علّقت يسرى فراوس، رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، على مداخلة لعبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر، القتها مؤخرا بالجلسة المخصصة للاستماع لوزيرة المرأة في لجنة شؤون السرة والمرأة والطفولة بمجلس نواب الشعب. واعتبرت فراوس، في مقال نشرته يومية "المغرب" في عددها ليوم أمس الأحد 14 فيفري 2021، أنّ موسي روّجت مغالطات بنتها "على الثنائية التقليدية التي تُجيد اللعب عليها، تلك التي تمجّد من خلالها ما قبل 2011 وتُمعن تباعا في ترذيل ما بعد ثورة 2011". وأشارت كاتبة المقال إلى أنّ رئيسة الحزب الدستوري الحر "وجدت كامل الأريحيّة لتلقي خُطبتَها العصماء متراصّة البناء الفكري واللغوي. وبمجرّد إنهائها، أعلنت مُغادرتها القاعة لأنّ الزعيمة تقول ولا يقال لها. ورغم محاولة رئيسة اللجنة إثناءَها عن المغادرة، إلا أنها اكتفت من الجلسة بما ألقتْ من مونولوج (...) لكنّ الحقيقة التي لا تُخطئها العينُ البصيرة، أنّ السيدة عبير موسي تعوّدت النقاش على طريقة تونس 7 طيّبَ الله ثراها وذكراها وهو ألاّ يكون هناك نقاشٌ". وتابعت فراوس: "داخل نفس القوقعة، تمترست رئيسة الحزب الدستوري الحر لتمجيد ما سبق الثورة وترذيل ما بعدها في علاقة بوضع النساء انسجاما مع قراءتها الإسمنتيّة القائلة بأنّ ما وقع وعشناه ودفعنا ثمنه غاليا في هبَّة شعبية هادرة، لا يعدو أنْ يكون انقلابا". وردّت رئيسة الجمعية على تمجيد دولة الاستبداد، وذكّرت في مسألة المشاركة السياسيّة، أن سنة 1956 التي اختارتها عبير موسي تاريخا مفصليا، باعتباره تاريخ المصادقة على مجلة الأحوال الشخصية، كان أيضا تاريخ أوّل انتخابات أُجْرِيت بعد الاستقلال الذاتي وهي انتخابات المجلس القومي التأسيسي. وارتبط هذا الموعد بإقصاء النساء من المشاركة السياسية. حيث وقع حصر صفة الناخب في الذكور وتم إقصاء النساء اللاتي شاركن في حركة التحرر الوطني من المشاركة في صياغة دستور تونس الاستقلال. واضاف فراوس: "ألم يشكل ذلك إهانة للتونسيات عند السيدة عبير موسي"؟ وردّت رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات، على قول رئيسة الحزب الدستوري الحر إنه بفضل «نضالات دولة الاستقلال وصلت النساء إلى مواقع قيادية ليترأسوا أحزابا سياسية وكتلا نيابية ومعارضة برلمانية». وقالت: "أليس الفضل للثورة والنضالات الحقوقية في وصولها اليوم لرئاسة حزب معارض؟ خارج الأحزاب السياسية، قبل الثورة، كانت مُواطَنَةُ النساء ومشاركتهنّ منقوصة ومقيّدة فحتى العمل المدني، خارج آلاف الجمعيات الصورية والموالية للحزب الواحد، كان غير مُتاح بفعل قمع حريات التعبير والتنظم. لا فائدة هنا من الحديث عن الترهيب والترويع والمحاصرة للحقوقيات والنسويات، بل لعلني أذكر مثالا حيّا من آل البيت الحاكم: شهادة راضية الحداد التي عوقبت كرئيسة للاتحاد النسائي بسبب عدم إرسال برقية تأييد للرئاسة مدى الحياة". وحول مسألة العنف، حيث ذكرت موسي، في إطار تمجيد الماضي، أنه "لم تعش المرأة التونسية سكوت الدولة على العنف كالذي نراه اليوم"، أشارت يسرى فراوس إلى أنّ موضوع العنف كان من المحظورات خلال فترة دولة الاستبداد. وذكّرت بالكتاب الذي أعدّته الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات عن العنف بعد ندوة دولية عقدتْها سنة 1993 وظلّ ممنوعا من النشر إلى حدود سنة 2008، كما أنّ مقرّ مركز استقبال ضحايا العنف ظلّ إلى حدود 14 جانفي 2011 محاصرا مِن قِبَل بوليس ابن علي. وظلّت السّلطات التونسية، التي طالما استغلّت حقوق النساء في الدعاية للنِظام والقولِ باحترامها لحقوق الإنسان وذلك خاصة في المنتديات والمؤتمرات الدولية، ترفض وبشكل دائم ومطلق الاعتراف بوجود العنف المبنيّ على عصبية الجنس في تونس وإنّ في تشريعاتها ما يَدلّ على ذلك دلالةً ليس بوسع أحدٍ أنْ يُنكرها. وأكّدت رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات أنّه "بعد الثورة، تمكّنت الحركة النّسوية من فرض التناصف ودسترته، ومن رفع التّحفظات الخصوصية التي أبدتها الدولة التونسية عند مصادقتها على اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، ومن انضمام تونس إلى البروتوكول الإفريقي المتعلق بحقوق المرأة، وإلغاء المنشور الذي يعود إلى سنة 1973 والذي يمنع زواج المسلمة بغير المسلم، وتمكنت خاصة من وضع القانون عدد 58 لسنة 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة".