حبنا لتونس لا يقبل المزايدات.. تونس هي الثدي الذي أرضعنا والأكسيجين الذي تنفّسناه وهي بدايتنا ونهايتنا ولذلك لا نرتضي من أحد ان يزايد عليها.. نقول هذا الكلام وقد عشنا بكل اعتزاز ونخوة فرحة انتخاباتنا الرئاسية والتشريعية التي جاءت نتائجها شفافة وان حاول بعض الازلام وأولى أمرهم تلطيخها بقذارة أفعالهم وأقوالهم. هل لهم غير هذا الصنيع؟ وقد ألفناهم يرقصون في دوائر البرجوازية اليسارية الفرنسية يأكلون الكافيار ويحتسون الخمور؟.. ما هكذا نمارس السياسة عند مطلع ثورتنا دأبت تونس على تركيز مجتمع جمعياتي متنوع يحتوي تيارات فكرية وحقوقية وقوى سياسية مختلفة تنشط بكل حرية داخل الوطن وفق ما يقتضي القانون. وما يجلب الإنتباه هو أن بعض إطارات هذه المنظمات انتقلت لتتعاطى نشاطا خارج وطننا، فمنهم من كان ينشط داخل حزب سياسي ومنهم من كان يعمل داخل منظمة حقوقية مرموقة، لكن للأسف تحول الى مرتزق خدمة لمصالح أجنبية... كان من الأجدر له أن يناضل في منظمته داخل وطنه، أفضل من التباكي على أعتاب أبواب السفارات الأجنبية والجمعيات الحقوقية العالمية حاملا معه راية «الحريات» لكن كشفناه وغايته وبقي عاريا باكيا لأن طرحه ومطالبه ليست مرتكزة على نبالة مبتغاه بل لجني منة رخيصة... تجار كلام... يبيعون ويشترون الإجتماعات بلغة فاسدة لا علاقة لها بجدية الطرح لكن الغاية منها المس من كرامة الوطن لا غير. إعتاد هؤلاء «الصبايحية» ترويج الأراجيف وابتداع التهم وذلك بالتنسيق مع إعلام العكري لتشويه صورة الحزب الحاكم والقيادة العليا لكن للاسف نوثق في هذه الفترة أن بعض وسائل الإعلام الفرنسية قامت بحملة تسويقية شعواء تساندهم دون موجب تثبت بعيدا عن نواميس العمل الصحفي الموضوعي ونتسائل في هذا السياق أما كان حريّ بها أن تكنس أمام ديارها قبل أن تلقننا دروسها. فيوم15 أكتوبر 1963 وقع تتويج كفاح طويل من أجل الإستقلال والسيادة... ويصعب اليوم إيجاد الكلمات المناسبة للتعبير عما يحصل لأولئك الذين عاشوا معركة الجلاء ببنزرت والتي لا تزال آثارها عالقة بأرواحهم وأجسادهم أولئك الذين عاشوها والذين شهدوها ففي الوقت الذي كنّا ننتظر فيه أن ترتفع الأصوات بفرنسا مطالبة باعتذارات لعائلات المناضلين ارتأت بعض وسائل الإعلام الفرنسية في آخر يوم للحملة الإنتخابية تنظيم هجمة على ديمقراطية شابة وهي تحتفل بالإنتخابات وذلك بسبب أشخاص بعيدين كل البعد عن الوطنية والديمقراطية.. يصرّون على إلحاق الأذى بوطنهم وأبناء وطنهم المتشبّثين برئيسهم والأوفياء دائما وأبدا لاختياراته ومبادئه، وفي الحقيقة فإن الذاكرة المتحجّرة لوسائل الإعلام تلك والتي تنصّب نفسها لإعطاء دروس للعالم أجمع إنّما تعيد للأذهان الفصول العديدة التي تجعل من ذاكرة الجنوب ذاكرة مجروحة وهي لا تفعل ذلك إلا استجابة لأصوات تنعق من أجل التخريب والأذى عبر وسائل الإعلام الأجنبية.. لم تجد كيفية لاسترعاء الإنتباه إلا بادّعاءات وافتراءات عن غياب الحريات والديمقراطية بل وحتى بالقول ان تونس ديكتاتورية ووصف شعبها ب«المضطهد» لهؤلاء نقول استفيقوا فالتونسيون لم يعودوا أولئك البسطاء الذين يعيشون على رضاء الآخرين ومنهم يتلقّون الدروس.. على أن الأمر يختلف عندما تفتح باريس ذراعيها للنشطاء والمناضلين من أجل حقوق الإنسان لتجزيهم وتشجّعهم وهنا فقط نصفّق لتونس فهؤلاء يحملون الأمل لنا ويعطون الدفع لرفع المزيد من التحديّات الديمقراطية.. ومازلنا نتساءل إذا تعلم الفرنسيون من ثورتهم التنويرية درسا سنة 1789 وقادتها عصابة اليعقوبيين ضد الملكية المطلقة ليقوضها بعد سنوات قليلة الإمبراطور نابوليون بعد إغتصاب للحكم ترك بها أثرا تاريخيا أليما على شعب فرنسا على أنقاض الجماجم ودماء الأبرياء ليدوس مخربا لأوروبا ويولي وجهته نحو مصر العربية... كلنا نعلم نهايته... ومن1789 الفرنسي الى 1987 التونسي قرنين من الزمن عاشت خلالها فرنسا حربين عالميتين عادتا عليها بالدمار في حين كان تاريخنا عبرة من تاريخهم إذ لم تقم ثورتنا على حساب دماء أبناءنا وعلى خراب بلدنا بل قامت من أجل الحفاظ على موروثاتنا ودعم انجازاتنا التي مازلنا نعمل ونكد من أجل تعزيزها حتى لا ننتظر من أحد أن يلقي علينا دروسا أو كيف سنعلم أبناء تونس التغيير اصطياد الأسماك من مياهنا النظيفة