أثار تراجع تونس إلى المرتبة 94 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، انتقادات واسعة من أوساط حقوقية وسياسية عبرت عن استنكارها من وضع الاعلام الذي شهد انتكاسة وتقهقرا منذ الاجراءات التي اعلن عنها قيس سعيد يوم 25 جويلية الماضي. وحمّل مهدي الجلاصي، نقيب الصحافيين التونسيين، "السلطة القائمة" والرئيس قيس سعيد المسؤولية المباشرة عن تراجع تونس في التصنيف العالمي لحرية الصحافة. وكشف التقرير السنوي لمنظمة "مراسلون بلا حدود" الفرنسية، أمس الثلاثاء تراجع تونس في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، لتحتل المركز 94 للسنة الحالية، بعد أن كانت في المرتبة 73 العام الماضي، بمعدل تراجع بلغ 21 نقطة. واعتبر نقيب الصحافيين أنّ "تصنيف تونس كان سيئا في السابق واليوم صار أسوأ بكثير". ودوّن على حسابه بموقع فايسبوك: "حدث ما كنا قد حذرنا منه طيلة الأشهر الماضية، وهو التراجع المخيف لتونس في التصنيف العالمي لحرية الصحافة. التصنيف هذا يقوم على معايير واضحة وهي السياق السياسي والتعامل السيء من قبل السلطة مع المشهد الإعلامي وضمان حرية الصحافة والتعبير، المحاكمات والاعتداءات على الصحفيات والصحفيين خاصة أثناء اداءهم لمهامهم وايقاف صحفيين في قضايا نشر واستمرار محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، وحملات التهديد والتحريض الممنهجة ضد الصحفيين على وسائل التواصل الاجتماعي". وتابع الجلاصي: "كل هذه المؤشرات ازدهرت منذ 25 جويلية إلى اليوم، لكن التراجع الفعلي بدأ منذ انتخابات 2019 مع صعود التيارات الشعبوية. هذا التراجع بسبب مناخ الحريات ومناخ عمل الصحفيين ويتحمل فيه النظام المسؤولية الكاملة". وندد حزب العمال، في بيان أصدره امس الثلاثاء، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، بما اعتبره "انتهاكات'' مارستها ما وصفها ب ''سلطة الانقلاب'' على حرية الصحافة وعلى كرامة الإعلاميين، في خرق سافر لمضامين المرسوم 115 لسنة 2011، وفق نصّ البيان، مطالبا بالإيقاف الفوري لكل التتبعات الخاصة بحرية الصحافة والتعبير. كما طالب الحزب، بمحاسبة كل المتورطين في الاعتداءات على الصحفيين وخاصة يومي 1 سبتمبر 2021 و14 جانفي 2022، وألّا تكون محاسبة الأمنيين إدارية فقط بل قضائية أيضا، الى جانب رفع القيود على حق نفاذ الصحفيين الى المعلومة، ورفع أي قرار بغلق مكاتب القنوات الإعلامية التي تعمل في إطار القانون. وانتقد ما اعتبره "تعدد الاعتداءات على الصحفيين والمدوّنين وأصحاب الرأي المخالف منذ 25 جويلية، في محاولة لتركيع الإعلام وإعادته إلى بيت الطاعة"، فضلا عن "وضع اليد على الاعلام العمومي، من خلال تعيين إدارة من العهد البنفسجي على رأس التلفزة الوطنية"، وفق تعبيره. واعتبر أن تدحرج تونس إلى المرتبة 94 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة "يمثل انتكاسة للقطاع"، مستنكرا الإمعان في عدم نشر الاتفاقية الإطارية المشتركة للصحفيين بالرائد الرسمي، رغم صدور حكم قضائي إداري في ذلك. بدورها، اعتبرت الجامعة العامة للإعلام أن حرية الإعلام في خطر، مشيرة إلى أن الحكومة والمؤسسات لا تعير اهتماما للحقوق المادية لأبناء القطاع، وفق بيان صادر عنها. ونّبهت الجامعة من خطورة تهديد حرية الإعلام في تونس بأي شكل من الأشكال مؤكدة رفضها أي مس بحرية التعبير وأي زج بالإعلاميين في المحاكمات بسبب آرائهم أو كتاباتهم. وأشارت إلى تراجع حرية الإعلام في تونس وتراجع الحقوق المادية والاجتماعية وغياب التفاوض الاجتماعي مستنكرة تعنت الحكومة والمكلف بملف الإعلام في طرح الملفات وغياب أي استراتيجية حقيقية تجاه حقوق الإعلاميين، وفق نص البيان. وطالبت بالإسراع في إصلاح مؤسسات الإعلام العمومي وإجراء التعيينات على رأس مؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسية وفق الرأي المطابق وتسوية وضعية إذاعة الزيتونة ضمن الإعلام العمومي ومراجعة التعيينات على رأس مؤسسة سنيب لابراس ووكالة تونس إفريقيا للأنباء منبّهة من التعيينات الحزبية وعبر الولاءات والمحاباة ودون تشريك هياكل المهنية. وعبرت حرك النهضة في بيان أصدرته، الثلاثاء عن تنديدها الشديد، بما اعتبرته تدهورا خطيرا شهدته الساحة الاعلاميّة في تونس منذ 25 جويلية الماضي، وهو التاريخ الذي قالت إنه تم فيه الانقلاب على الدستور. ولاحظت الحركة أن هذا التدهور يؤكده التقرير الأخير لمنظمة مراسلون بلا حدود ، والذي أقر بالتراجع الحاد في ترتيب تونس في التصنيف العالمي لحرية الصحافة بسبب الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها الرئيس قيس سعيد في 25 جويلية 2021. وأضاف الحزب في بيانه أن هذا الوضع يهدّد بنسف كل المكاسب التّي تحققت لقطاع الاعلام، والعودة إلى حجب المعطيات والمعلومات وإطلاق التتبعات الأمنية وسجن الصحفيين والعودة إلى ممارسات النظام الاستبدادي في وضع اليد على المؤسسات الإعلامية(...) وتوظيفها في الدعاية والتضليل لخدمة مشروع الحكم الفردي المطلق، حسب تقديرها. وجددت النهضة تضامنها مع المطالب المشروعة لأبناء القطاع الإعلامي بالمؤسسات العموميّة والخاصّة، والمتعلقة بتفعيل الاتفاقية الإطارية المشتركة، وبرفض كلّ محاولات الوصاية على قطاع الإعلام وهندسته عبر المراسيم المسقطة وتهميش هياكله وعدم استشارتها في عملية الاصلاح. يذكر ان المجموعة الدولية احيت امس الثلاثاء اليوم العالمي لحرية الصحافة، تحت شعارالصحافة تحت الحصار الرقمي وترافق الاحتفال في تونس بهذا اليوم العالمي مع تسجيل تونس تراجعا ب21 مرتبة في التصنيف العالمي لحريّة الصحافة لسنة 2022، والمقدم من قبل مراسلون بلا حدود، حيث تقهقرت من المرتبة 73 إلى 94 عالميا (من أصل 180 دولة).