راكمت الحركة الحقوقية التونسية منذ عقود رصيدا نضاليا في دفاعها عن الحريات العامة والفردية ولعبت دورا متقدما في تمهيد الطريق لتشكل وعي مواطني واسع نجح منذ ستة سنوات في الإطاحة بالاستبداد ثم في فرض دستور جديد للجمهورية الثانية شرّع للحرية وأقر احترام حقوق الإنسان السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية ووضع مقومات دولة القانون والمجتمع الديمقراطي التعددي. لأجل ذلك يبقى استكمال مسار العدالة الانتقالية ضروريا حتى تحفظ هذه الذاكرة ونضمن عدم عودة اي شكل من أشكال انتهاك حقوق التونسيين وتبقي اليقظة المواطنية الضامن الأهم أمام اي انتكاسة عن مكتسبات الحرية التي حققتها ثورة الكرامة. وبقدر ما يأتي إحياؤنا لذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان استمرارا لهذه المسيرة الطويلة للنضال الحقوقي والمدني فإننا حرصنا على إعلاء صوت الحركات الاجتماعية المناضلة من أجل الحق في الشغل والأجر اللائق والحق في الخدمات الاجتماعية والتنمية العادلة بعد أن تتالت الوعود وطالت الانتظارات وزادت معاناة الفئات المحرومة والمهمشة وضغطت كلفة العيش على الطبقة الوسطى. نفتتح اليوم 5 ديسمبر في ذكري اغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد والذي نقف إجلالا لروحه الخالدة أسبوع التضامن مع الحركات الاجتماعية لنختتمه يوم 10 ديسمبر ذكرى صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بتجمع عام أمام مجلس نواب الشعب لنعلن بذلك عن إيماننا الراسخ بأن معركة حقوق الإنسان و المواطن التي تسكن الضمائر الحية لا تتجزأ وان معركة نيل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتي لا بد أن نخوضها تحتاج إلي وحدة كل القوى المدنية والاجتماعية وإلي التفاف شعبي حقيقي حول مطلب الديمقراطية الاجتماعية والعدالة بين الجهات. ويهم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية من خلال هذه التظاهرة أن: يعبر عن رفضه لكل اشكال الملاحقات الأمنية والمعالجات القضائية والقمع الأمني الذي تتعرض له الحركات الاجتماعية والاعتصامات السلمية والتحركات الميدانية في العاصمة والجهات الداخلية للمعطلين والمفروزين أمنيا ويدعو الحكومة إلى احترام الحق في التعبير والتظاهر السلمي والتخلي عن المعالجة الأمنية للمطالب الاجتماعية المزمنة. مطالبة الحكومة بتجسيد التزاماتها الدستورية بضمان حقوق التونسيين جميعا دون تمييز وبوضع خطط تنموية عاجلة للجهات الداخلية وهو ما يستوجب خطوات جريئة في محاربة جادة للفساد وتأهيل للإدارة والمرفق العمومي وإقرار عدالة جبائية فعلية والعمل على مراجعة الخيارات الاقتصادية والاجتماعية الفاشلة. إسناده ومناصرته لكل الحركات الاجتماعية والبيئية والمواطنية في كل الجهات وخاصة في المناطق الداخلية والمهمشة في نضالها من أجل حقوقها ومواطنتها وكرامتها ويدعم مكانتها ودورها في إرساء ديمقراطية تشاركية محليا جهويا ووطنيا وفي تجسيد بدائل تنموية في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني قادرة على خلق الثروة وتوفير مواطن الشغل والمساعدة على النهوض بالجهات الداخلية. يدعو كل القوي النقابية والاجتماعية والوطنية إلى تعبئة طاقاتها استعدادا للذكري السادسة للثورة من أجل فرض منعرج الانتقال الديمقراطي الثاني الضامن للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وللحوكمة المحلية التي أقرها الدستور الجديد وتكفلها المواثيق الدولية لان النجاح الفعلي للتجربة الديمقراطية التونسية لا يقف عند حدود التوافقات السياسية للنخب الحاكمة بل يحتاج إلى اعتراف بحقوق التونسيات والتونسيين في العيش الكريم وتجسيد فعلي لذلك عبر سياسات عمومية ناجعة.