باردو (وات) - لم يصادق أعضاء المجلس الوطني التأسيسي في جلسة يوم الخميس على الفصل الأول من مشروع القانون الأساسي المتعلق بالهيئة الوقتية للقضاء العدلي مما أسقط كامل المشروع المعروض للتصويت وإقرار إعادته إلى لجنة التشريع العام النظر فيه من جديد. وعلى غرار الجلسات السابقة، لم تخل جلسة يوم الخميس من سجالات ومجادلات بين الكتل النيابية، بسبب عدم المصادقة على الفصل الأول ومن هناك مجمل المشروع، واتهام أطراف لأخرى بكونها تقف وراء هذا الفشل وعدم حصول الفصل الاول على الاغلبية المطلقة (109 أصوات) مما أدى إلى رفض كامل المشروع. ولفت بعض الأعضاء إلى ما يمثله رفض هذا المشروع من إهدار للوقت وضياع لفرصة إجراء حركة نقل القضاة والنظر في ملفات ترقيتهم وتسمية الجدد منهم في كنف الشفافية والوضوح، ملمحين إلى أن هذا الرفض قدم "هدية ثمينة للسلطة التنفيذية لمواصلة وضع يديها على السلطة القضائية"، حسب ما جاء في تدخلات عدد من أعضاء المجلس. وأرجع اخرون رفض المشروع إلى عدم تشريك القضاة في إعداده وفي تعنت بعض الأطراف في الإعتراف باستقلال الهيئة، حيث اعتبر كل من محمد الطاهر ايلاهي (كتلة الحرية والكرامة) والفاضل موسى ومحمد الحامدي (الكتلة الديمقراطية) أنه "لا حرج أو خوف من التنصيص صراحة ضمن المشروع الذي تم رفضه على استقلالية الهيئة" متوجهين باللوم إلى نواب حركة النهضة "لرفضهم غير المبرر لهذا التنصيص". وفي موقف آخر رفض نواب حركة النهضة هذا الإتهام مؤكدين أنهم لا يقفون حجر عثرة أمام مبدأ التنصيص على استقلالية الهيئة المؤقتة. كما نفوا عنهم كل تأويل يلصق بهم مسؤولية إفشال تمرير المشروع حيث قال الصحبي عتيق في هذا السياق "إن الحركة تبحث عن تحقيق التوافق داخل المجلس لتمرير مشاريع القوانين الأساسية خدمة للصالح العام وللوطن وعلى الجميع الوعي بذلك لأنه يصعب عل أي طرف لوحده الحصول على الاغلبية اللازمة للمصادقة على المشاريع". واعتبر نواب آخرون أن فشل حصول الفصل الاول من المشروع على الاغلبية المطلقة الذي انجر عنه إسقاط كامل النص المقترح "يكشف التصدع داخل البيت الداخلي للثلاثي الحاكم" وهو ما نفاه رئيس المجلس مصطفى بن جعفر. وفي ختام الجلسة شدد وزير العدل نورالدين البحيري، على أنه لا مصلحة للوزارة في وضع يديها على الجهاز القضائي، من منطلق الإيمان بأن في ذلك "تنكرا لمبادئ الثورة وللمسار التحديثي الذي تم الاتفاق عليه بعد الثورة". وقال في السياق ذاته ٌ"إن الوزارة حريصة على أن تكون الهيئة المؤقتة والمجلس الأعلى للقضاء المقبلين سيدا أنفسهما" داعيا المجلس التأسيسي للاسراع بالنظر في المشروع المقبل للهيئة حتى يتسنى القيام بحركة النقل وقرارات الترقيات والتسميات الخاصة بالقضاة الجدد في أفضل الظروف وضمانا لحقوق الجميع. كما حث الوزير أعضاء المجلس على وضع الخلافات السياسية على جانب خلال النظر في المشروع القادم للهيئة نظرا لكون قرارهم "يعكس مدى التزام المجموعة الوطنية بالتأسيس فعلا لسلطة قضائية مستقلة". وسجلت الجلسة عديد الاحتجاجات على طريقة التصويت على مبدأ تعديل الفصول حيث اعتبر عدد هام من الأعضاء أنها جاءت "مخالفة للطريقة السابقة للتصويت" وسط اتهامات لبن جعفر بانحيازه للترويكا على حساب المعارضة. ودعا رئيس المجلس التأسيسي في خاتمة الجلسة، رؤساء الكتل إلى اجتماع يعقد الجمعة عل ى الساعة الواحدة بعد الزوال لتداول حول الحلول الممكنة لتجاوز المأزق الذي آلت إليه مناقشة مشروع القانون المتعلق بالهيئة الوقتية للقضاء العدلي.