شخصية سياسية متسرعة، متلهفة جدا، ويوصف أيضا في الاوساط السياسية ب"المزروب"، هو السياسي محسن مرزوق الذي لم يلتزم بالعزف على وتر واحد من أوتار السياسة، منذ التحاقه بالعمل السياسيّ في مطلع شبابه. في مدة قصيرة تحول محسن "مزروب" حسب ما يصفه به خصومه السياسيون من نكرة عديم الخبرة والمعرفة بالنشاط الحزبي إلى نجم في نداء تونس، وعزم على الانتقال من الهامش إلى مركز الاهتمام، متسلّحاً برغبة في البروز وببلاغة «يساريّة» صقلتها مطالعاته مرزوق الذي بدا منذ 10 سنوات في الاشتهار في بعض الدوائر الاوروربية والعربية والامريكية دون ان يشتهر تونسيا، بل كانت دائرة معارفه منحصرة لدى بعض النخب السياسية التقدمية من اليسار التونسي.. ومباشرة بعد الثورة برز فجأة للإعلام والطبقة السياسية خاصة حين نظم- من خلال «مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية» (كان منسقه العام ومقره في العاصمة الأردنية عمان)-، سلسلة من الندوات والملتقيات السياسية والفكرية تناولت معظمها الوضع الانتقالي في البلاد والسبل المثلى لتوخي طرق سلمية تضمن انتقالا ديمقراطيا سلميا يقوم أساسا على قيم العدالة الانتقالية. وتحول من دستوري داخل شعبة إلى يساري في ال"وطج" فناقم هلى اليسار، ثم حقوقي فبراغماتي إلى وسطي إلى يميني ضمن نداء تونس، التي ازدادت بقيادته تصدعاً وشقاقاً، ومرة أخرى عجل تسرعه ورغبته الجامحة في الحصول على المناصب العليا في إخراجه من القصر حتى غادره. ثم انطلق من جديد في مشروعه السياسي الحزبي ، فاستغل ما حصّله في الأعوام الماضية وشقّ نداء تونس، وأخذ جزء مهما من كوادر حركة النداء، وأسس حركة مشروع تونس التي لم يلق صعوبة في تكوينها، خاصة أنّه لم يبدأ من الصفر. ففتح بذلك دائرة التشظي والانشطار داخل الحركة باعلانه تشكيل حزبه الجديد الذي ضم المؤيدين له والرافضين لجناح حافظ قائد السبسي ابن رئيس الجمهورية ومؤسس نداء تونس الباجي قائد السبسي. ولئن كان التفرد بالرأي والقرارات المسقطة اهم اسباب التي دفعت النواب عن مشروع تونس الي الاستقالة من حركة نداء تونس، فإن الأخيرة ما ان تأسست حتى انطلقت موجة الاستقالات لنفس الأسباب، حيث أعلنت النائبة فاطمة المسدي استقالتها بعد شهر واحد من إعلان تشكيل الحزب، وفتحت بذلك باب الاستقالات، اعلن بعدها بالتحديد في نوفمبر من نفس العام،عضو اللجنة المركزية لحركة مشروع تونس، خالد كبوس استقالته من كل هياكل الحركة. ومحاولة للتموقع، واصرارا على عدم البقاء في الهامش، تنقل مرزوق من جبهة الى أخرى، حيث بادر صحبة عدد من الأحزاب المعارضة الى تكوين ائتلاف سياسي قيل إنه لهدف إعادة التوازن في المشهد السياسي، وجمع شتات المعارضة ولضرب حركة النهضة والتقريب بين احزابها. وقبل حتى ان تنطلق في العمل الرسمي اُتهمت حركة مرزوق بالتسبب في حل الجبهة بعد أشهر معدودة من تأسيسها، وهي اليوم تدعو الى تكوين "جبهة جمهورية" اخرى لنفس الاهداف وبمشاركة نفس الاحزاب. وقد بدأت ملامح تلاشي الجبهة بعد أن أعلنت كل من حركة مشروع تونس و حزب العمل الوطني الديمقراطي تجميد نشاطهما صلب الجبهة، حيث اعلنت حركة المشروع ان مكتبها السياسي قرر تجميد المشاركة في انشطتها. محاولتها اخفاء فشلها بالدخول في تحالفات مع الأحزاب السياسية لم تحول دون تواصل مسلسل الاستقالات التي بنيت في الأساس على انقاض حركة نداء تونس، و لم تستقر الاوضاع في الحركة رغم حداثة عهدها في المشهد الحزبي التونسي وعاشت وقع الاستقالات المتتالية و كانت الاسباب متشابهة ان لم نقل موحدة و المتمثلة في تفرد الامين العام للحركة بالرأي حسب المستقيلين. هذا و دعا الأمين العام لحزب "مشروع تونس" محسن مرزوق ، كلاّ من "آفاق تونس" و"النداء" و"المشروع "و"الوطني الحر" و"تونس أولا" ، إلى تكوين جبهة جمهورية واسعة . تسرع مرزوق، بحرق المراحل لم يقتصر فقط على المناصب التي تقلدها بعد الثورة ولا في عدد الجبهات التي بادر بتكوينها، بل حتى في تصريحاته من بعض القضايا المهمة في البلاد، وقد دعا في اخر تصريح له الى قرع ناقوس الخطر ويعتبر الاوضاع الحالية للبلاد لا تسر ويدعو الى ضرورة الاسراع باتخاذ اجراءات تعديلية سريعة في مجال المالية والى عقد اجتماع ثان تقييمي موفى هذا الشهر للأوضاع بالبلاد.