الحماية المدنية: إخماد 115 حريقا في مناطق مختلفة من البلاد خلال ال24 ساعة الماضية    محمود عبّاس يشيد بمواقف تونس قيادة وشعبا الداعمة للشعب الفلسطيني    عاجل/ وزارة الصحة: السباحة ممنوعة في هذه الشواطئ بسبب التلوّث..    انتخابات تشريعية جزئية ببنزرت الشمالية في هذا الموعد    جندوبة: تجميع أكثر من 50 بالمائة من صابة الحبوب المتوقعة ودعوات لتعزيز عملية إجلاء المخزون    افتتاح نقطة لبيع المواد الأساسية المفقودة بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    سيدي بوزيد: ورشة عمل حول تثمين الموارد العلفية والبديلة لتعزيز واستدامة نظم الإنتاج الحيواني    عاجل/ مسيّرو "قافلة الصمود" يعتزمون مقاضاة هؤلاء..    ترامب: قريبا ستسمعون أخبارا "سارة" عن غزة    اليابان تُجري أوّل تجربة محلية لصاروخ أرض-بحر    كأس العالم للأندية : تعرف على مواجهات الدور ثمن النهائي إلى حد الآن    البطولة الألمانية: بايرن ميونخ يعير إبراهيموفيتش إلى هايدنهايم لموسم واحد    وزير التربية يطمئن على سير إصلاح اختبارات السيزيام ويؤكد: لا مجال للتلاعب    قبلي: تحسن نتائج امتحان البكالوريا بالجهة وتطلّعات إلى تحقيق الأفضل (المندوب الجهوي للتربية)    في توزر.. بين الرواية والمسرح.. التواصل والقطيعة    الألكسو تطلق النسخة العربية من مشروع "مهارات الابتكار"    شنوّا سرّ عرايس السكر؟ حكاية مزيانة في كل دار نابلية    سليانة : تواصل فعاليات مهرجان المسرح و المجتمع في دورته الرابعة    الرابطة الدولية للنشر المستقل تصدر دراسة تتعلق بالسياسات العمومية للكتاب في العالم العربي    موازين 2025: نوردو يكشف عن أعمال يحضرها مع هيفاء وهبي وعمرو دياب    الشتاء أم الصيف.. اكتشف شخصيتك من فصلك المفضل!    عكس المتداول.. دراسة تكشف فوائدا كبيرة لشُرب الماء الساخن خلال الصيف    لأول مرة في سيدي بوزيد.. إنقاذ مريض بتقنية دقيقة دون جراحة    Ooredoo تونس تطلق برنامجها الصيفي "Activi صيفك" وتكشف عن مجموعة من العروض والخدمات الجديدة    هبة من فرنسا: نقل تونس تتسلّم 85 حافلة معدّلة    جريمة مروعة: مقتل طفلين على يد والدهما..وهذه التفاصيل..    الكاف: تقدم موسم الحصاد بنسبة 45 بالمائة وتجميع أكثر من 650 ألف قنطار من الحبوب    للتونسيين : كل ما تريد معرفته عن هلال ''راس العام العربي ''    تونس وفرنسا توقعان مذكرة تفاهم في قطاع الطيران    زيادة ب20 % في أسعار "ديار الخلاعة" والنزل..    عاجل - ترند الكركم: دولة عربية تحذر    الممثل المصري عماد محرم في ذمّة الله    يوم مفتوح بمستشفى سهلول بسوسة يوم السبت المقبل للتحسيس والعناية بصحة الفم والاسنان    سانتوس البرازيلي يعلن تجديد عقد نيمار حتى نهاية 2025    ما هو التقويم الهجري وكيف تم إقراره؟    قفصة: تقديرات بإنتاج 63 ألف طن من الطماطم الفصلية المعدة للتحويل    تحذير هام لمحبي القطط..    نفوق أسماك وتغيّر لون البحر: باحثة في علوم البحار توضّح وتكشف أسباب هذه الظاهرة..#خبر_عاجل    من المنتظر إرسال ''SMS'' الكونترول في هذا الموعد للإعلان عن النتائج    الترجي رابع فريق عربي يودع مونديال الأندية    تطورات جديدة في قضية منع هيفاء وهبي من الغناء في مصر    النادي الصفاقسي: التركيبة الجديدة للجهاز الفني    النادي الإفريقي : اليوم انطلاق التحضيرات و غياب منتظر لأكثر من 6 لاعبين    عاجل/ تقرير استخباراتي يكشف وضعية البرنامج النووي الإيراني بعد الضربات الأخيرة..    المغرب.. نزاع على "الزعتر" ينتهي بجريمة مروعة    كأس العالم للأندية: هذا المبلغ الذي حصل عليه الأهلي المصري والترجي الرياضي    المنستير: هيئة السلامة الغذائية تدعو المواطنين لعدم شراء أسماك من خارج المحلات المراقبة    تصويت في مجلس النواب على تحرك لعزل ترامب: 344 مقابل 79    طقس الأربعاء: شهيلي والحرارة تتراوح بين 36 و42 درجة    إيران.. إعدام 3 جواسيس جندهم "الموساد" لاغتيال شخصية بارزة    ترامب ينشر فيديو استفزازيا أرفقه بأغنية "قصف إيران"    إيران بصدد مقاضاة غروسي بتهمة التجسس    محكمة الاستئناف تحط من العقاب في حق وديع الجرئ الرئيس السابق للجامعة التونسية لكرة القدم    كأس العالم للأندية: تشيلسي الإنقليزي ينهي الشوط الأول متقدما على الترجي الرياضي    بدّل طريقة تفكيرك.. تتبدّل حياتك! كيفاش يكون التفكير الإيجابي سرّ نجاحك؟    الليلة: السماء قليلة السّحب والبحر هادئ    عطلة بيوم بمناسبة رأس السنة الهجرية    غدا.. تحرّي هلال شهر محرم…    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكومة مهدي جمعة بعد مضي ثلاثة أشهر من منحها الثقة : ماذا عملت فيما علمت ؟
نشر في الشاهد يوم 30 - 04 - 2014

بعد مضي ثلاثة أشهر على استكمال مصادقة المجلس الوطني التأسيسي على دستور الثورة ، وتكليف مهدي جمعة بترؤّس حكومة الكفاءات " المحايدة " من قبل الحوار الوطني ، لتولي تسيير شؤون البلاد والإعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية في مدة أقصاها موفّى 2014 وفقا لما ورد بالنقطة 3 من الفصل 148 من الأحكام الانتقالية .
بعد مضي هذه الفترة يحق لنا معشر التونسيين أن نتساءل حول حصيلة عمل هذه الحكومة التي استأمناها على فترة حسّاسة من فترات الانتقال الديمقراطي ، كما انه من الواجب علينا أن نتساءل وبكل إلحاح حول إمكانية إجراء الانتخابات الموعودة قبل حلول موفّى السنة الحالية احتراما لثورتنا ولدستورنا .
حين اشتد الجدال حول الشخصية الوطنية المناسبة لقيادة المرحلة الحالية ، كان همّ جل الأحزاب منصبّا حول الدفع لاختيار شخصية قريبة منها للاستفادة من وجودها على رأس أهم موقع من مواقع القرار ببلادنا ، ولنا في السياسي المستقل الذي أثبتت الأيام استقلاليته " محمد الناصر" خير دليل على ذلك ، ولم يكن يدور بخلد أحد منها باستثناء أحزاب الترويكا التي كانت تستعد لمغادرة القصبة آنذاك أن الحكومة التي يرومون تشكيلها ستكون أضعف حكومة بعد الثورة على الإطلاق بسبب قلة من يطلق عليهم بالمستقلين إن لم نقل انعدامهم ، وبسبب افتقادهم للخبرة ، والإسناد السياسي ، وصعوبة الوضع الانتقالي بالإضافة إلى حجم المهام والملفات الملقاة على عاتقها .
مهدي جمعة ، الذي وصفه مقربون منه بانه رجل ذكي وطموح قبل التحدي بعقلية "كاميكازية " وجمع حوله فريقا انتقاه بكل دقة ، واستطاع أن يفلح بكثير من الحظ في امتحان نيل الثقة رغم القصف القوي الذي رجها في أولى مواجهاتها مع الساحة السياسية ذات مساء من أواخر جانفي المنقضي .
لم تأخذ الإجراءات البروتوكولية من الزمن سوى 24 ساعة ليجد الفريق الحكومي الجديد نفسه في مواجهة ملفّات ، وتحدّيات ، وتعيينات ، وضغوطات ، واضطرابات ، وإضرابات ، وبلاتوات ، واقتراحات ….
فماذا عمل مهدي جمعة وحكومته فيما عملوا ؟
نجاح نسبي في الملف الامني
يحسب لحكومة مهدي جمعة أنها حققت نجاحا نسبيا في الملف الأمني بدءا بعملية رواد التي قضت القوات الأمنية خلالها على عدد من المورطين في قضايا الإرهاب من بينهم كمال القضقاضي المتهم الرئيسي بالضلوع في اغتيال السياسي شكري بلعيد ، بالإضافة إلى الضربات الموجعة التي نجحت في توجيهها للقاعدة الخلفية للإرهاب ، في انتظار حسم المعركة البرية التي تدور رحاها في الشعانبي ، والتي تلوح بشائر حول قرب انتهائها بالقضاء على آخر معاقل المتحصنين به منذ اكثر من سنة
حصيلة هزيلة للرحلات المكوكية
تميزت الفترة المنقضية من عمر حكومة جمعة بقيامه برحلات مكوكية شملت الجزائر فدول الخليج ، فالولايات المتحدة الامريكية وصولا إلى فرنسا خلال الأيام القليلة الفارطة .
رحلات يمكن ان نصفها بالنظر إلى مردودها على وضع الاقتصاد الوطني بأنها ( زغاريد أكثر من الكسكسي ) خاصة وأن جل ماتلقاه رئيس الحكومة لايعدو ان يكون سوى وعودا أو ضمانات ، وقليلا من " البقشيش " الذي لايسمن ولايغني من جوع ، وقد يكون المستفيد الوحيد من هذه الرحلات هو جمعة نفسه الذي جنى من خلالها تسويقا سياسيا لنفسه لدى الدول العظمى التي قال أحد سفرائها انه لفت انظار سلطات بلاده للشخصية القيادية البراغماتية الفوتوجينيك لسي المهدي .
ويبقى غياب العلم الوطني عن بعض الجلسات الرسمية ، ومستوى تمثيل بعض الدول الخليجية فيها نقطة سوداء في رحلات سندباد تونس .
وأما عن الفريكاسي في الضواحي الباريسية فحدث ولاحرج
فشل ذريع في ملف التعيينات
لئن كان ملف مراجعة التعيينات من أعسر المهام المطروحة على حكومة جمعة ، وتعدها أحزاب "المعارضة " والرباعي الراعي الحوار الوطني أهم مقاييس نجاحها وفشلها ، فإن هذه الحكومة بدت مترددة في التعاطي معه وفق مقاربة تضع الكفاءة في أعلى سلّم أولوياتها ، و تعاملت معه بطريقة لاتخضع لأي معايير ، فغيرت جل الولاة وعددا هاما من مديري الدواوين ، في حركة لم تخل من الاستعراض الإعلامي لإرضاء هذا الطرف أو ذاك .غير أن الخطير هو تورطها في بعض التعيينات المشبوهة التي لم تمر في الخفاء ، ونذكر منها مدير ديوان وزير التعليم العالي والبحث العلمي المنتمي لحزب الوطنيين الديمقراطيين ، والملحقة الإعلامية بديوان رئيس الحكومة رانية البرّاق صاحبة الصولات والجولات في اعتصام النافورة والأرز بالفاكية ، وصاحبة العلاقة الوثيقة بحركة نداء تونس ، أما الأخطر فيتمثل في وقوع بعض الوزراء تحت سيطرة جهات نقابية لإعادة تعيين نقابيين مورطين في قضايا فساد وسبق أن تم إعفاؤهم من مهامهم أو عرضهم على القضاء بسبب هذه التهم من بينهم وزير النقل ، كما يعتبر إنهاء مهام المفكر سامي براهم من إدارة المركز الثقافي الفاضل بن عاشور أكبر مهزلة في حق الثقافة والمثقفين يرتكبها وزير للثقافة بعد الثورة
الأداء الإعلامي المتذبذب
رغم اجتهاد مهدي جمعة في الاشتغال على شكل ظهوره الإعلامي ، كاختيار الظهور في أزياء غير رسمية خلال أيام العطل ،وعقد اجتماعات تقييمية خلالها إضافة إلى محاولة التواصل بشكل إيجابي مع وسائل الإعلام التي نفضت الغبار عن " بنادر الشيخ عبد الوهاب عبد الله " لتعود لطاحونة الشيء المعتاد تمجيدا ، ومتابعة ، ومرافقة ، فإن الحوار الوحيد الذي أجراه مهدي جمعة ليصارح من خلاله الشعب بحقائق هامة ، كان عبارة عن مصافحة باهتة ، لم يخرج منها عموم الشعب بانطباع سوى انتظارهم لأيام سوداء ، تتطلب منهم التضحية والوقوف إلى جانب الدولة في ماتمر به وضع اقتصادي صعب .
ويعتبر كثير من الملاحظين ان التصريح الكارثي الذي أطلقه الناطق الرسمي باسم الحكومة نضال الورفلي ل " يبشر " فيه التونسيين بصعوبة توفير مرتباتهم خلال الأشهر القادمة ، مؤشرا على الضعف الإعلامي والسياسي لفريق مهدي جمعة الذي تعامل مع الوضع الاقتصادي والمالي الصعب تعامل "شاف الشانطي " أو "مدير المصنع " مع عماله ، اما أن يصدر عن حكومة مسؤولة عن تصريحاتها ، وعن الرسائل التي يجب أن يتلقاها منها شعبها ، فإنه يقيم دليلا على أنها غير سياسية وغير احترافية ، فضلا عما تسبب فيه التصريح من نزول لمؤشرات البورصة وانكماش في عدة قطاعات .
اما إن كانت الرسالة الكارثية بغرض مواجهة ضغوط الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يطالب بزيادة في أجور منظوريه ، ووضعه في مواجهة الشعب ، فماهكذا تورد الإبل ، وماهكذا يصيب المهاجمون المرمى .
كما أن تصريح جمعة لإحدى الإذاعات الفرنسية عن إمكانية تأجيل الانتخابات فقد لاقى من الاستهجان مايجعله يعود عن التصريح في مسائل سياسية لاتندرج ضمن صلاحياته ، وماعليه إلا القيام بما تم اختياره من اجله من مهام من ضمنها إنجاح الانتخابات ، لاالتشكيك في موعد إجرائها
مواجهة الأزمات
كسابقاتها من الحكومات ، رافقت حكومة جمعة أزمات خطيرة وضعت مصداقيتها وقدرتها على الصمود على المحك ، وأولى هذه الأزمات أزمة بن قردان التي واجهها رئيس الحكومة بالفرار إلى الخليج بعد زيارة فاشلة لأرض المعركة و" ترك أهل البلاء في بلائهم " ولولا تدخل وزير الداخلية لطفي بن جدو ، وخوضه لجلسات ماراطونية مع الطرف الليبي لتواصل نزيف بن قردان ولتركت لمصيرها في ظرف اشتغلت فيه الآلة الإعلامية ولأول مرة إثر الثورة تجريما للاحتجاج والمطالبة بالتنمية والتشغيل . كما أن أزمة اختطاف الديبلوماسيين التونسيين التي تدار بعقلية " دز تخطف " لاتزال تراوح مكانها ، ولايعرف إلى حد الآن متى تشهد نهايتها السعيدة بعودة أبناء وطننا إلى أحضان عائلاتهم .
أما أزمة دخول الإسرائيليين إلى أرض وطننا فقد تعامل معها جمعة وفريقه الحكومي بالتجاهل والتساهل والتبرير دون تحمل مسؤولياتهم في هذا الحدث الذي وضع سيادة بلادنا وعلاقتها بملف التطبيع على المحك ، كما أن تعبير جمعة عن تبرمه من استجواب وزيرين من حكومته من قبل المجلس التأسيسي يدل على عدم إدراك حجم القضية المطروحة وحساسيتها ، ووجود خطوط حمراء لايمكن ان تتجاوزها حكومته أهمها التوافق الوطني .
وأخيرا
لئن كانت الحصيلة دون المأمول ، يبقى الأمل معقودا على أن تظل الأحزاب السياسية والحوار الوطني من خلال آلية واضحة المهام والآجال مساندة لهذه الحكومة ، داعمة لها دعما نقديا إيجابيا من أجل الوصول بالبلاد إلى الانتخابات قبل موفى السنة الحالية ، حتى لايتم خرق الدستور مرة … تتلوها خروقات
لطفي هرماسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.