تونس (وات)- عبر توليفة فريدة بين المقامات العربية ونغمات "الجاز"، خاطب الفنان التونسي "ظافر يوسف" وجدان الجمهور الذي غصت به مدارج مسرح قرطاج الأثري في اختتام الدورة 48 للمهرجان، فكان عرض السجال الجميل بين الآلات الموسيقية لتسود المسرح هالة من التفاعل الخلاق مع هذه المنمنمات الوجدانية التي أحدثتها موسيقى "الجاز الصوفي". فقد ضرب الجمهور ليلة الأربعاء موعدا مع خواطر موسيقية تخفت تارة وتتصاعد طورا بين أنامل موسيقيين من تونس وهولندا وتركيا وألمانيا وسويسرا واستونيا في توليفة ابتدعت نفحات موسيقية أغرقت بالجمهور الحاضر في فيافي الصوفية على وقع "آلة العود" و"القانون" و"البيانو" وآلات الإيقاع الغربية. وتصمت جل الآلات بين الفينة والأخرى ليدخل الفنان "يوسف" في حالة مناجاة صوفية هي كالترتيلة الجنائزية أو الكنائسية تتجلى عبرها سواكن الروح لتسافر بالجمهور إلى عوالم تنقطع به عن اليومي والمعتاد. هي حالة روحانية عاشها "ظافر يوسف" ليلة الاربعاء على الركح هو ومن يصاحبه من الموسيقيين، فكان العرض عبارة عن خواطر فنية ارتكن فيها "يوسف" إلى نفحات "الحلاج " وأشعار "أبي نواس"، فكانت هذه الوجدانيات الصوفية مفتاح العرض ووسطه وقفله، تدور في فلكه من البداية الى النهاية، انفتح العرض على جماليتها لينغلق على متعتها. فهو عرض تجاوز أن يكون حشدا لآلات موسيقية متباينة ليؤسس لفضاء موسيقي وطقوس فنية خرجت عن النموذج الموسيقي السائد أضحى معه هذا اللون الفني أو "الجاز الصوفي" وسيلة للتجاوز وتحقيق الكيان وتغيير العالم وإنشائه نشأة جديدة تغلب معها "ظافر يوسف" على كل سلطة، سلطة المنوال وسلطة المجتمع وسلطة الزمن.