تعوّل تونس كثيرا على إنتاجها من زيت الزيتون لما ستوفّره عائداته من دعمٍ لنموّها الاقتصادي. و لئن مرّت المواسم الفلاحية السابقة بنكسات ارتبطت بانخفاض نزول الأمطار و جفاف السدود بشتى الجهات، إلا أن بوادر انفراج رافقت الموسم الحالي لتنذر بانتاج كمّي و نوعيّ جيّد ما من شأنه أن يدعم النمو الاقتصادي للبلاد .. و لا يختلف اثنان حول اعتبار ان زيت الزيتون التونسي يعد من أجود انواع الزيوت عالميا منذ الازل ، و ما انفكت دول اجنبية في السنين الخالية تتسابق لاقتناء زيت تونس لما يتميز به من جودة عالية على الصعيد الدولي .. وقد سجلت تونس خلال الموسم الفلاحي 2017-2018 أعلى نسبة نمو في مخزونها من زيت الزيتون في العالم، بزيادة وصلت إلى 120 بالمئة مقارنة بالموسم الماضي، وفق المجلس الدولي للزيت الواردة في حصيلة أعدتها رئاسة الحكومة. وأضافت الحصيلة، أنه بفضل إنتاج يقدر ب220 ألف طن من زيت الزيتون، تحتل تونس الرتبة الرابعة عالميا في هذا المجال. وأفاد المجلس الدولي للزيت أن تونس تقدمت بالنسبة المذكورة على تركيا التي سجلت أيضا نموا في مخزونها من زيت الزيتون بنحو 287 ألف طن (62 بالمئة)، وأيضا الأرجنتين، التي ارتفع إنتاجها بنسبة 74 بالمئة، والأردن ومصر اللتان سجلتا ارتفاعا بنسبة 25 بالمئة. و يأمل التونسيون، هذا الموسم، أن تتربع تونس على عرش الصدارة العالمية في صادرات زيت الزيتون باحتلال المركز الثاني عالميا. وطوال السنوات العشر الماضية باستثناء 2015، ظلت تونس تراوح في المركز الرابع عالميا، كأكبر مصدر لزيت الزيتون في العالم، بعد إسبانيا وإيطاليا واليونان. وفي هذا الصدد، قال مدير عام الديوان التونسي الوطني للزيت شكري بيوض "نتطلع إلى تصدير 200 ألف طن من الذهب الأخضر، مقابل 145 ألف طن في الأعوام القليلة الماضية، في ظل مساعينا لكي نكون ثاني أكبر مصدر للزيت في العالم"، لافتا إلى أن "تونس تصدر زيت الزيتون إلى 54 سوقا في العالم". و أفاد بأن هذه الأسواق يتصدرها الاتحاد الأوروبي بأكثر من 56 ألف طن، ثم الولاياتالمتحدةالأمريكية بقرابة 35 ألف طن منها 7 آلاف طن معلبة. وتتجهز تونس لزراعة 10 ملايين غرسة زيتون جديدة في أنحاء متفرقة من البلاد، خلال السنوات الثلاث المقبلة، لتعزيز حضورها كواحدة من أكبر الدول المنتجة لزيت الزيتون حول العالم. وبرزت في السنوات الأخيرة، أسواق جديدة لتونس على غرار السوق الروسية والهندية واليابانية وعدد هام من الأسواق الإفريقية. وأفاد بيوض أن "الموسم الجديد للزيتون في تونس يعد واعدا بفضل العوامل المناخية الملائمة، إذ من المنتظر إن يتراوح إنتاج الزيتون بين 13 و15 مليون طن". ولفت إلى أن الموسمين الأخيرين اتسما بضعف الإنتاج بسبب الجفاف، إذ أنتج خلال موسمي 2016/2017 و2015/2016 نحو 240 ألف طن من زيت الزيتون. ولم يتجاوز حجم الإنتاج من الزيت، خلال الموسم الفلاحي الماضي، حدود 100 ألف طن توجهت منه نحو 70 ألف طن نحو التصدير. وأدى هذا الإنتاج الذي يعتبر شحيحا، إلى ارتفاع أسعار اللتر الواحد من الزيت في السوق المحلية، ليتجاوز 10 دنانير تونسية. وينطلق موسم جني الزيتون في تونس في مطلع نوفمبر الجاري، بما يتواصل موسم التصدير حتى نهاية أكتوبر 2018، بحسب بيوض. وتابع بيوض: "تم العمل على اتخاذ إجراءات هامة بالعمل على تسريع التصدير ومراقبة جودة الزيت وتوفير التمويلات اللازمة من خلال عقد اجتماعات مع البنوك الممولة لتيسير عمليات تمويل". ويقدر معدل الصادرات السنوية من الزيت، خلال العشر سنوات الأخيرة، بما لا يقل عن 145 ألف طن، معظمها يذهب إلى الأسواق الأوروبية، وتمثل الصادرات قرابة 80 في المائة من الإنتاج التونسي. وحتى نهاية شهر جويلية الماضي، وجهت تونس أكثر من 71 ألف طن من الزيت إلى الأسواق الخارجية، وهو ما مكن من تحصيل عائدات مالية قدرت بنحو 679 مليون دينار تونسي. وأضاف بيوض أن "الديوان الوطني للزيت له طاقة خزن تقدر ب 160 ألف طن تم وضعها على ذمة القطاع وتحصل على التمويلات اللازمة لتمويل الموسم". من جهته، أكد وزير الفلاحة سمير الطيب، في تصريحات سابقة، على أهمية تصدير زيت الزيتون ودوره في تحقيق التنمية وجلب العملة الصعبة، إذ يقدر معدل الصادرات السنوية من الزيت خلال العشر سنوات الأخيرة ب145 ألف طن، ما يمثل 80 بالمائة من الإنتاج الوطني، حققت عائدات بقيمة 850 مليون دينار. وأشار إلى تواصل عمليات تصدير زيت الزيتون التي بلغت كمياتها إلى موفى جويلية 2017، حوالي 71617 طنا مكنت من تحصيل عائدات بحجم 338ر679 مليون دينار مقابل تصدير 78336 طنا بعائدات قدرت قيمتها ب480ر590 مليون دينار في نفس الفترة من الموسم المنقضي. وبخصوص إرتفاع أسعار بيع زيت الزيتون في تونس، قال الطيب أن ضعف الإنتاج خلال الموسم الفارط، الذي ناهز 100 ألف طن، وتصدير حوالي 70 ألف طن قد أدى الى ارتفاع الأسعار في السوق المحلية باعتبارها تخضع للعرض والطلب مؤكدا تدخل الوزارة في مناسبتين لحث الخواص وديوان الزيت للتخفيض من هذه الأسعار لتمر من 11 و12 دينارا إلى 8 و9 دنانير للتر الواحد. وأوضح أن أسعار بيع زيت الزيتون ستشهد تراجعا هذه السنة نظرا لتوقع انتاج كميات أوفر من الموسم الفارط. يذكر أن تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا على مستوى المساحات المخصصة لغراسات الزيتون وتأتي بعد إسبانيا، وتغطي هذه المساحات 8ر1 مليون هكتار وتضم أكثر من 86 مليون شجرة. ويمثل قطاع الزيتون، وفق مؤشرات وزارة الفلاحة، النشاط الرئيس لحوالي 309 ألف مستغلة وهو مايعادل نسبة 60 بالمائة من العدد الجملي للمستغلات الفلاحية في تونس.