تونس 24 نوفمبر 2010 (وات) تشكو القارة الافريقية، رغم ثراء مواردها الطبيعية وشباب سكانها، العديد من الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيق مسارها التنموي وانفتاحها على الخارج. ويقتضي هذا الوضع مساعدة القارة السمراء على مزيد تصنيع اقتصادها عبر تطوير الصناعات ذات القدرة التنافسية العالية والتي من شأنها أن تضمن تنمية مستديمة لمختلف سكانها. وقصد الوقوف على السبل الكفيلة بتبني هذا التمشي في القارة انتظم، يوم الأربعاء، بتونس ملتقى حول "الصناعات التنافسية من أجل تنمية القارة الافريقية" ببادرة من الجمعية التونسية لخريجي المدراس الكبرى بالتعاون مع الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية. وتهدف التظاهرة التي تلتئم في اطار الاحتفال بيوم التصنيع في افريقيا الى التفكير في الوسائل الكفيلة بتحسين مسار التصنيع في افريقيا وتشخيص وضع القطاع والمجهودات المبذولة لضمان تنمية صناعية مستديمة في القارة. ومثل اللقاء مناسبة عبرت خلالها المجموعة الدولية ومختلف الهياكل المختصة على غرار منظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية والبنك الافريقي للتنمية واللجنة الاقتصادية لإفريقيا عن التزامها بدفع مجهود التصنيع في افريقيا. كما جدد ممثلو هذه الهياكل عزمهم على المساهمة في وضع خطة عمل الاتحاد الافريقي، حول تسريع التطوير الصناعي في افريقيا، حيز التنفيذ. وأشارت السيدة مونيكا كاركو ممثلة منظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية ان هذه الخطة ترتكز على التوظيف الامثل للموارد المالية والبشرية والتكنولوجية وتوجيهها نحو قطاعات التحويل الصناعي للموارد الطبيعية في القارة. وأضافت أن هذا التمشي يهدف الى إرساء أسس حوكمة صناعية في افريقيا وتطوير بنية أساسية ملائمة لدفع التنمية الاقتصادية والنهوض بالموارد البشرية والرفع من القيمة المضافة للإنتاج ودفع الاستثمار وخاصة في قطاعات الطاقة (النهوض بالطاقات المتجددة وتحويل الموارد الطاقية) والصناعات المنجمية والمعملية. ودعت ممثلة المنظمة الأممية للتنمية الصناعية بالمناسبة شركاء افريقيا، (في الاطار الثنائي او متعددة الأطراف) والقطاع الخاص إلى معاضدة هذه الجهود وتجسيم الاستراتيجية المتعلقة بتنفيذ خطة عمل الاتحاد الافريقي للتنمية الصناعية في إطار مشاريع قابلة للتمويل مشيرة إلى أن هذه الاستراتجية تمثل إطارا أساسيا للنهوض بالصناعات التنافسية لتنمية افريقيا". وقد مكن هذا الملتقى من استعراض الصعوبات التي تعيق مسار التنمية في افريقيا والمتمثلة بالخصوص في غياب التكامل بين الأنظمة الاقتصادية الافريقية ونقص البنية الأساسية (طرقات وسكك حديدية ...) وتكوين الموارد البشرية بالإضافة الى ضغوطات اجتماعية واقتصادية (نسبة فقر مرتفعة وأمية...). وبين المشاركون في هذا اللقاء ان مواجهة هذا الوضع يتطلب مزيد تطوير البنية الأساسية وتأهيل النسيج الصناعي في البلدان الافريقية وتكثيف المساعدة الفنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة وتحقيق اندماج أفضل بين البلدان الافريقية ورفع الحواجز الجمركية ومعاضدة الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص ووضع محيط ملائم للتنمية في افريقيا (اطار مؤسساتي وتنظيمي ...) وأبرزت السيدة نايلة عمارة خبيرة بهذه المنظمة الأممية ان النقائص لها انعكاس هام على مردودية القطاع الصناعي في افريقيا باعتبارها توفر أعلى كلفة إنتاج في العالم كما تتحمل المؤسسة فيها تكاليف مباشرة وغير مباشرة تقدر بنسبة 50 بالمائة من رقم معاملاتها. السيد عفيف شلبي وزير الصناعة والتكنولوجيا في افتتاح اللقاء وأوضح السيد عفيف شلبي وزير الصناعة والتكنولوجيا أن افريقيا رغم ضعف مساهمتها في الثروات العالمية بنسبة لا تتجاوز 5ر2 بالمائة وفي الصادرات الدولية بنسبة لا تتجاوز 5ر3 بالمائة تتوفر على مزايا لتنمية صناعة تنافسية من شأنها أن تدفع نموها الاقتصادي وتحسن ظروف عيش سكانها. وأشار في هذا الاطار الى التجربة التونسية في هذا المجال ومختلف البرامج التي يتم تنفيذها قصد تموقع الصناعة التونسية في مستويات أفضل من التنافسية المرتكزة على التجديد والابتكار والتحكم التكنولوجي. وأوضح أن هذه البرامج تتمحور حول دعم البنية الأساسية التكنولوجية (أقطاب تنافسية ومخابر وغيرها ...) وتطوير شبكة من الجامعات المؤسسة ووضع آليات لتمويل التجديد والنهوض بتونس كقاعدة صناعية وتكنولوجية. وبين الوزير أن تونس لم تدخر جهدا لتوطيد علاقات التعاون مع مختلف البلدان الإفريقية خاصة في مجال الصناعة مبرزا ان هذا التمشي مكن من الرفع في حجم المبادلات التجارية مع القارة الى حدود 405ر4 ملايين دينار في سنة 2009 مقابل 334ر2 مليون دينار سنة 2005 كما واكب هذا التمشي الرفع في نسق الاستثمار التونسي في افريقيا خاصة في القطاعات الصناعية اذ يبلغ عدد المؤسسات التونسية المنتصبة حاليا في افريقيا 30 مؤسسة تونسية. ومن جانبه دعا السيد الهادي الجيلاني رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية الى ضرورة التشجيع على تبادل الخبرات والتكنولوجيا بين شمال افريقيا وبقية دول القارة في اطار مقاربة تستند الى تنمية مشتركة. وأوضح ان التنافسية الافريقية لا يمكن ان ترتكز على المزايا التفاضلية التقليدية على غرار الثروات الطبيعية الهامة التي تزخر بها القارة بل ينبغي ان تعتمد على خلق مزايا تفاضلية نشيطة (كفاءات فنية وقدرات تكنولوجية...) من شأنها تأمين القدرة التنافسية للقارة في المنظومة الاقتصادية الدولية.