طلب القاضي إخراج كل الحاضرين من الدائرة الجنائية ما عدى المحامين، كتبتهم، أقارب طرفيْ النزاع و استثنائيا الصحافيين - لحسن الحظ - فقضية الحال فيها تعد على الأخلاق الحميدة، مصطلح إجتماعي زئبقي الدلالة و لكن الفقه القانون قد حاول حصره و تحديده. المتهم الماثل أمام القاضي ليبيّ الجنسية، قارب السنة الثلاثين من عمره. قدم إلى تونس مطلع السنة الماضية لهدف يبدو وحيدا و هو علاج والده الذي بقي في المصحة بينما اكترى المتهم لنفسه منزلا. و مع مرور الأيام تعرف إلى بعض الناس حتى أصبحوا أصدقاء حتى جاء يوم اقترح عليه أحدهم مرافقته إلى أحد المطاعم، المعروفة بناحية المنزه و التي توفر الكحول، لقضاء وقت ممتع. الطعام و المرح و الكحول و الموسيقى الصاخبة جعلت المتهم يبحث عن مزيد من المتعة فذهب بصره و عقله النصف غائب إلى فتاة كانت جالسة قبالته مع صديقها فبدأ، حسب ما روته هي و النادل في محضر البحث، بالتحرش بها جنسيا من خلال قبلات وحركات و إشارات أخرى و أمعن في ذلك. و مع حلول الثالثة صباحا تقريبا، خرج صديقها لإحضار سيارته استعدادا للمغادرة فيما توجهت هي إلى دورة المياه لقضاء حاجة بشرية. فاستغل المتهم الفرصة و لحق بها و حاول خلع الباب الذي كان مغلقا، حسب روايتها، و تمكن من الدخول فأمسكها من شعرها بعنف و حاول تقبيلها رغما عنها بكل وحشية فأرادت هي مقاومته بلكمه على وجهه و خدشه بأظافرها مما سبب له خدوشا وأثار غريزة العنف فيه أكثر فجعل يده في جسدها يحاول خلع ملابسها، بينما كانت تصرخ بأعلى صوتها استنجادا، ومع اصراره على الإعتداء وضع يده على أكثر مواضع جسدها حساسية وحاول فتح قفل سروالها. الموسيقى حالت دون سماع الناس لصرخاتها التائهة التي كانت تقمع بيد ذكر قوي البنية لولا أنه لحظ وافر دخل النادل صدفة إلى دورة المياه فسمع صرخاتها وتوجه إلى المعتدي يثنيه عن فعله حتى تشابك معه فصار للحادثة صخب نبّه رجلا تدخل لعون النادل والإمساك بالمعتدي ثم كان الاتصال بالشرطة التي حضرت و ألقت القبض عليه. هذه هي الواقعة حسب رواية الشاكية التي أكدت أنها عاشت عشرة دقائق من رعب مع شهادة النادل و عون الحراسة. المتهم لدى مثوله أمام باحث البداية أنكر الوقائع المذكورة و التهم المنسوبة إليه و أكد أنه لم يلتحق بالمتضررة بالمرّة و لم يراودها بل صديقه هو الذي التحق بها بينما لم يصدر منه أي من الأعمال أو الإعتداءات المزعومة و تمسك بتصريحاته عند المكافحة و أمام القاضي كذلك و أضاف أن النادل قد حاول سرقته صحبة الرجل الآخر و قد تشابك معهما للدفاع عن نفسه و استرجاع ماله. وبعد تلاوة القاضي لقرار دائرة الإتهام و استنطاق المتهم طلبت النيابة العمومية المحاكمة حسب منطوق الفصل 228 من المجلة الجزائية ثم أذن القاضي لمحام الدفاع بالترافع الذي أكد على تضارب شهادة المتضررة مع شهادة النادل مما يبطل الشهادتين حسب ما أكدت عليه محكمة التعقيب في قرارين جزائيين، كما اعترضت على قول دائرة الإتهام بأن الأفعال عن قصد و نية سابقة و نفت القصد الجنائي لعدم معرفة المتهم للمتضررة و لا لمكان الواقعة من قبل و طلبت من المحكمة عدم سماع الدعوى لعدم توفر الأركان القانونية للجريمة كما طلبت بصفة عرضية الإفراج المؤقت عن منوبها. و بإعطاء الكلمة للمتهم فوض أمره للمحكمة.