تُوّجت التونسية ملاك العبيدي بجائزة أفضل مؤلف عن الطبخ في العالم عن كتابها الصادر بالفرنسية La table du nord (سُفرة الشمال)، وذلك خلال الدورة الثلاثين من المسابقة الدولية "Gourmand Awards 2025" التي أقيمت على مراحل واختتمت نهائياتها مؤخرًا بقصر المؤتمرات بالعاصمة البرتغالية لشبونة. وتميّز كتاب العبيدي، الذي صدر في جانفي 2024 في طبعة أنيقة وفاخرة، بتقديم مختارات من الوصفات التونسية التقليدية، مبرزًا ثراء الموروث الغذائي لمنطقة الشمال التونسي، ضمن منافسة جمعت مشاركين من 82 دولة، من أبرز الطهاة والناشرين في العالم. ومع إعلان فوزها، رفعت ملاك العبيدي العلم التونسي مردّدة "تحيا تونس" وسط تصفيق الحاضرين، بحضور سفير تونس بالبرتغال نوفل هدية، وعدد كبير من المختصين الدوليين في فنون الطبخ. وفي تصريحات سابقة، أوضحت العبيدي أن هدفها من إصدار هذا المؤلف هو تقديم صورة مشرّفة عن تونس، قائلة: "من يقرأ الكتاب يشعر بفخر لكونه تونسي، ومن يقرأه من غير التونسيين يكتشف تونس بعين مختلفة". وقد تُوّج حلمها بهذا التتويج الدولي. وتؤمن الكاتبة بأن الثقافة هي الضامن الأساسي للهوية الوطنية وأداة للفخر والتماسك الاجتماعي، معتبرة أن الطبخ التونسي مكوّن رئيسي من هذا الإرث. وقد بدأت ملاك العبيدي، خريجة التجارة من فرنسا، مسيرتها المهنية في هذا البلد، لكنها اختارت العودة إلى تونس للتفرغ لاكتشاف التراث الغذائي المحلي. ودرست فن الطبخ بمدينة ليون، ثم أطلقت مشروعًا متكاملًا لمسح المطبخ التونسي في جميع الجهات. ويُعد كتاب سُفرة الشمال أول حلقة من هذا المشروع، حيث خصصته للمناطق الشمالية والشمالية الغربية، على أن يتبعه ثلاثة مؤلفات تغطي المناطق الساحلية والوسطى والجنوبية من البلاد. وقد استغرق إعداد الكتاب رحلة استكشافية رفقة فريق عمل إلى مدن وقرى على غرار بنزرت، جندوبة، الكاف، سليانة، زغوانوتونس العاصمة. وتُوّج هذا العمل التوثيقي بمحتوى ثري وصور بديعة التقطها المصوّر المحترف البشير زيان، المعروف بتجربته في تصوير الموضة وعروض الأزياء، ما أضفى على العمل طابعًا فنّيًا بصريًا متفرّدًا. ويُشار إلى أن ملاك العبيدي اشتهرت لدى الجمهور التونسي من خلال فقرات متلفزة تعنى بالطبخ، وقد نوّهت في تصريحاتها إلى أن هذا النجاح هو ثمرة جهد جماعي ودعم من مؤسسة بنكية خاصة، مؤكدة أن المؤلف يمثّل "نتاج عمل تعاوني حقيقي". هذا التتويج يعزز مكانة الثقافة التونسية في المحافل الدولية، ويُبرز الطبخ كمكوّن فني وتراثي قادر على التعبير عن الهوية الوطنية على المستوى العالمي.