ختارت مجلة "أصداء" الإلكترونية، الصادرة عن مركز التكوين ودعم اللامركزية بوزارة الداخلية، أن تختتم السنة الحالية بإصدار عدد استثنائي متميّز في مضمونه وثرائه المعرفي، مؤكّدة بذلك مكانتها كمنصّة فكرية وبحثية تُواكب التحوّلات العميقة التي يشهدها المسار التنموي والحوكمة الترابية في تونس. ويعكس هذا العدد الخاص، في جوهره، مدى انشغال الباحثين التونسيين بقضايا أساسية تتصل ب التنمية والتخطيط الترابي، فضلاً عن التحديات المتسارعة التي تفرضها آليات الرقمنة والابتكار التكنولوجي على أنماط التسيير العمومي والهيكلة المجالية، في أفق إرساء حوكمة رشيدة ومستدامة تستجيب لحاجيات المواطنين وتطلّعاتهم. ويضم العدد ثماني مقالات علمية تتنوّع مقارباتها وحقولها المعرفية، حيث تناولت بالتحليل قضايا القانون الاقتصادي والتنمية الجهوية، مع تسليط الضوء على الإطار القانوني المنظّم للتدخّل العمومي ودوره في تحقيق العدالة المجالية والحدّ من الفوارق التنموية بين الجهات، وهي من أبرز الإشكاليات المطروحة في السياق الوطني الراهن. كما خصّصت جملة من المقالات حيّزًا هامًا لمسائل الحوكمة المحلية والاستثمار العمومي، مركّزة على أهمية تعزيز مبادئ الشفافية وحسن التصرّف في الموارد العمومية، وتطوير آليات التخطيط والمتابعة والتقييم، بما يدعم مسارات التنمية المحلية على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، ويعزّز ثقة المواطن في السياسات العمومية. ويُبرز هذا الإصدار الاستثنائي حرص مجلة "أصداء" على مواكبة التحوّلات الترابية والمؤسساتية التي تعرفها البلاد، خاصة في ظلّ تنامي أدوار الفاعل الترابي وتعدّد مجالات تدخّله على المستوى المحلي، وهو ما يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتزايد حاجيات الأفراد وتطوّر انتظاراتهم من الإدارة العمومية والجماعات المحلية، في سياق يتطلّب مزيدًا من النجاعة والتنسيق والابتكار. ولا يقتصر هذا العدد على الطرح النظري، بل يقدّم قراءات تحليلية معمّقة تستند إلى مقاربات علمية وتطبيقية، تجعل منه مرجعًا هامًا للباحثين وصنّاع القرار والفاعلين المحليين، وفضاءً لتبادل الأفكار والرؤى حول مستقبل اللامركزية والتنمية الترابية في تونس. وفي هذا السياق، يُعدّ هذا العدد الاستثنائي إضافة نوعية للمشهد الفكري والبحثي الوطني، لما يحمله من عمق تحليلي وتنوّع معرفي يعكس التزام المجلة بدعم البحث العلمي الرصين، وتثمين إنتاج الباحثين، وترسيخ ثقافة التخطيط الترابي الرشيد، بما يُكرّس مكانة المعرفة كرافعة أساسية للإصلاح والتنمية المستدامة. الأخبار