تونس 24 نوفمبر 2010 (وات) تولى السيد توفيق بكار محافظ البنك المركزي التونسي، يوم الثلاثاء بتونس، افتتاح أشغال الندوة التي نظمتها غرفة التجارة التونسية البريطانية تحت عنوان "مستقبل القطاع المالي في تونس: سبل الاستفادة من التجربة البريطانية". واستعرض السيد توفيق بكار في كلمته ملامح التطور الذي شهده النموذج الاقتصادي التونسي مبينا في هذا الصدد أن التحرير المالي اتسم بالواقعية والتدرج واستند إلى الوعي بحتمية تعزيز الاستثمار وتحسين مناخ المؤسسة فضلا عن الحرص على صيانة التوازنات الجملية للبلاد. وأضاف أن السياسة النقدية، التي اعتمدتها تونس موءخرا، ترتكز على مبدا استقرار الأسعار كهدف ذي أولوية موءكدا أن الأمر يتعلق بمرحلة انتقالية في اتجاه مسار أكثر توسعا يرمي إلى إرساء نظام نقدي يستهدف التضخم. ولاحظ ان التوجهات الرئيسية في مجال الصرف تتمحور حول اعتماد نظام صرف متارجح موجه يرمي إلى الإبقاء على نسبة صرف حقيقية ومستقرة. ولدى تطرقه إلى آفاق القطاع المالي أكد محافظ البنك المركزي التونسي أن البرنامج الرئاسي للفترة 2009-2014 قد ضبط للقطاع جملة من الأهداف الطموحة من شأنها "تسريع نسق الإصلاحات وإضفاء هيكلة جديدة على القطاع". وبين أن الهدف المنشود يظل التأهيل المستمر للقطاع المالي حتى يواكب مسار تحرير الإقتصاد التونسي واعادة هيكلته ودعم تفتحه التدريجي فضلا عن الاستجابة للحاجيات الخصوصية للمؤسسة في سعيها إلى إكتساب عوامل نمو جديدة. ولاحظ أن بروز سوق بنكية أكثر تنافسية وجهاز مصرفي أكثر تنوعا يتمتع باسس مالية صلبة تعد جميعها من المكاسب التي من شأنها تعزيز قدرة القطاع على الصمود وعلى بلوغ مستويات أرفع من التطور. وأوضح السيد توفيق بكار في هذا المضمار أن البرنامج الرئاسي يرمي إلى تحسين نسبة الصيرفة وبلوغ فرع بنكي لكل 7 آلاف ساكن وتخطي المستويات الحالية سواء المتعلقة بتوفر حساب بنكي لكل اثنين من السكان وبطاقة بنكية لكل 5 سكان. وقال ان الهدف الاساسي يتمثل في بلوغ كثافة إنتاجية تيسر النفاذ للخدمات البنكية وتعزز مكانة ودور القطاع البنكي في الاقتصاد الوطني وذلك دون أي وجه من الاستثناء أو الإقصاء . وأضاف أن النظام المالي التونسي ينطوي اليوم على إمكانيات تطور هامة شرط ان يبقى مستوى الوساطة البنكية في مستوى معادل لحجم الناتج المحلي الاجمالي مؤكدا أهمية مزيد تعزيز القدرة العملية للبنوك من خلال انجاز اصلاح شامل للمنظومة المعلوماتية والانخراط في معايير دولية جديدة استجابة لمقتضيات اتفاقية /بازل 2/ والمعايير المحاسبية الجديدة والحوكمة الرشيدة. وفي حديثه عن الحرص على تعزيز نجاعة القطاع البنكي ذكر محافظ البنك المركزي بالاستراتيجية الطموحة الرامية إلى إعادة هيكلة القطاع والتي تهدف إلى تعزيز عوامل بروز مجموعات بنكية هامة تتوفر لها قدرات مالية وعملياتية كافية بهدف تحقيق وفورات الحجم ودعم اسهامات البنوك في تمويل الاقتصاد ومساندة مجموعات الأعمال في مسار تطورها سيما على المستوى الدولي. وبين السيد توفيق بكار انه في اطار هذا التمشي ينصهر دمج المؤسستين البنكيتين العموميتين "الشركة التونسية للبنك" و"بنك الاسكان" اللتين تستقطبان معا ما يفوق نسبة 25 بالمائة من السوق البنكية وتتوفران على شبكة تفوق 200 فرع بنكي وقاعدة عريضة من الحرفاء تناهز مليوني حساب بنكي. واشار الى القرار المتعلق باحداث قطب متخصص في تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة "المبادرة" في شكل شركة قابضة تضم بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة والشركة التونسية للضمان مبينا ان هذا القطب سيتولى ادارة وتنسيق العمل بين تدخلات الهيكلين في تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة واحداث مخاطب وحيد للباعثين واضفاء نجاعة اكبر على اليات تمويل الاستثمار وبعث المؤسسات. كما سيتم قريبا احداث مؤسسة قابضة ستجمع كل المساهمات التونسية والليبية في البنوك المشتركة. واوضح السيد توفيق بكار ان كل هذه المبادرات تمثل اشارة حقيقية للبنوك الخاصة في تونس للشروع في عمليات تقارب وتكتل ولا سيما امام اشتداد المنافسة في السوق المحلية والضغوطات الناجمة عن ضرورة اعتماد اليات التصرف الحذر. وابرز ان استراتيجية تطوير القطاع البنكي ترمي كذلك الى تعزيز تموقع البنوك التونسية في الاسواق الاجنبية خاصة وان القطاع قد تمكن من تطوير خبرات قابلة للتصدير سيما في مجال تمويل السكن والايجار المالي. ولدى تطرقه الى الهدف المتمثل في الارتقاء بتونس الى مرتبة قطب مالي اقليمي اوضح محافظ البنك المركزي ان هذا المشروع يرتكز على تمش رصين وثابت اثبت قدرته على التحوط من اثار المخاوف الناجمة عن الازمة المالية العالمية. وبين ان مجلة اسداء الخدمات المالية لغير المقيمن التى تمت المصادقة عليها موءخرا تمثل اداة مجددة من شانها ان تعزز استقطاب مؤسسات مالية ذات صيت عالمي وان توفر اطارا قانونيا ملائما لمختلف الخدمات المالية. واضاف ان "هذه المجلة تغطى الى جانب النشاط البنكي مجالات الوساطة المالية غير المقيمة وخلق اليات استثمار مختصة وصناديق للخبرة بالاضافة الى تخصيص قسم فى البورصة يتم فيه تداول اسهم المؤسسات غير المقيمة". واشار الى انه يتم حاليا القيام بمشاورات بهدف ابرام اتفاقيات شراكة مع ساحات مالية اجنبية على غرار بوصتي اللوكسمبورغ والبحرين فضلا عن الشروع في مباحثات قصد تطوير علاقات تعاون مع ساحة "لندن" المالية.