قال مرصد الحقوق والحريات، في بيان اليوم الخميس، إنه بعد أشهر من خطاب العنف والكراهية والتحريض الذي قاده رئيس الجمهورية ضد القضاء واستقلاليته وأحكامه، وبعد عجزه عن تقديم أي تصور إصلاحي يؤسس لقضاء عادل نزيه ومستقل، وبعد رفض عدد من القضاة لكل محاولات التركيع أو التطويع، وبعد إقدامه على حل المجلس الأعلى للقضاء وتنصيب مجلس مؤقت، أقدم رئيس الجمهورية في 01 جوان 2022 على إصدار المرسوم عدد 35 لسنة 2022 نقّح بمقتضاه مرسومه السابق عدد 11 المتعلق بإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء والصادر في 12 فيفري الفارط، ليمنح لنفسه صلاحية عزل القضاة دون المرور حتى بالمجلس الأعلى للقضاء الذي عيّن أعضاءه بنفسه، كما أصدر في ذات اليوم أمرا بعزل 57 قاضيا وحرمانهم من حقهم في الدفاع عن أنفسهم أو الطعن في قراره بصفة طبيعية. وعبر المرصد عن "استغرابه من استمرار رئيس الجمهورية في مناقضة قراراته وخياراته حتى بعد 25 جويلية، إذ أنه لا يزال يصدر أوامره بعبارة "وبعد الاطلاع على الدستور" رغم تعليقه العمل به، كما أنه سرعان ما نقح مرسوم المجلس الأعلى للقضاء المؤقت الذي سحب منه صلاحيات ومنحها لنفسه، كما أنه من خلال قرار العزل ناقض "دستوره المؤقت" المرسوم 117 الذي نص على أن الهدف من "مشاريع هذه التعديلات هو التأسيس لنظام ديمقراطي حقيقي يكون فيه الشعب بالفعل هو صاحب السيادة ومصدر السلطات ويمارسها بواسطة نواب منتخبين أو عبر الاستفتاء ويقوم على أساس الفصل بين السلط والتوازن الفعلي بينها ". وأدان المرصد قرار إعفاء 57 قاضيا مع حرمانهم من التمتع بقرينة البراءة ومن ممارسة حقهم في الدفاع عن أنفسهم أمام الجهات القضائية أو مجالس تأديب. وأكد المرصد أن عددا كبيرا من القضاة الذين وقع إعفاؤهم لم تتعلق بهم أي قضايا جزائية أو أي تتبعات تأديبية، وإنما يدفعون ثمن النضال من أجل استقلاليتهم ومعارضتهم لسياسة رئيس الجمهورية الرامية إلى تطويع السلطة القضائية واستعمالها من أجل تصفية حسابات سياسية أو ثمن عدم الرضوخ لتعليماته. ودعا المرصد الشرفاء من القضاة والمحامين ومنظمات المجتمع المدني وعموم الشعب التونسي إلى التصدي إلى التغول المستمر الذي يقوده رئيس السلطة التنفيذية، من أجل إحكام سيطرته على كل السلط بما فيها التشريعية والقضائية.