تونس 6 نوفمبر2010 //وات/تحرير فيصل الرخ// - يحتل ملف تطوير الموارد البشرية وتنمية المهارات العلمية والمهنية للأجيال الصاعدة مرتبة الصدارة ضمن الاولويات التنموية الوطنية تأسيسا على إيمان تونس الاستقلال والتغيير بأن الاستثمار في الانسان وتمكينه من أسباب حيازة العلوم والمعارف يمثل الطريق السالكة لرفع تحديات التنمية وكسب رهانات التطور والتحديث في عالم متغير متقلب يحكمه منطق المزاحمة والمنافسة. وكرجع الصدى لمنجز البلاد وثمرات خيارها الجوهري المراهنة على الإنسان غاية أولى ومقصدا أسمى للتنمية... تواترت شواهد التقدير الدولية المثمنة لمكاسب تونس في المجال وآخرها تقرير التنمية البشرية 2010 الصادر الاسبوع الجاري عن البرنامج الأممي للتنمية الذي صنف تونس فى المرتبة السابعة من بين 135 بلدا فى مجال الانجازات الانمائية طويلة الاجل وفي المرتبة 81 من بين 169 بلدا في مجال التنمية البشرية، التي تمثل قطاعات التربية والتعليم والتكوين مكوناتها الأبرز. وتواصلا مع ثوابت السياسة التنموية الوطنية في المجال وضع البرنامج الانتخابي للرئيس زين العابدين بن علي للخماسية 2009-2014 توجهات ومشاريع مدققة ستسهم قطعا فى تثمين المكاسب المنجزة فى جميع القطاعات ذات العلاقة بتطوير الموارد البشرية والتقدم خطوات جديدة على طريق بناء مجتمع الذكاء والمعرفة. وفي سياق الارادة الثابتة في الارتقاء بقطاعات التربية والتعليم والتكوين التي تستأثر بقسط هام من موارد ميزانية الدولة السنوية تتجه الجهود في هذه المرحلة لتعميق الاصلاحات الرامية الى تطوير محتوى التكوين وتحسين تشغيلية الخريجين بما يسهم فى دعم تنافسية المؤسسة التونسية فى الاسواق المحلية والدولية وتعزيز بناء مجتمع الذكاء والمعرفة. ويجري فى هذا الاطار العمل على تحسين مختلف المؤشرات التربوية والتعليمية بهدف ضمان حد معرفى ادنى لكل تونسي وتونسية والتقليص فى نسب التسرب المدرسي وتنويع خيارات التعليم امام التلميذ وتكريس التكامل بين مختلف المسالك التربوية والتكوينية فضلا عن تيسير المرور بينها وتطوير المقروئية العلمية للشهادات التونسية ودعم ادماج التكنولوجيات الحديثة فى المناهج التربوية. وضمن هذا المسار الاصلاحي المتواصل سيتم احداث مراكز امتياز بمختلف مراحل التعليم من اجل مزيد تحديث المدرسة والجامعة وتكوين نخبة وطنية قادرة على تحقيق النقلة الى الاقتصاد الجديد وارساء شراكة علمية واسعة بين هذه المؤسسات ونظيراتها فى الخارج. وعلى مستوى التعليم الاساسي والثانوي تسعى وزارة التربية الى تحيين الاطار القانوني والتشريعي واعطاء المندوبيات الجهوية للتربية صلاحيات جديدة بهدف اكساب تدخلاتها مزيد الجدوى فضلا عن تعصير البنية الاساسية واعادة تاهيل العديد من المؤسسات التربوية بغاية تحسين ظروف التعلم وتحقيق الرفاه المدرسي. وقد شهدت السنة الدراسية الحالية تخصيص نحو 365 مليون دينار لانتداب الاطر التربوية والادارية واحداث مدارس ومعاهد ثانوية جديدة وصيانة عشرات المؤسسات الاخرى واقتناء التجهيزات العلمية والبيداغوجية الضرورية. وسيتركز الاهتمام خلال الفترة المقبلة على الحد من نسبة الانقطاع فى المرحلة الاساسية وتعميم تجربة الاعداديات النموذجية والتقنية ودعم تدريس اللغات والاعلامية والمواد العلمية والتكنولوجية. من جهة اخرى تراهن الدولة على تطوير اداء منظومة التكوين المهني من خلال تعصير البنية التحتية واقتناء التجهيزات الجديدة واحداث شعب ومسالك تكوينية تتلاءم مع حاجيات المؤسسة الاقتصادية واعتماد اليات مجددة للشراكة مع قطاع الانتاج. وتسعى الهياكل المعنية الى مزيد تشجيع الشباب على اتباع هذا المسلك الدراسي نظرا لقدرته التشغيلية الهامة. ويبقى الهدف تحقيق نسبة توجيه 50 فى المائة من تلاميذ المرحلة النهائية من التعليم الاساسي الى شعب التكوين المهني فى افق سنة2014 وتشهد الخارطة الوطنية لمؤسسات التكوين والتدريب المهني انجاز العديد من المراكز القطاعية والمختصة وفق تصورات جديدة اخذت بعين الاعتبار حاجيات الجهات التنموية وتوفير الاختصاصات التكوينية ذات القدرات التشغيلية العالية. وبخصوص قطاع التعليم العالي تركز العمل خلال الفترة الماضية على مزيد تجويد محتوى التكوين وتعميم تجربة ارساء نظام التقييم والاعتماد بهدف الارتقاء به الى معايير الجودة العالمية وتشجيع مؤسسات التعليم العالي على نسج علاقات تعاون وشراكة علمية واكاديمية مع جامعات دولية. وفى سياق متصل بادرت الوزارة الى ارساء نظام للشهادات المزدوجة بين جامعات تونسية واخرى عالمية بهدف تحسين المقروئية العلمية للشهادات التونسية وبالتالي تحسين تشغيلية الخريجين فى اسواق العمل الدولية الى جانب وضع برنامج لاجازات ذات بناء مشترك مع المهنيين بهدف الاستجابة لجاحيات المؤسسة التونسية. كذلك يجري تنفيذ جملة من المبادرات لدعم تدريس العلوم الهندسية فى مختلف الاختصاصات وبلوغ 8 الاف مهندس فى افق سنة 2013 وذلك من خلال توسيع طاقة التكوين بالمعاهد العليا التحضيرية للدراسات الهندسية وتعزيز المسالك المؤدية الى التحصيل على الشهادة الوطنية فى مجال الهندسة وتطوير مؤشر عدد الطلبة فى شعب تكوين المهندسين وتنويع الاختصاصات. من ناحية اخرى يشهد قطاع البحث العلمي العديد من التحولات الهامة والاصلاحات العميقة الرامية الى مزيد النهوض به وتثمين نتائجه لخدمة الاهداف التنوية الكبرى. ومن منطلق ضرورة توفير اسباب تطوير هذا القطاع وضع البرنامج المستقبلي لرئيس الدولة هدف تخصيص 1 فاصل 5 فى المائة من الناتج الداخلي الخام فى افق سنة 2014 لدعم انشطة البحث والتجديد التكنولوجي فى تونس وتسعى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الى مزيد تطوير انشطة البحث فى القطاعات الواعدة ذات المحتوى التكنولوجي الرفيع وتعزيز المشاريع المجددة خاصة فى مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصال والبيوتكنولوجيا والالكترونيك والطاقات المجددة والفلاحة والصناعات الغذائية. وفى هذا السياق ينتظر تخصيص نحو830 مليون دينار خلال الخماسية 2010-2014 لهذا الغرض ستوجه بالخصوص لتعصير البنية الاساسية واقتناء التجهيزات العلمية وانجاز ثلاثة اقطاب اقليمية بالشمال والجنوب والوسط وثلاثة مراكز عمومية للبحث العلمي صلب الاقطاب التكنولوجية فضلا عن دعم جهود الارتقاء بجودة البحوث والاحاطة بالباحثين واستقطاب الكفاءات التونسية العاملة بالخارج ودعم التجديد التكنولوجي بهدف ضمان مواكبة اخر المستجدات العالمية فى المجال. وستتركز الجهود خلال المرحلة المقبلة أيضا على تعزيز شبكة مخابر البحث لتبلغ 200 مخبر سنة 2014 واحداث صنف جديد من مجمعات البحث بهدف تجميع جهود الباحثين وترشيد الامكانيات المادية والبشرية المتاحة. كما سيتم وضع خطة للتعريف بانشطة الاقطاب التكنولوجية ودعم اشعاعها فى الاوساط العلمية العالمية لاستقطاب المؤسسات الاقتصادية العالمية ومراكز البحوث الدولية والجامعات الاجنبية وتنشيط علاقتها مع النسيج الاقتصادي والاجتماعي فضلا عن توسيع شبكة محاضن المؤسسات وتكثيف برامج مساندة الباعثين المنتصبين بها. وبهدف مزيد تعزيز ربط برامج البحث بالاولويات التنموية الوطنية سيتم العمل خلال الخماسية المقبلة على تعزيز برامج البحث الايلافية من خلال تكوين مجمعات بحث فى مجالات ذات صلة باستراتيجية التنمية وتشريك الباحثين التونسيين بالخارج والخبرات الاجنبية وكذلك قطاع الانتاج فضلا عن اخضاع الانشطة البحثية الى عمليات التقييم والاعتماد وتحديد مرجعيات لضمان الجودة.