية المتّصلة به وركائزه ودور النقابات في إرساءه نشّطهما الأخوان: رمزي الزغدودي وتوفيق الذهبي. أما اليوم الثاني من الندوة فقد شهد مداخلة للأخ عبيد البريكي حول «تقييم الجولة السابعة من المفاوضة الاجتماعية تعرض خلالها إلى مرحلة إعداد المفاوضين في القطاعات الثلاث قصد مدهم بالمؤشرات الاقتصادية من ناحية وضبط الجوانب الترتيبية التي يتعين التركيز عليها وخاصة من ذلك ما تعلق بالانتداب الوقتي والعقود محدودة المدة والحق النقابي وساعات التكوين في القطاع الخاص أو فض الإشكالات العالقة منذ المفاوضات السابقة في القطاع العمومي أو التركيز على مسألة الحق النقابي وحماية المسؤول النقابي في قطاع الوظيفة العمومية مذيلا مداخلته بالتساؤلات التالية: - هل أن ما تحقق يستجيب لطموحات الأجراء؟ هل كان ذلك وليد نضالات أم كان ناجما عن قدرة النقابيين على خوض المفاوضات أم نتيجة عوامل موضوعية أخرى أم هي إفراز لكل التفاعلات السابقة؟. - ما هي تداعيات الزيادات الخصوصية؟ وإلى أي حدّ أسهمت في توحيد الصف النقابي؟ ألا يمكن التوفّق إلى صيغ أخرى حول المسائل الخصوصية للقطاعات؟ ورشة العمل اللائق: انطلقت الورشة بتعريف العمل اللائق الذي يختزل طموح البشرية قاطبة في الحصول على عمل منتج بأجر مناسب يحقق للعامل ولأسرته عيشة تليق بكرامته البشرية، وضمان الاستقرار في العمل وتأمين الحماية الاجتماعية، وتحسين آفاق الترقية المهنية والاندماج الاجتماعي وكفالة حرية التعبير والتنظيم والمشاركة في صنع القرار والمساواة في المعاملة دون اعتبار للجنس أو اللون أو العرق أو المعتقد. وقد لفت المشاركون الانتباه بأن مفتاح النقابات لفرض العمل اللائق هو الحوار الاجتماعي بمعناه الواسع أي الحوار الذي يفتح الباب أمام مناقشة كافة القضايا بما فيها قضية التشغيل واستنتجوا بأن النقابات مدعوة اليوم إلى النضال من أجل فرض التصديق على الاتفاقية 144 والمتعلقة بالحوار الثلاثي وآليات تعزيز تطبيق معايير العمل. وفي مرحلة ثالثة، تطرّق أعضاء الورشة إلى الاتفاقيات الدولية الملزمة والتي تعتبر الحقوق الواردة فيها حقوقا مؤسّسة لبقية الحقوق الضامنة للعمل اللائق مؤكدين بأن الصبغة الإلزامية لهذه الاتفاقيات لا ينبغي أن تحمل النقابات على الركون إلى الراحة بل بالعكس فواجب النقابات يقتضي النضال بلا هوادة من أجل تكريس تلك الحقوق الدنيا في مستوى أول والعمل بكل حزم على فرض أشكال الحماية المتّصلة اتصالا وثيقا بالعمل اللائق.