تونس (وات- تحرير عبد الباسط الفريضي) - تستعد حركة النهضة، أكثر التشكيلات السياسية تمثيلا في المجلس الوطني التأسيسي، والحزب الذي يقود الائتلاف الثلاثي الحاكم بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011، لعقد مؤتمرها التاسع لأول مرة بصفة علنية وعامة في تونس بعد أن كانت محظورة لأكثر من ثلاثة عقود. جملة من القضايا الأساسية سيناقشها المؤتمر الذي ينطلق الخميس ويتواصل على مدى أربعة أيام أبرزها طرح تصور الحزب للدولة التونسية ولنظامها السياسي ومسألة التوافق والتحالفات السياسية في هذه المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد، وفق ما صرح به لوكالة تونس افريقيا للانباء رياض الشعيبي رئيس لجنة إعداد المؤتمر الذي أشار إلى وجود رغبة في الرقي بهذه التوافقات إلى مستوى التحالف الاستراتيجي "على اعتبار الحاجة إلى ديمقراطية توافقية تستوجب تحالفات طويلة المدى" على حد قوله. المؤتمر الذي سيفرز قيادة الحزب للمرحلة القادمة يلتئم تحت شعار "مستقبلنا بأيدينا" ويأتي بعد استكمال تجديد المكاتب المحلية والجهوية ال 261 للحزب وانتخاب ألف و103 مؤتمرين سيناقشون أربعة لوائح هي اللائحة العامة التي ستحدد وجهة الحركة ورؤيتها للمستقبل وقراءتها للمرحلة وللوضع السياسي العام بالبلاد واللائحة السياسية التي ستبرز وجهة نظر الحركة للعملية السياسية إلى جانب اللائحة المجتمعية التي ستتناول رؤية الحركة للمسألة الاجتماعية واللائحة الداخلية التي ستحدد الإطار العام لمؤسسات الحركة وعلى ضوئها ستستكمل بناءها القانوني والتنظيمي من قانون أساسي ونظام داخلي. واعتبر حمادي الرديسي أستاذ العلوم السياسية أن أهم المسائل المطروحة على المؤتمر وعلى الحركة بشكل عام في ظل ما أسماه "الشح في البرامج التي تؤثث اللوائح ومضامينها" هو في قدرة الحركة على الخروج من سيطرة العقدي المؤسس على المنهج الأصولي في ثوابته العقدية والفقهية الصارمة وفي إعادة صياغة المشروع الإسلامي على نحو يراعي المتغيرات ويقبل بالاختلاف. ورغم إقراره بأن الحركة استطاعت أن تحافظ على نوع من التماسك بين مختلف مكوناتها، أكد الرديسي على ضرورة فهم التوازنات داخل هذا الجسم السياسي متسائلا هل أن عودة ما أسماهم "ديناصورات الحركة" في إشارة إلى شمام وكركر ومورو "هو بغاية لم الشمل فقط أم هو إعادة اعتبار لهم ولما تمثله مرجعياتهم". على أن أهم معطى وجبت مناقشته بحسب الرديسي هو مسألة التداخل بين الحزب والدولة وهل تستطيع قيادات الحزب الممثلة في الحكومة الفصل في هذه العلاقة ؟ من جهته يعتبر اعلية العلاني الجامعي المتخصص في الحركات الإسلامية بالمغرب العربي ان المطروح على المؤتمر، أربعة تحديات كبيرة أولها القطع مع الفكر الشمولي المطلق كما تضمنته وثيقة الرؤية الفكرية والمنهج الأصولي الذي لايزال إلى الآن المستند الإيديولوجي للحركة وهو مالايتماشى برأيه مع المضمون السياسي الذي تتحدث عنه الحركة سواء فيما يتعلق بمدنية الدولة أو الديمقراطية. أما التحدي الثاني فهو ضرورة الارتقاء بالخطاب السياسي والتوجه به فعلا نحو توافق حقيقي يقلص التنافر بين مكونات المشهد السياسي في القضايا الكبرى والأساسية. ويتمثل التحدي الثالث في قدرة الحركة على إقناع الرأي العام بما أسماه "الحدود بين الفضاء الديني والفضاء السياسي حتى لاتتكرر مشاهد العنف والفوضى التي نسبت إلى بعض التيارات الدينية الراديكالية والتي أرجع البعض أسبابها إلى "رخوة أمنية "على حد تعبيره. أما التحدي الرابع فيتمثل برأيه في الحسم في مسألتي "الدعوي والسياسي للحزب"، متسائلا "هل ان الحركة ستترك المسألة الدعوية لجمعية خاصة وتهتم فقط بالحراك السياسي وتداعياته ام ستبقي على هذه الثنائية التي لن تساعد على طمأنة الرأي العام وإقناعه بالطابع السياسي والمدني للحزب". يذكر ان المؤتمر التاسع للحركة الذي سبقته خمس مؤتمرات سرية في تونس سنوات 1979 و1981 و1984 و1986 1989 وثلاث بالمهجر سنوات 1995 و2001 و2007 يأتي بعد حصول الحركة على تأشيرة العمل القانوني في 1 مارس 2011 .