ليس أمامنا الان سوى البكاء والانتحاب والعويل ألما وحرقة ولوعة على صرح هوى، ولن نخجل من رفع أصواتنا لان المصاب جلل والكارثة أكبر من أن تتحملها عقولنا. وسوف لن نكتفي بالنواح والصراخ بل سنزيد على ذلك بشيء من اللطم وندب الخدود بل لعل هول الفاجعة ووقع المصيبة يتطلب منا اقامة مواكب عزاء حيث ما وجد أنصار المنتخب الوطني بعد مهزلة الموزمبيق نحن اليوم سنتحدث عن النجم الساحلي الذي أضحى أضعف وأسقم وأهزل فرق البطولة، وباتت الهزائم والكبوات تقليدا وقاعدة وعرف في حين النجاح ونغمة الفوز والنصر إستثناء ونادر الحدوث لست أبالغ ولا أهول ولا أبحث عن الاثارة الفارغة ولا أتجنّى مجانيا وحدها الارقام تجزم أنّ النجمة أفلت واضمحلت حيث تكبّد الفريق ستة هزائم والموسم لم ينتصف بعد ثم كان الإنسحاب التراجيدي والمأساوي منذ الدور الاول للكأس بل الادهى والامر ان النجم أمس يتلقى الدروس في كرة القدم من المرسى والشبيبة ومازمبي ومونوتابا فماذا يخبئ المستقبل المنظور والبعيد من نكسات ونكبات أخرى لماذا هذا الغلّ والغطرسة والعنجهية والتشفي؟ بكلّ بساطة لانّ إدريس وزمرته شاؤوا سقوط النجم ومعاناة الجماهير في سادية مقيتة ألا تعلم هذه الهيئة أنّها أصبحت عائقا وجدارا عازلا أمام أي نهوض للفريق؟ واللّه لقد عيل صبرنا وأصابنا اليأس والاحباط والقنوط لدفعها وإجبارها على الاستقالة! ما العمل وهم مصمّمون على إستكمال مخططهم الرامي إلى إغراق الفريق في براثن الإنكسارات وبحر الخيبات وضرب مكاسبه السابقة والنيل من انجازاتها السابقة التي تحققت بفضل رجالات بررة تعاهدوا على حبّ النجم مع التفاني في خدمته والوفاء والولاء له وحده إنّي أراهن ان هؤلاء المسؤولين كلهم سعادة وبهجة وهم يشاهدون ما صنعت أيديهم الآثمة بهذا المكسب الوطني الهام الذي لطالما شرف الكرة التونسية ورفع رايتها عاليا في المحافل الدولية وهو يصاب بالجمود والسكتة القلبية اني متأكد أنهم لن يستقيلوا ولن يتنحوا رغم أنّه مطلب جماهيري وشعبي لانهم يجهلون أن الابتعاد عند الاخفاق شرف وفضيلة وحكمة ولانهم يحسبون النجم شركة وملكا خاصا لهم مطلق الحرية في التصرف فيه فقط أريد أن أذكّر هذه الشلة بانكم لم تبلغوا تلك المناصب بالانتخاب والارادة الجماهيرية الحرّة وصناديق الإقتراع بل أنتم مجرّد متطوّعين تم تعيينكم لصيانة الامانة فإذا بكم تعبّثوون وتعيدوها أشواطا كبيرة الى الوراء ورغم ذلك تتشدّقون بضرورة انهاء المدة النيابية وترفضون الاقلاع مع اننا نبوس القدم والتراب لو أعلنتم الفرار وأريد أن أحيطكم علما بأنّه في جميع أصقاع المعمورة يستقيل المسؤول حتى لو كان منتخبا في حالة فشله في تحقيق ماهو مطلوب منه، وفي بلاد أخرى يقف المسؤول أمام محاكم الرأي والضمير فيما لو تقاعس عن تحقيق الأهداف التي إلتزم بها، لا تحويل يوم الحساب إلى حفل يتبارى فيها المتواطئون على تقديم معلقات الشرف، بل إنّ الفشل يدفع أحيانا بصاحبه الى الإنتحار لإحساسه بالتقصير في أداء مهامّه.. لهذا كلّه ليس لدينا غير الرثاء وذرف الدّموع وهيئة الحكماء تعجز عن فك طلاسم الإنهيار وتنفّذ إنقلابا منقوصا في مسعى لإنقاذما يمكن إنقاذه، لكن لأول مرّة لن أكون ديمقراطيا لاول مرة سأتحدّث بلغة الطغاة والمستبدين الذين يحكمون بالحديد والنّار لاول مرة سأكون قاسي القلب عاري المشاعر، لا ثوابت ولا مبادئ تحكمني لأعلن: كم كنّا نودّ لو كان إنقلابا كاملا يقصي نهائيا المتخاذلين كم كنا نأمل لو تمّت الإطاحة بكلّ رموز (؟) وعناوين الأزمة الطاحنة ولفظهم خارج حضيرة القلعة الحمراء والبيضاء التي أصبحت مطمع كلّ المتكالبين على الشهرة والتمعّش والتكسّب، كم كنّا نحلم لو كانت خطوة كاملة ضمن مبادرة حاسمة يوقف الندوب النّازفة والجراح الغائرة ويضع حدّا لمهزلة مستمرة في فصول أشدّ بؤسا وعنفا، كم كنّا في شوق الى موقف نبيل، مشرّف من زعامات الفشل والإهانات كان سيسجّله لهم التاريخ وهم يستوعبون من خلاله تدخل هيئة الحكماء ويعلنون مسؤوليتهم في ما يحدث من تردّ مرعب ويغادرون غير مأسوف عليهم كم كنّا نمنّي النّفس بصحوة ضمير قطعان المرتزقة من لاعبي الهانة والغلبة ليقفوا على كمّ الجرائم والخطايا التي لا تغتفر في حقّ فريق ابعدهم عن رصيف البطالة والعطالة (!) ومن براثن الفقر والحرمان إنتشلهم، وبسخاء كبير أغدق عليهم الخيرات. ولكنهم قابلوا الجميل والإحسان بالكفر والجحود والرقص على كرامة الفريق المهدورة بالحفلات الصاخبة والماجنة في العلب الليلية والنزل الفاخرة أيّ صنف هذا الذي يتسلّح بكلّ آليات المكر والخداع والنّفاق لنهش جسد الفريق ولم يبخل بحبّة عرق واحدة في سبيل رؤية الجمعية راكحة، مسالمة وديعة أمام كلّ المنافسين؟ ولعلّي لا أمزح حين أقول لوجيئ بفريق من القسم الرابع لعجز نجم اليوم عن هزمه!! والآن وبعد مسخرة الكأس: الا تدينون لنا بإعتذار وإعتراف بفداحة الجرم وتكفرون عن ذنبكم بالخروج دون ان نكرهكم على الرحيل، وقبل ذلك إعادة ما سلبتموه ونهبتموه من أموال دون وجه حق، في المقابل سنغض الطرف عن حصيلة الغنائم الأخرى؟؟ إنّنا بقدر ما نثمن عاليا إلتئام شمل العائلة الموسّعة للنجم وعلى رأسها الدكتور حامد القروي ونبارك عودة جنيّح وسموه على الأذى الذي لحقه من هيئة إدريس.. وكل رجالات النجم المجتمعين الذين برهنوا مرّة أخرى على حبّهم للفريق إلاّ أنّ نتائج هذه الهبّة كانت مخيّبة للآمال لأنّ القرارات المنبثقة عنها كانت بمثابة الفرار من الرصاص تحت الرصاص، ومن الظّلام بالجري في الظلام، لأنّها أشعلت نار الخلافات، وأجّجت الحريق وأصبحنا إزاء حرب ثنائية القطنية بين شق يتبجّح بالشرعية وطرف جاء بموجب شبه انقلاب: بحيث استشعر إدريس وجماعته الخطر سلطة القرار وباتت الكراسي الوثيرة على المحك، أمّا السيد كمون وفريقه فيحوز على صلاحيات واسعة لوقف عجلة التدهور وبالمحصلة حصل الصدّام وتفاقم التصدع وإستفحل الانقسام وإشتدّ الصراع بين الجبهتين ومن نتائجه تداخل المسؤوليات وتضارب القرارات وتعارض في التوجهات والمخططات، وتقاطع في التصريحات.. وبطبيعة الحال لم يؤثر أحدا المصلحة العليا للجمعية التي أصبحت تتجاذبها التيارات وتتقاذفها الامواج ولا تدري على أيّ الشواطئ ترسو لهذا لما أكدت على أن هيئة الحكماء، لم تفعل سوى تخفيخ الوضع لم أجانب الحقيقة والصواب: من ذلك قرار إقالة أو إستقالة الإطار الفنّي فبالنّسبة لإدريس إقتنع مؤخرا أنّ لطفي رحيّم ومساعده قيس الغضبان ليسا في حجم النجم وقد لازمهم الفشل في كل المحطات وبالنسبة للطفي رحيم الذي بالغ في تقديم الوعود الرنّانة قبل إنطلاق الموسم وذهبت كلّها أدراج الرياح نعم كان عليه الاستقالة منذ الفشل الفاحش في بطولة إفريقيا بيّد أنه صمد وتمسك بمنصبه وهنا أسأل هذا المدرب هل كان الامر يتطلب كل هذا الاذى وهذا القدر من الهزائم والاخفاقات لتقتنع أنّك لست الربّان المنشود؟ أما الهيئة الجديدة فيبدو أنّها لم تستخلص الدّرس ولم تعتبر من هذه التجربة، وإلاّ ماهي المعايير والقواعد التي إعتمدتها في اختيار الفنّي الجديد؟ لماذا الإصرار على الوقوع في نفس المطبّ والخطأ؟ أيّ خبرة أو تجارب أو شهائد وديبلومات لديها لتحويل خريف النجم الى ربيع مزهر؟ أيّ قدرة لهؤلاء للسيطرة وفرض الانضباط والقضاء على التسيّب الذي أصبح عقيدة راسخة لدى نجوم الورق والكرتون ودفع رحيم ثمنها باهضا حين عجز عن ردع تجاوزاتهم والتصدّي لشطحاتهم وعوض الشدّة والحزم حضر اللين والمهادنة؟ ألم يفشل خالد بن ساسي سابقا مع النّجم حين أخذ فرصته كاملة في عهد جنيّح؟ ثم ألم تلاحظوا إكتفاءه بدور الكومبارس وهو في حالة شرود وذهول لما كان مستقبل المرسى يعبث بفريقه؟ ألم تسجّوا هرولته الى وسائل الاعلام دون أدنى إحترام لمشاعر الجماهير ليقول: اللّه غالب!؟ وهل يرضى الله بما يجري؟ لماذا تصغير النجم وتحجيمه وتقزيمه؟ لماذا لم يتدخل هذا الفنّي ليطلب من المثلوثي القليل من الجديّة في التصدّي لركلات الترجيح وهو يشاهده يرتمي خمس مرات في نفس المكان والمرسى تسجّل كل الضربات في الزّاوية الأخرى؟ هل أن عملية الاختيار هذه تمّت وفق مقاييس علمية أم خضعت للعلاقات العامة والمصالح والأهواء الشخصيّة؟ وماهي بقيّة أهداف النجم هذا الموسم بعد الخروج خالي الوفاض من كل المسابقات؟ وهل الثنائي بن ساسي والمكشر هو الأنسب لتحقيقها مع أنّه سقط في أوّل إمتحان جدّي؟ أليس النجم في حاجة إلى فنّي ذا إسم وسمعة كرويّة عالية، وعلى كفاءة كبيرة وصاحب تجربة وشخصيّة قويّة وقادر على الاسهام في النهوض بمستوى الفريق ضمن إطار من التخطيط المستمرّ طويل الأجل؟ وماذ لو تواصل مسلسل الانهيار وأصبحت الهزائم بتعريفات عريضة، هل سنقيل هذا الثنائي وندفع به ككبش فداء ونمسح فيه خطايانا وتخبّطنا؟.. من جهة أخرى نلاحظ أن إستراتيجية الهيئة الجديدة أو هكذا بدا لنا تقوم على العودة الى أبناء النجم وتشريكهم في المسؤولية، وهذا توجه محمود ومطلوب بعدما لحقهم من ضيم وظلم وتهميش في العهد الإدريسي ولكن هذه المصالحة يجب أن تكون حذرة ومنتقاة لانّ البعض ممّن تمت إعادتهم الى موقع المسؤولية لم يثبتوا سابقا أيّة أهلية، ولئن نأمل أنّهم تغيّروا، فإنّ المشروع لايجب أن يكون سبيلا لتسلّل الخائبين والمتهافتين أو من الذين ثبُتت إساءتهم للنجم، بالتوازي مع هذا وأمام الجهود التي يبذلها الربّان الجديد، يفاجئنا سلفه بالحديث عن عجز مالي قيمته مليارين! سبحان الله ! من فائض بمليارين لطالما تغنّت به »فرق المقاهي« حتى أصابنا الصمّ الى عجز خيالي هل نحن يا سيدي في هذا الوقت العصيب بحاجة الى هذه المسرحية سيئة التأليف رديئة الاخراج؟ هل هذا موعدا مناسبا للمزاح وإطلاق النكات والنّوادر؟ نحن نعلم أنّك مناور كبير وتجيد الضّحك ملئ الشدقين في الشدائد، ولكن آعذرنا لسنا من ذلك النّوع فهل صرفت مبلغ أربعة مليارات في انتداب نيفاز أم دروغبا أو حتى إينيرامو؟ هل شيّدت ملعبا أم نزلا أو قاعة جديدة لمصلحة النجم؟ أم تراك بذّرتها في تحبير المقالات وكتابة اليافطات التي لا تمتّ للرياضة بصلة والتي تفضح حقيقة طموحك وإتخاذك النجم مجرّد مطيّة لبلوغه؟ أما اذا تأكد هذا العجز فإننا نطالب بمحاسبة حقيقية. بقي أن نشير الى أنّ النجم لم يرتكب أيّة جريرة حتى يستحقّ هذا المصير ويواجه هذا الجموح الهيستيري لكنسه من الخارطة الرياضية. فالرجاء إحترموا عقولنا وتذكروا شموخنا وعزّتنا تذكّروا وراعوا حقّنا في أن يكون لنا فريق ولاعبون نفرح بأدائهم ونفخر بانتصاراتهم بدل ان ندفن رؤوسنا في الوحل كلّ هذا الوقت وتخيّم خلالها اليأس والهزيمة والكآبة كل هذا الزمان، إنّنا نؤمن على عكس المتآمرين أن نجما آخر ممكنا ولأجل ذلك يجب أن تنصبّ كل الجهود فلا مجال للتقاعس والتواكل لأنّ الخطر الجاثم على فريقنا أكبر من أن يتحمّله طرف واحد أو أن يختزل في بضع وعود وإصلاحات شكلية وهشّة تؤبّد الأزمة، فالمشهد حزين جدّا وقاتم جدّا، والجمهور ملّ سنوات الجمر، فالرجاء شيء من الرحمة وقليل من الحياء.