تعيش الساحة السياسية، خلال الفترات الأخيرة، على وقع طفرة من الأحداث المتسارعة وتضارب المواقف حول دعم حكومة الوحدة الوطنية من عدمه ومدى التمسك بوثيقة قرطاج، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد فترة حساسة تستوجب وحدة جميع الأطراف.. ولعلّ تسارع نسق الأحداث التي عايشتها حكومة الوحدة الوطنية خلال الأسابيع الأخيرة بين منسحب منها ومنضمّ إلى ركبها أربك المشهد السياسي عموما وخلق سيلا من التساؤلات لدى الرأي العام حول مدى جدية هذه التركيبة التي وصفها متابعون ب"غير المتجانسة"، سيّما في هذه المرحلة الحساسة التي تمرّ بها البلاد على جلّ الأصعدة (اقتصاديا، ماليا، اجتماعيا .. ). وقد ألقى انسحاب عدد من الأحزاب من وثيقة قرطاج، التي تمثل الحزام السياسي لحكومة الوحدة الوطنية ، بظلاله على الاستقرار السياسي وسط تسريبات بأن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يفكّر في مبادرة للخروج من الأزمة سواء بتعديل وثيقة قرطاج أو طرح وثيقة بديلة تكون بمثابة "وثيقة قرطاج2′′ لحشد عدد أكبر من الداعمين حول حكومة الوحدة الوطنية، سيما بعد انسحاب الحزب الجمهوري، وآفاق تونس، وحركة مشروع تونس، وتهديد حزبي المسار وحركة الشعب أيضا بالنسج على نفس التمشي. وكان السبسي قد طرح على الموقعين على "وثيقة قرطاج" أن يقدّموا اقتراحات جديدة مقرّا بأن تنفيذ بنودها يسير ببطء لا يتماشى مع متطلبات الوضع في تونس وخاصة في الملفين الاقتصادي والاجتماعي، وشدد السبسي على ضرورة التزام كل طرف بإعداد مقترحات عملية قد تضفي جرعات جديدة على الوثيقة بما يتناسب مع متطلبات الوضع الراهن في تونس. وفي خضمّ هذا الشأن، صرّح الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري إن المنظمة الشغيلة بصدد دراسة كل التطورات الحاصلة بعد انسحاب بعض المكونات من وثيقة قرطاج. بيد أنه استدرك، في تصريح للعرب، أنه لم يبلغ إليهم أي دعوة رسمية لصياغة وثيقة ثانية قد يطلق عليها تسمية "وثيقة قرطاج2′′. هذا ومن المنتظر ان يعقد المكتب التنفيذي للاتحاد قريبا اجتماعا يحدد خلاله موقفه ممّا حصل من تطورات في علاقة بوثيقة قرطاج ، منوها في تصريح للعرب بأنه "لا علم لنا في اتحاد الشغل بأي مبادرة جديدة قد يطرحها رئيس الجمهورية وقد تفضي إلى صياغة ‘وثيقة قرطاج 2′"، ليستدرك قائلا "المنظمة الشغيلة منفتحة على كل الاقتراحات التي تخدم مصلحة البلاد وإن كانت هناك مبادرة في هذا الصدد سننظر فيها ونناقش ملامحها ومن ثمة نحدّد موقفا نهائيا منها".