رغم الانتقال الديمقراطي والدعوات إلى بناء أمن جمهوري ما تزال بعض الأطراف تعامل رجال الأمن على أنهم (أعداء) وهو ما يفسر الاستهداف الممنهج ضدهم خلال المسيرات . و انطلقت موجة الاحتجاجات في تونس ضد قانون المالية منذ ايام ، لكن وقوع أعمال نهب وتخريب، ومحاولة إحراق مقرات السيادة في تونس و الاعتداءات الممنهجة على رجال الشرطة بتونس ، تفتح النقاش حول خلفيات هذا الاحتجاج ، و التساءل هل هو بالفعل احتجاج على غلاء الاسعار ام هو احتجاج على السلطات التونسية ممثلة في جهاز الشرطة، خاصّة و أنّ العلاقة بين المواطن التونسي و الشرطة اتسمت بتوترها في جميع أطوارها . وأصيب حوالي 49 عون شرطة بجروح متفاوتة الخطورة و9 اعوان من الحرس الوطني كما أحرق المحتجون عشرات من عربات الشرطة ومقرات حكومية ومراكز أمنية وأطلقت وزارة الداخلية التونسية هاشتاغ "#ما تخربش بلادك تونس محاجتلك"، على الشبكات الاجتماعية، في سابقة لفتت انتباه وتفاعل التونسيين. ودعت الوزارة، من خلال الهاشتاغ، الشباب التونسي إلى "التظاهر بشكل سلمي وعدم المساس بأمن المواطنين وسلامتهم، وعدم الانسياق وراء عمليات التخريب والسرقة للحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة". و تبدو العلاقة في تونس معقّدة جدا بين رجال الأمن والمواطنين حتى أن تونس تصنّف قبل الثورة في خانة الدولة البوليسية،و يرى مراقبون انّه يجب التفرقة بين أولئك الأمنيين الذين يضحون بحياتهم لأجل أمن تونس و الذين لا عمل لهم سوى التحايل على المواطن البسيط لابتزاز مبلغ عشرة أو عشرين دينارا منه . و يحظى سلك الأمن في جزء منه باحترام التونسيين بعد التضحيات التي قدّمها في وجه الإرهاب، لكن ما إن تهدأ الأمور حتى تعود العلاقة المتوترة بين الجانبين وترجع الاتهامات للأمنيين "الذين يخنقون الأنفاس ويحددون الحريات ويضيقون ما في الحياة من فسحة شاسعة". هذا و آستنكر رئيس المنظّمة التونسية للأمن والمواطن عصام الدردوري ، عمليّة الاستهداف الممنهج الذي تتعرّض له الوحدات الأمنية ومقرّاتها ووسائلها محذراً من خطورة ما سينجم عن ذلك من إتاحة للفرصة لمجرمي الحقّ العامّ والعناصر الإرهابيّة لنشر الفوضى والتحرّك لتنفيذ مخطّطاتها الهدّامة. وطالبت المنظمة بتتبّع كلّ المتورّطين في التخريب. الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية العميد خليفة الشيباني افاد من جانبه انه تم حرق مقر الامن الوطني بعد ان تم اخلائه موضحا في هذا الصدد ان قوات الامن تقوم باجراء الاخلاء بهدف تجنب الاحتكاك والتصادم مع العناصر التي تقوم بهذه الاعتداءات كما تم في المهدية حسب نفس المصدر حرق حافلة نقل مزدوجة تابعة لشركة النقل بالساحل في مفترق مدينة شربان (ولاية المهدية) كما تعرض مواطنون في بن عروس لعملية سلب دراجتين ناريتين تحت طائلة التهديد باستعمال العنف وباسلحة بيضاء (براكاج) الى جانب محاولة بعض العناصر لاقتحام مغازة بجهة الزهراء وتصدي الوحدات الامنية لهم . وفي توضيحه لاعمال الشغب والتخريب التي جدت بنفزة خلال الليلة الفاصلة بين 9 و10 جانفي الجاري اوضح الشيباني انه تم حرق المستودع البلدي وبلدية المكان واقتحام مركز الامن الوطني بالمنطقة وسرقة حاسوبين اثنين منها الى جانب حرق سيارة تابعة للمركز و سيارة اخرى تابعة لمركز الشرطة البلدية مشيرا في هذا الاطار الى ان مصلحة التوقي من الارهاب باقليم الحرس الوطني بباجة تمكنت من ايقاف عنصرين تكفيريين اثنين مورطين في عملية الحرق والاحتفاظ بهما بعد مراجعة النيابة العمومية ،احدهما صادر في شانه قرار بالاقامة الجبرية . غير أن الاعتداء على الأمنيين لا يمكن النظر إليه بمعزل عمّا يجري على كامل تراب تونس، فقد وقع نهب للأسواق وتم إحراق مؤسسات بنكية وممتلكات عامة، وهو ما يفسره الخبير الأمني التونسي، باسل ترجمان، بوجود عصابات لا علاقة لها بالاحتجاج، ترغب ب"إعادة الفوضى التي عاشتها تونس بعد سقوط بن علي". و يقول ترجمان أن هناك "أطرافا مشبوهة تسعى لخلق أزمة حقيقية في تونس، لأجل تحقيق مشاريع لديها علاقة بالتهريب والعصابات الإرهابية في غرب ليبيا" .