لطالما أثار الحزب الدستوري الحر، الذي يعتبره التونسيون "الوريث الشرعي والرئيسي لحزب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي" ، الجدل على الساحة السياسية بالبيانات "البنفسجية" الصادرة عنه و بتصريحات أمينته العامة عبير موسى التي ما انفكت تتغنى وتمجد العهد السابق في رسائل معلنة او ضمنية. و ما أثار حفيظة التونسيين خلال اليومين الماضيين هو إقرار الحزب الدستوري الحر، الأحد 14 جانفي 2018 المصادف للذكرى السابعة للثورة، بأنه لا يعترف لا بهذه الذكرى ولا بتاريخ 14 جانفي أساسا. وبينما احتفت أغلب الأحزاب في السلطة والمعارضة وباقي منظمات المجتمع المدني بالذكرى السابعة للثورة ،كل بأسلوبه سواء الاحتفالي او الاحتجاجي، فقد اختار الحزب الدستوري الحر إحياء ذكرى قديمة تعود لعام 1952 وترتبط بمعركة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي. ويبدو أن الحزب اختار إحياء الذكرى التي تتوافق مع يوم 18 جانفي، في يوم عيد الثورة المجيدة عمدا من أجل استفزاز التونسيين و إثارة الجدل. وقالت الأمينة العامة للحزب عبير موسي، "نريد التذكير بأننا موجودون من خلال احتفالنا بهذه الذكرى" . و أضافت في ذات الصدد : "كان من الممكن الاحتفال بالذكرى يوم الأحد القادم 21 جانفي لكننا نحتفل به اليوم لأنهم يريدون صناعة تاريخ مزيف". وقالت موسى "عندما نحتفل بهذه الذكرى. نحن أحفاد الزعيم بورقيبة وزعماء الحركة الوطنية. لن نفرط في تاريخنا وأمجادنا ولم نسمح لهم بأن يحرفوا واقعنا". وأضافت عبير موسي "الحقيقة التي نعرفها إن تاريخ 14 جانفي 2014 هي نقطة بداية دمار تونس.. نحن لا نعترف ب14 جانفي". و أردفت أنها لا تعترف بالدستور المنبثق عن المجلس التأسيسي وأن حزبها بصدد إعداد دستور مغاير سيكون جاهزا خلال شهر مارس 2018، وفق قولها. ويضم الحزب الدستوري الحر كوادر ومنخرطين أغلبهم من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي، الذي حله القضاء عام 2011 بعد أشهر من سقوط نظام المخلوع بن علي، لكنه يعرف نفسه كامتداد للحركة الوطنية التي ظهرت بداية القرن الماضي لدحض الاستعمار. و اعتبر متابعو الشأن السياسي أن هذه التصريحات الأخيرة للأمينة العامة للحزب الدستوري الحر ليست بالجديدة عليها ، إذ لطالما عرفت عبير موسى بتصريحاتها المناهضة للثورة والمؤلبة للثورة المضادة . ولعل علاقتها بالقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان المعروف بلقبي "رجل الثورة المضادة" في دول الربيع العربي و"أخطبوط مؤامرات الشرق الأوسط" تثبت نواياها بقلب الموازين في تونس. وقد أثارت زيارة دحلان غير المعلنة الى تونس خلال الاسابيع القليلة الماضية ضجة كبيرة في تونس سيما وقد راجت انباء بأنه التقى عددا من الشخصيات السياسية في مقدمتها محسن مرزوق رئيس حركة مشروع تونس المعروف بقربه من دولة الإمارات و المصنف كأحد أهم رجال دحلان في تونس ، ورئيس حزب افاق تونس ياسين ابراهيم، وعبير موسى الأمينة العامة للحزب الدستوري الحر. وقد أثارت هذه الأنباء، التي لاقت أخذا وردّا، كثيرا من الجدل و أسالت الكثير من الحبر سيّما وأن سمعة دحلان "السيئة" تسبقه و المعروف عنه أنه"مخرّب الثورات العربية" و"معادي الإسلاميين" و"الصديق الحميم لولي عهد الإمارات محمد بن زايد".. وعقب الضجة التي أثارتها الأنباء المتداولة حول زيارة دحلان إلى تونس، سارعت قيادات حزبية إلى التبرؤ من أي لقاء معه. وسارع "الحزب الدستوري الحرّ" إلى نفي برمجة لقاء سرّي بين رئيسته، عبير موسي، ودحلان ، معتبرًا أن كل ما روج عن هذا الأمر "إشاعات تندرج ضمن حملات تشويه ممنهجة يقودها خصوم سياسيون كردّ فعل على مواقف الحزب الرافضة للتعامل والتطبيع مع الإسلام السياسي". ونشر الحزب بيانًا شديد اللهجة اتهم فيه أحزابًا بالتعاطي مع المال السياسي في علاقتها بدحلان، معتبرًا أن هذه الإشاعة تمثل "محاولة يائسة لثنيه عن المضي قدمًا في مجهوداته الرامية للكشف عن التمويلات الأجنبية والمجهولة المصدر التي ضخت منذ 2011 لشراء الذمم وتزوير إرادة الناخبين"، على حد قوله.