ارضية متحركة عاش على وقعها المشهد السياسي التونسي خلال الأيام الفارطة، أفرزت بروز تحالفات متعددة، بين مختلف الاحزاب المعارضة والمشاركة في الحكومة، ذابت في حضرتها بعض الصراعات الأيديولوجية والشخصية، رغم ان بعضها لا يخلو من الاضطرارية أو فقدان نسبة من الطوعية، التي دفعت بعض الأحزاب إلى الدخول فى تحالفات لملاءمة أوضاعها مع التشكل الجديد للمشهد. وتسعى الأحزاب السياسية إلى عزل حركة النهضة و إنهاء مدة حكمها ولكن برغم محاولتها العلنية و التحالفات التي نسجتها تلك الجبهات الظرفية مرورا بتحالف الجبهة الشعبية في مايسمى بجبهة الإنقاذ سنة 2014 مع بعض الأحزاب الاخرى لاسقاط حركة النهضة الى خارطة التحالفات اليوم غير أنها فشلت في تحقيق أهدافها بسبب تماسك حركة النهضة رغم كيد خصومها السياسيين. و نلاحظ أن الصراع السياسي في هذا الاتجاه أخذ مسارات غير اخلاقية وصلت حدود نشر الكذب و المغالطات لتشويه حركة النهضة ومهاجمتها اعلاميا و نسج خيوط مع مصالح اجنبية تسعى إلى ضرب مسار الثورة و الهدف هو ابعاد حركة النهضة عن الحكم. ورغم ذلك ظلت النهضة خصما سياسيا لم يتمكن أشد خصومه من تجاوزها بعد انتخابات 2014 في لعبة نتائج الانتخابات الأخيرة لبناء حكومة الوحدة الوطنية. على غرار كل الجبهات التي تشكلت في السابق تتوحد الجهود الحزبية لتكوين جسد سياسي لعل آخره دعوة المنسق العام لحركة «تونس اولا» رضا بلحاج الذي اكد انه تم الاتفاق خلال اللقاء التشاوري الذي جمع عددا من الاحزاب في ما اسماه «بالائتلاف المدني» على الدخول في الانتخابات البلدية القادمة بقائمات ائتلافية في 48 دائرة انتخابية وهي الدوائر الراجعة بالنظر الى مركز الولاية وعددها 24 الى جانب تقديم قائمات ائتلافية في 24 دائرة بلدية اخرى بحساب دائرة عن كل ولاية . واكد بلحاج في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء ان 48 دائرة المذكورة هو الحد الادنى الذي تم الاتفاق حوله حاليا مشيرا الى انه تم ترك المجال للجان الممثلة للائتلاف المدني بالجهات ، لتكوين قائمات بالجهات حسب تواجد الاحزاب المكونة للائتلاف واشعاعها ومستوى التنسيق ودرجة التوافق بين مختلف هذه الاطراف. واضاف في هذا الصدد انه تم اقرار مبدأي المرونة وحرية التصرف لممثلي الائتلاف بالجهات حسب خصوصية كل جهة بهدف اضفاء الفاعلية وضمان النجاعة المطلوبة حيث يمكن ان تكون القائمة الانتخابية بدائرة بلدية ممثلة ببعض مكونات الائتلاف دون غيرها لافتا الى تعقيد عملية اعداد القائمات الانتخابية البلدية الذي قال انها تتطلب توافقات فنية وتحكيمات لتجنب الخلافات التي تطرأ حول اختيار رئيس القائمة والاربعة الاوائل في القائمة وهي مسائل تطرح نفسها بمقتضى ما يفرضه القانون الانتخابي . وأوضح المنسق العام ان الحركة الديمقراطية التي اسسها احمد نجيب الشابي قد انضمت الى هذا الائتلاف ليرتفع عدد الاحزاب المكونة له الى احدى عشر مشيرا من جهة اخرى إلى انه سيتم عقد ندوة صحفية الاسبوع القادم للاعلان رسميا عن هذا الائتلاف يذكر ان 10 احزاب كانت اعلنت في بيان اصدرته في 26 ديسمبر الفارط عن عزمها ، التقدم للإنتخابات البلدية ضمن قائمات موحدة في كل الدوائر الانتخابية، باعتماد مقاييس موضوعية تضمن مساحة واسعة للكفاءات الحزبية ولمختلف مكونات المجتمع المدني والمستقلين. ويضم هذا الائتلاف كلا من حزب المستقبل وحركة مشروع تونس وحزب البديل التونسي وحزب آفاق تونس وحزب العمل الوطني الديمقراطي والحزب الجمهوري وحزب المسار الديمقراطي الإجتماعي وحركة تونس أولا والمبادرة الوطنية الدستورية التونسية وحزب اللقاء الديمقراطي والحركة الديمقراطية . وإعتبرت هذه الأحزاب، في بيان سابق إثر إجتماع حول الإعداد للإنتخابات البلدية، أن العمل الجماعي يعد السبيل الأمثل لمجابهة التحديات المطروحة على المستوى المحلي، فضلا عن الإنفتاح على مختلف القوى الفاعلة في المجتمع المدني لإنجاح هذه المحطة التاريخية.