قالت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين إن "الكم الهائل من الانتهاكات التي رصدتها اللجنة يستلزم تحقيق العدالة الانتقالية، لأن طي صفحة الماضي دون حساب -كما يطالب البعض- لن يساهم في تحقيق الانتقال الديمقراطي ولن يقود البلاد لتفادي تكرار الأخطاء التي وقعت خلال عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي". وأضافت بن سدرين، في حوار مع قناة الجزيرة بثّ يوم أمس الجمعة 24 جوان 2016، أن الهيئة استقبلت أكثر من 65 ألف شكوى، قرابة 60% منها تتعلق بحقوق الإنسان مثل الإختفاء القسري والاعتداء البدني ومنع حرية التعبير والقتل العمد والانتهاكات الجنسية، و40% منها تتعلق بالفساد المالي بكل أشكاله، كما تلقت شكاوى من ثلاثين جهة وحزبا تشتكي من تعرضها لاضطهاد أو تمييز من أبرزها الاتحاد العام للشغل والأقلية اليهودية والأقلية السوداء والأقلية الأمازيغية. وأقرت بأن الهيئة لم تجد في بداية عملها تواصلا واستجابة من مؤسسات الدولة، لكنها مع مرور الوقت بدأت في التعامل مع الهيئة التي نجحت بالحصول على الموارد المالية التي تمكنها من تحقيق عملها. وعن خلاف الهيئة مع رئاسة الجمهورية، أوضحت بن سدرين أن المشكلة لم تكن مع رئاسة الجمهورية بل مع النقابات الأمنية العاملة هناك، التي رفضت السماح بنقل الأرشيف الرئاسي والاطلاع عليه، وبعد تدخل رئيس الجمهورية تمكنت الهيئة من إبرام اتفاق يسمح لها بنقل الأرشيف الرئاسي إلى مقر الأرشيف الوطني والاطلاع عليه. وأشارت إلى أن وزارة الداخلية ما زالت بمثابة صندوق أسود بالنسبة للهيئة، إذ إن الهيئة لم تتمكن حتى الآن من الاطلاع على أرشيف الوزارة، وهي تسعى لمساءلة بعض عناصر هذه الوزارة. وكشفت بن سدرين عن تلقي بعض أعضاء الهيئة تهديدات من جهات في الدولة العميقة رفضت تسميتها، من أجل وقف عمل الهيئة أو تجاهل بعض الملفات والانتهاكات، لكن تلك الجهات توقفت بعد أن أدركت أن الهيئة مصرة على مواصلة عملها مهما بلغ حجم التآمر عليها، على حد تأكيد بن سدرين. وردا على اتهامات وسائل الإعلام وبعض القوى للهيئة ولها بعدم الحياد، قالت بن سدرين إن "الحياد المطلوب في لجنة الحقيقة هو القدرة على مواجهة الفساد والاستبداد، لأن هدف هذه اللجنة هو إنصاف الضحايا، وعندما يتعلق الأمر بمبادئ حقوق الإنسان فنحن غير محايدين". وأكدت أن المكلف العام بنزاعات الدولة سلمهم أكثر من 685 ملف فساد في مؤسسات الدولة وهياكلها، معربة عن أسفها لما تبين لهم من أنه لا توجد إدارة واحدة لم يصبها الفساد بسبب غياب الرقابة والمحاسبة، منبهة إلى أن أبرز مواطن الفساد تمثلت في البنك المركزي وإدارة الجمارك. ودعت موظفي الدولة الذين شاركوا في تمرير أو دعم عمليات فساد للحضور إلى الهيئة والإدلاء بشهادتهم حول آلية عمل ماكينة الفساد في البلاد، مقابل وقف الدعاوى القضائية بحقهم. ونفت أن تكون الهيئة تعاملت بسطحية في ملف سليم شيبوب صهر الرئيس المخلوع، مشيرة إلى أن الإجراءات تقتضي أن يقوم رجال الأعمال الراغبون في التصالح مع الدولة بالتقدم بطلب للهيئة التي تعقد جلسة استماع لهم يعترفون فيها بأخطائهم ويتعهدون بتقديم اعتذار رسمي للدولة وإعادة الأموال التي حصلوا عليها دون وجه حق، وبعد ذلك تقوم الهيئة بإرسال ملفاتهم إلى المكلف العام بنزاعات الدولة الذي يقرر إذا كانت الدولة تقبل التصالح مع ذلك الشخص أم لا. وأضافت بن سدرين أن الذي يدفع سليم شيبوب وغيره من أقارب بن علي ورجال الأعمال الفاسدين للتوجه للهيئة، هو رغبتهم في وقف الملاحقات القضائية بحقهم.