أثار مقطع فيديو لرئيس الجمهورية قيس سعيد وهو يكلّف مدير تشريفات قصر قرطاج بنقل رسالة خطية لرئيس الحكومة هشام المشيشي حول التحوير الوزاري، موجة من السخرية والتندر على مواقع التواصل الاجتماعي حيث اعتبر، أغلب المعلّقين، أن قيس سعيد لا بزال يعيش في عالمه الخاص، أو كما وصفه هو "كوكبٌ آخر"، فيما تحدّث آخرون عن "زمان آخر". وظهر سعيّد وهو يوقّع رسالة، ثم يسلمها لمدير التشريفات في القصر الرئاسي، وهو يتحدث معه باللغة العربية الفصحى ويبلغه بأن يسلمها إلى الشخص المعني ويتأكد من استلامها، بشكل يشبه أسلوب المخاطبات التاريخية التي تظهر في المسلسلات، كما وصفها البعض. وكتب الصحفي سليم بوخذير "رئيس يعيش في زمان غير زماننا.. في زمان بعيد عنا قرونا وراء قرون، هو لا ينتمي إلى زماننا ولا لوم عليه فهو لم يضربكم على أيديكم لتنتخبوه مع أنكم لا تعرفونه. اتضح بعد فيديو الليلة أكثر أن قيس سعيد يعيش في الزمان الغابر ليس في لغته القديمة فقط بل وأيضا في وعيه. وأضاف: "طبيعي أن يوشّح ورقة الرسالة بشريط مربوط فهذه هي تقاليد الزمان الغابر الذي ينتمي إليه، وطبيعي أن يسمي الرسالة كتابا ففي ذلك الزمان كانت العرب تقول على الرسالة من هذا السلطان أو ذاك الملك كتابا". واكتفى الصحافي محمد كريشان بتغريدة عن الفيديو: "لا حول ولا قوة إلاّ بالله". وألهمت رسالة قيس سعيد الكوميديين الذين رسموا من الموقف عديد النكات. وقال الممثل الكوميدي بلقاسم البريكي ساخرا : "محمد فريخة كلم قيس سعيد قلو عندكش ماتبعث لزحل"، في إشارة إلى القمر الصناعي التونسي الذي ستطلقه شركة تلنات يوم 20 مارس المقبل. اما رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف فقد نشر تدوينة طلب فيها الآتي : "أرجو من الأصدقاء المختصين في علم النفس وعلى رأسهم زميلي الرائع الدكتور يسري الدالي إفادتي حول تفسيرهم لتصرفات الرئيس قيس سعيّد .. طبعا بكل جديّة وبعيدا عن الهزل .. لأن ما يحصل أشبه ما يكون بالكوميديا السوداء .." امّا المدوّن عبد الكريم الزغدودي فقد اعتبر ان الانتقادات التي وجهت الى قيس سعيد ما هي إلا دليل على ان تونس تنعم بجانب من الحريات جعلت بقيت الدول العربية في حالة من الصدمة. وكتب الزغدودي الآتي "أنا على يقين أن أغلب الشعوب العربية مصدومة وباهتة وغير مُصدّقة لحجم الحريات في تونس... نحن نحتج وننقد الرئيس وننقد كل ما يتحرّك آمنين مطمئنين". وتعيش تونس أزمة سياسية منذ ثلاثة أسابيع، على وقع أزمة أداء اليمين الدستورية من قبل 11 شخصية نالت ثقة البرلمان يوم 26 جانفي 2021، وذلك في ظل رفض رئيس الجمهورية للطريقة التي تم بها التغيير الوزاري وعدم قبوله بتسمية بعض الوزراء المقترحين. وعادة ما يستعين رئيس الجمهورية قيس سعيد بالروايات التاريخية في خطاباته ولقاءاته الرسمية، وهو ما يثير بين الفينة والاخرى جدلا وسخرية، واشتهرت على لسانه عبارات كثيرة على غرار "الإخشيدي" وعبارة "ست إن أعياك أمري فاحمليني زقفونة" التي استعارها الرئيس التونسي قيس سعيد من رسالة الغفران لأبي العلاء المعري، ومؤخرا الرسالة "التاريخية" التي أرسلها إلى رئيس الحكومة هشام المشيشي.