أكد رئيس الحكومة المؤقتة مهدي جمعة في حوار تلفزي مساء اليوم الإثنين 3 مارس 2014 ان أولوية الحكومة هي إجراء انتخابات نزيهة وشفافة قبل موفى السنة الحالية مبيناً انه التقى رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في مناسبتين بعد توليه مهامه وان الحكومة خصصت تسبقة ماليّة للهيئة قيمتها 10 ملايين دينار إضافة إلى تخصيص مقرّ مركزي وتعيين مخاطب وحيد للهيئة حتى يساهم في تذليل كلّ الصعوبات وتيسير التعامل مع الإدارة. وعن وعن سؤال حول خارطة الطريق المنبثقة عن الحوار الوطني والعلاقة بالمجلس الوطني التأسيسي، أوضح جمعة ان الحكومة لها استقلاليّتها وتتحمّل مسؤوليّتها في أخذ القرارات وفي نتائج تلك القرارات مضيفاً ان حكومته جاءت بشرعيّة انتخابيّة من خلال الثقة التي منحت لها من طرف المجلس الوطني التأسيسي وشرعيّة توافقيّة، ومشدداً على ان أن حكومته ملتزمة بخارطة الطريق ومتعهّدة بها. وفيما يتعلق بتعيينات الولاة، أفاد رئيس الحكومة ان التغيير شمل أغلبيّة الولاة وأن الاختيار تمّ على أساس الكفاءة والحياد و الاستقلالية ونظافة اليد موضحاً ان عمليّة تغيير الولاة كانت صعبة نظرا لضيق الوقت وصعوبة وجود الكفاءات المطلوبة. وأشار إلى أن عمليّة تغيير المعتمدين والعمد سوف تكون أصعب وستعتمد كذلك معايير الكفاءة والاستقلاليّة والنزاهة وهي نفس المعايير المطبّقة على التغييرات في الدواوين والوزارات علماً وأنّ التأخّر النسبي للتغيير في الدواوين يعود إلى ضرورة مع التعرّف الوزراء على الطاقم العامل معهم، وفق تعبيره. على صعيد آخر، شدد جمعة على ان السياسة الخارجية تضبط بتنسيق تامّ وتشاور مع رئيس الجمهوريّة المؤقت مفيداً أنّه سيؤدّي خلال هذا الشهر جولة إلى ستة دول خليجيّة إضافة إلى زيارة باريس وواشنطن وذلك لتنشيط الديبلوماسيّة الاقتصاديّة والعمل على تعبئة موارد إضافيّة للدولة. ونفى نفياً مطلقاً ما تمّ تداوله عن وجود قاعدة عسكريّة أمريكيّة في الجنوب التونسي على خلفيّة الرّبط بين الحوار الاستراتيجي مع الولاياتالمتحدة الأمريكيّة والوجود العسكري قائلاً أن تونس في تنسيق تامّ مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة. من جهة أخرى، اعتبر رئيس المجلس الوزاري ان الأوضاع الأمنيّة سائرة نحو التحسّن نظراً إلى التطور الكبير في الاستعدادات الأمنيّة لمواجهة خطر الإرهاب وذلك من خلال التنسيق بين مختلف الوحدات الأمنيّة والعسكريّة، لافتاً النظر إلى ان الدولة نجحت في تجاوز تهديدات كبيرة كان هدف المجموعات الإرهابيّة منها تقويض الدولة، داعياً الجميع إلى مزيد اليقظة والتهيّؤ باعتبار أن الإرهاب قادر على التجدّد. وأردف بالقول ان التونسيّين الموجودين في سوريا يمثلون خطرا حقيقيّا على أمن البلاد والدولة تعمل على إيجاد استراتيجيّة لمجابهة هذا المشكل. وحول تحييد المساجد، بيّن جمعة أنّه هناك خطة مرسومة واضحة لإعادة السيطرة على جميع المساجد وذلك بالتنسيق بين عدّة وزارات منها وزارة الداخليّة وأن الخطة انطلق تنفيذها فعليّا لاستعادة حوالي 150 مسجدا خارج عن السيطرة وشدّد أنّه يرفض أن تكون المساجد مكانا للترهيب الفكري. وبخصوص رابطات حماية الثورة أبرز أنّ فيها أقسام وتصنيفات متعدّدة بين ما له وجود قانوني ويرتكب تجاوزات وبين ما له وجود قانوني ولكن لا وجود له في الواقع وبين أشخاص يتحدّثون باسم هذه الرابطات مؤكداً أن سياسة الحكومة في هذا الملف هي أنّه لا أحد فوق القانون مع ضرورة احترام السلطات للقانون ولحقوق الإنسان. وأقرّ جمعة ان الوضعية الاقتصادية للبلاد صعبة ويمكن ان تصبح حرجة إذا لم يتمّ اتخاذ اجراءات عاجلة مبرزاً ان الدولة كانت تستثمر ما يقارب 4.3 مليار دينار منها 1.8 مليار دينار موجّهة إلى التنمية لكن منذ ثلاث سنوات تعطلت الاستثمارات وهو ما صعّب المهمّة مشيرا أنه اليوم عوضا أن نستثمر نستهلك. ولفت النظر إلى المديونيّة هي في حدود 50 بالمائة والدّعم بين سنتي 2010 و2013 تفاقم بنسبة 270 بالمائة أمّا قيمة كتلة الأجور فقد فاقت 60 بالمائة من ميزانيّة الدولة وذلك نتيجة الانتدابات الكبيرة التي عرفها قطاع الوظيفة العموميّة، موضحاً ان المنوال التنموي هو منوال اعتمد على القروض التي بلغت 23.5 مليار دينار وهذه القروض ذهبت خلال ثلاثة سنوات إلى الدّعم وخلاص كتلة الأجور، ومعتبراً أنّه يجب إعادة النظر في منوال التنمية وتشجيع المبادرات الوطنيّة في الاستثمار والتشغيل وتفعيل الإصلاحات الهيكليّة. وقال رئيس الحكومة ان الحكومة ستعتمد على الاكتتاب الداخلي في مساندة كلّ التونسيّين وسوف تكون أوّل المساهمين مضيفاً ان فريقه الحكومي مطالب بإجراءات عاجلة لتنشيط الاقتصاد والتسريع في التنمية وهيكلة الاقتصاد رغم الفترة الوجيزة. وأضاف انه سوف يكون هناك حوار وطني حول الاقتصاد كاشفاً انه ستكون هناك إجراءات عاجلة خاصة في الجهات من خلال تسريع نسق المشاريع المعطلة التي بلغت 250 مشروعا وأنّ الولاة الجدد سوف توكل لهم مهمّة تنموية بالأساس من خلال متابعة التنمية في الجهات. وقال جمعة ان الدولة سوف تشجّع على خلق مواطن شغل عبر المبادرة وتشجيع المؤسّسات الصغرى من خلال القروض والتشجيع على الاستثمار الخاصّ، مجدداً تأكيده أن الدولة ستتحمّل مسؤوليّتها ومطالبا الجميع من أحزاب وجمعيّات ومنظمات بالعمل لحلحلة الوضع والمساهمة في تنشيط الاقتصاد. وكشف انه سوف يقوم باتّصالات كبيرة لجلب الاستثمارات من خلال الزيارات المتتالية للدول الصديقة والشقيقة. أمّا بالنسبة للبنوك فبيّن أن اشكاليّتها نابعة من سوء التصرّف وأن الحكومة تقوم بعمليّة تدقيق للبنوك العموميّة لتحسين مردوديّتها وإعادة هيكلتها مشيراً إلى انه سيتم اتخاذ إجراءات لدعم المؤسّسات العموميّة التي تعاني من خسائر هامّة. من جهة أخرى توجّه جمعة بالشكر لكلّ القوى الأمنيّة والعسكريّة للخدمات التي يقدّمونها سواء في إطار مكافحة الإرهاب أو مكافحة الجريمة المنظمّة أو غيرها، مضيفاً أن المؤسّسة الأمنيّة بصدد إعادة التهيكل والدولة تعمل على تحسين التجهيزات من خلال تخصيص أموال من الميزانيّة.