تونس (وات) - كشف وزير المالية بالنيابة، سليم بسباس، صباح الاربعاء، بمقر وزارة المالية عن نية الدولة "التفويت في "دار الصباح" لتدخل من جديد في القطاع التنافسي"، على حد تعبيره. وذكر الوزير خلال ندوة صحفية، سادت جزءا كبيرا منها أجواء مشحونة، وحضرها محمدعلي شقير، رئيس مجلس ادارة "كرامة هولدنغ"، (المجموعة الأم المالكة لمؤسسة دار الصباح)، وعدد من صحفيي الدار، بأن تحويل هذه المؤسسة للدولة جاء تطبيقا لقرار المصادرة الذي شمل الأملاك والأصول الراجعة لمحمد صخر الماطري، صهر الرئيس السابق، بما خول للدولة ان تصبح مالكة لهذه الشركة (دار الصباح) بنسبة 80 بالمائة. وأفاد سليم بسباس ان "دار الصباح" ليست المؤسسة الاعلامية الوحيدة التي انتقلت بمقتضى قرار المصادرة الى املاك الدولة بحيث اوكل التصرف فيها الى "اللجنة الوطنية للتصرف في الاموال المصادرة"، في إشارة إلى شركة "كاكتوس" وإذاعات "الزيتونة" و"شمس آف آم" و"موزاييك" و"اكسبريس آف أم". واوضح أن "صعوبة الايفاء بالديون والقيام بالاستثمارات المستوجبة" استدعى تركيز هيكل تصرف دائم (مجلس إدارة) وتسوية الوضعية القانونية للمؤسسة ضمانا لتسييرها وفقا لما تقتضيه "مجلة الشركات". ووصف الوزير الخسائر التي لحقت المؤسسة ب"الكارثية"، قائلا إن هذه الخسائر "تهدد وتنذر بغلق المؤسسة أمام انهيار وضعيتها المالية"، مما استوجب، حسب تعبيره، تغيير الإطار الإداري المشرف، في نطاق تسوية قانونية للشركة، بما يضمن مواصلة نشاط ها والإيفاء بتعهداتها وديونها. واضاف في هذا المضمار، ان غاية الدولة من التفويت في المؤسسة، هو تأمين دخولها من جديد في القطاع التنافسي، سيما أن الدولة تبقى مالكا مؤقتا و"الاعلام مثل عديد المجالات الحيوية الأخرى" يعتبر من القطاعات التنافسية القابلة للتفويت. ولفت الى أن الوضع المالي الخطير للمؤسسة هو الذي استوجب اتخاذ اجراءات "بصفة استعجالية" على مستوى التصرف المالي تحقيقا "للتنقية القانونية والاجتماعية" للمؤسسة، بما يكفل إنقاذها، مشيرا إلى ضبط برنامج، على مستوى اللجنة الوطنية للتصرف في الاموال المصادرة، يتم بمقتضاه إدراج مؤسسة "دار الصباح" في القطاع التنافسي. وفي رده على اسئلة صحفيي "دار الصباح"، حول مقاييس الأهلية للتسيير، على خلفية تسمية مدير عام جديد على رأس المؤسسة، قال سليم بسباس إن "المرحلة استثنائية استوجبت اجراءات استثنائية، أعدها مجلس ادارة "دار الصباح" ليعرضها على المالكين". وردد صحفيو "الصباح" خلال هذه الندوة الصحفية، شعارات على غرار "الحرية للصحافة التونسية" و"لا يمين لا يسار، الصحافة للأحرار" و"صامدون صامدون"، مؤكدين إصرارهم على حرية القلم والتعبير. ونددوا بالبيان الذي اصدره مجلس الادارة، وتم توزيعه خلال هذا اللقاء الإعلامي، حول وضعية "دار الصباح" معربين عن معارضتهم لما أسموه "مغالطات" وردت فيه، على اعتبار ان الوضع، حسب قولهم "ليس بالكارثي" وأن "جملة الاداءات المتخلدة بذمة المؤسسة تقدر ب900 الف دينار، وهي قادرة على خلاص ديونها وأجور العاملين بها". وعبروا عن رفضهم التفويت في المؤسسة، معتبرين ان ما اتخذ من قرارات هو من قبيل "التزييف للحقائق في سعي واضح لتدجين الاعلام وتسييسه"، وفق تعبيرهم، مذكرين في هذا المضمار باقتحام عناصر أمنية لحرم الجريدة، وبما يمثله ذلك "من تجاوز خطير وتهديد لمستقبل الصحافة والصحفيين". وأكدوا أن التعيينات لا بد ان تكون على أساس التشاور، حتى وإن كانت الدولة المالك الاكبر لهذه المؤسسة الاعلامية، باعتبار أن الاعلام يبقى ذلك القطاع الحيوي الذي يحتكم الى مقاييس مضبوطة في التسيير. وقد جاء في البيان الصادر عن اجتماع مجلس الإدارة بتاريخ غرة سبتمبر 2012 ما يلي "تبعا لانعقاد الجلسة العامة العادية لمالكي الاسهم لدار الصباح ومجلس ادارتها والتي حضرها علاوة عن كل اعضائها مراقب الحسابات المالية للمؤسسة والتي تدارست موازنة المؤسسة وقوائمها المالية للستة الاشهر الاولى لسنة.2012 فقد تبين جليا ان دار الصباح تمر بفترة صعبة جدا لم يسبق لها مثيل منذ سنة 2000 حيث لم تسجل الشركة اي خسارة وتتمثل هذه الصعوبات بتراجع ملحوظ في عديد المجالات مقارنة بنفس الفترة لسنة 2011 ونخص بالذكر منها تكاليف الاجور التي ارتفعت بقرابة 30 بالمائة بما قدره 500 الف دينار بعد الانتدابات العشوائية التي اقرتها الادارة العامة السابقة وتسجيل نتيجة سلبية بما قدره 844 الف دينار لستة أشهر الاولى فقط". وأضاف نص البيان الذي تمت الإشارة في خاتمته إلى "منع صدوره" في الصحيفة (الصباح) أنه "إذا ما استمرت الاوضاع على نفس الحال والتصرف والتسيير على نفس المنوال الذي انتهجته الادارة السابقة" فإنه "تبرز بوضوح صعوبة الايفاء بالديون أو القيام بالاستثمارات المستوجبة" بما يجعل المساهمين "عاجزين عن انقاذ المؤسسة من هذه الوضعية". على صعيد متصل عبرت النقابة الأساسية لمؤسسة "دار الأنوار" عن استغرابها لتولى جريدة الشروق بتاريح 3 سبتمبر الجاري، نشر هذا البيان الذي قالت إنه "لا يستند إلى أية وثائق قانونية، مما يعتبر خرقا واضحا لأخلاقيات العمل الصحفي"، وفق بيان صادر عن النقابة، التي عبرت أيضا عن تضامنها المطلق مع أعوان وصحفيي دار الصباح و"اعتبار معركتهم من أجل استقلالية المؤسسة والخط التحريري لصحفها هي معركة كل القطاع". كما دعا البيان كافة الإعلاميين في مختلف مؤسساتهم إلى الالتفاف حول هياكلهم النقابية والتضامن في ما بينهم، مؤكدا رفض النقابة الأساسية لدار الأنوار "كل أشكال الوصاية على المؤسسات الإعلامية والتعيينات المسقطة".