ما إن ولجت قدماي مدخل قاعة الدرس في حدود الثانية بعد الزوال من يوم الثلاثاء 15/12/2009 حتى وجدت تلاميذي واقفين و علامات التأثر بادية على وجوههم، هممت بالسؤال و لكن أحد التلاميذ يرفع إصبعه و يقول: أستاذ رجاء أن نأخذ دقيقة صمت على روح ابن تونس البار الشاعر و الجامعي جعفر ماجد. لبيت الطلب و قد سكنني التأثر لموت هذا الرجل الذي أعطى الكثير للساحة التعليمية و الثقافية داخل البلاد و خارجها و لهذا الموقف الأبي لأبنائي التلاميذ و قد تعرفوا في بداية السنة الدراسية على هذا الرجل من خلال قصيدة "عصفور الصباح " تناولناها بالشرح في حصة النصوص و عهد لهم بحفظها ضمن حصة المحفوظات. ما إن خلصنا من قراءة فاتحة الكتاب حتى فوجئت بما هو أعظم و رددت في نفسي بأن ما جاء في الأثر " الخير في و في أمتي حتى قيام الساعة" لم يكن منطوقا عن الهوى حقا فقد استأذنت مني تلميذتي الخروج إلى السبورة و انتصبت واقفة تقرأ علينا: " هذا الشاعر الذي وافاه الأجل المحتوم نهار أمس قد أحببناه حينما درسنا قصيدته " عصفور الصباح" من ديوان "الأفكار" التي أهداها إلى ابنه مروان في عيد ميلاده الرابع و قد تغنى فيها بالأبناء و دورهم العظيم في إدخال البهجة على حياة الوالدين مروان يا طربي مروان يا شغبي حسبي و حسبك حب غير ممنون أعطيتني كل ما تحلو الحياة به و لم تزل بسخاء الطفل تعطيني أعود للبيت أتعابي منوعة حتى أراك فألقيها و تلقيني كما أشعرنا من خلال قصيدته بأننا معشر الأبناء غاية المنى و أننا زينة الحياة الدنيا حيث أنشد: أظل طفلا صغيرا رابعا معكم فأشتهي لكم ما تشتهي عيني هذا نصيبي و هذا في الدنى قدري و ذاك حظ من الأيام يكفيني" رحم الله شاعرنا و طيب ثراه و ما رحيله عنا إلا حيل الجسد و لنا مع روحه زورات من خلال مجموعاته الشعرية: نجوم على الطريق، و غدا تطلع الشمس، تعب و كتابه محمد النبي الإنسان.