تتحمل حركة النهضة بصفة خاصة ثم الترويكا بصفة عامة ما وصلت اليه بلادنا من ترد وما طال ثورة الربيع العربي الأم من تمييع مهين ، وحتما لا نقصد هنا مخاض المرحلة الانتقالية العسير بطبعه ولا سلسلة التجاذبات السياسية المتعارف عليها عبر جميع الديمقراطيات الناشئة ، وإنما الغريب والمدان والذي لا يشرف تونس من قريب ولا من بعيد أن تتقهقر المؤسسات المنتخبة والشرعية التي توج بها الشعب ثورته وتترك مهامها والأمانة التي أنيطت بعهدتها يوم 23 اكتوبر بين يدي السيد حسين العباسي الذي لا احد يعيب تحصيله العلمي الضعيف الراجع ربما لأوضاع عائلية حرمته من التدرج في السلم الدراسي وإنما الطامة الكبرى تمثلت في انحرافه بمنضمة الشغيلة العريقة والزج بها في حسابات سياسية ضيقة هدفها الإجهاز وليس الانجاز، وإذا ارتأى الاتحاد العام التونسي للشغل ان يقر السيد العباسي على رأس إدارته ويتجاوز عن علاقته ببن علي وخطاباته المشيدة بصاحب التعيير وانجازاته ، فان العلة القاتلة ان تتبرع الأحزاب التي انبثقت عن صناديق الانتخابات بمهامها وعهدتها الى العباسي وهي تعلم انه يعاني من ضعف في تكوينه السياسي وتحصيله العلمي ، يرزح تحت تغول الجانب الأيديولوجي الحاد على منهجية تعاطيه مع مختلف المسائل ، تعلم الترويكا علم اليقين انها تبرعت بالوساطة لشخصية تعاني من ضمور سياسي و خطابي حاد يعاب ويستهزأ به في دوائرنا المحلية فكيف بنا ونحن في مرمى العدسات الإقليمية والدولية ، وُّسد الأمر لغير أهله وأعطت الترويكا ما لا يعطى لمن لا يستحق فكانت النتيجة تلك الندوة الصحفية المهزلة والعبارات المستمدة من نوادر أشعب ، نوادر غصب بها مواقع التواصل الاجتماعي وتناقلتها العديد من المواقع الجزائرية والمغربية وغيرها حتى علق احدهم بسخرية على عبارات العباسي النشاز وعلى ما دار في الندوة الصحفية بصفة عامة "هذا هو المطبخ السياسي لثورة الربيع العربي !!التي لم ترتقي الى ثورة ولا ثور , ولا عجل ولا حتى بقرة" . في حقيقة الأمر لا تكمن الفضيحة في مقولة العباسي " قبول النهضة بمبادرتنا لا يمكن أن نقبله" لان الرجل لم يبخل على احد بقدراته وتلك هي الحدود الدنيا لنباهته وانما تكمن الفضيحة في من انتخبهم الشعب وشرفهم بأول شرعية في تاريخ تونس ومكنهم من قرطاج والقصبة وباردو وجميع المؤسسات السيادية ، ثم وضعوا كل هذه المؤسسات و وضعوا أنفسهم تحت تصرف السيد العباسي. لا يسعنا كصحفيين بل كتونسيين إلا ان نقول لإخواننا وأشقائنا في مختلف الدول العربية الذي تهكموا على ما أطلقوا عليهم مهندسي الدولة التونسية ان هذه المجموعة التي تصدرت الواجهة وتحذلقت أمام حزمة الميكروفونات والتي قدمت مثل تلك الخطابات والعبارات الركيكة المفعمة بالتخبط المسقط ليست هي النخبة التي أهّلها الشعب التونسي خلال انتخاباته الحرة ، النزيهة والشفافة ، بل هي مجموعة مركّبة مصطنعة قدمتها لتونس النخبة التي اختارها الشعب في واحدة من أبشع وأشنع المنح والعطايا في التاريخ السياسي ، ماعدا الجائحة التي أصابت تونس لم نسمع من قريب ولا من بعيد عبر أصقاع المعمورة بشرعية تخلت لوجه الله عن شرعيتها لمن يكفر كفرا بواحا بالشرعية. نصرالدين