في وقت تعول الأحزاب على خبراء في مراكز دراسات وبرامج وإخصائيين في علم التواصل و الاجتماع بقيت أحزاب أخرى لتكون مجرد أسماء لاستمالة واستعطاف القلوب لم تتجاوز شعبيتها مئات الأشخاص . وتشابهت اغلبها في تسميتها رغم اختلاف التوجهات، ولم تعد البلاد ولا المشهد السياسي حيال أحزاب بمشاريع ورؤى كبرى تبحث عن إرساء ثقافة سياسية ومدنية في البلاد بقدر سعيها إلى الوصول إلى السلطة. ويؤكد محللون أن الراهن السياسي في تونس يقوم أساسا على أحزاب انتخابية، وأنه لا ضر في أن تواصل هذه الاحزاب سباتها الفكري والمعجمي والاتصالي إلى حين قرب الاستحقاقات التمثيلية. وتقوم هذه الاحزاب على انتقاد سياسة الحكومة مهما كان توجهها، والتركيز على نقاطها السلبية، لكسب ود الشارع التونسي باظهارها له، دون عرض برنامج حزبي واضح يقنع الناخبين بجدوى وجودها، من بينهم حزب البديل التونسي الذي انتقد في أول اجتماع شعبي يقوم به نهاية الاسبوع الماضي الحكومة وبرامجها وسياستها، في حملة انتخابية مبكرة، لم يقدم خلالها ولا بند وحيد واضح من برنامجه الحزبي. وقال رئيس الحزب المهدي جمعة، لدى إشرافه على الاجتماع الشعبي بصفاقس، أن "التونسيين وصلوا بعد 7 سنوات من الثورة وآمالها الكبيرة إلى مرحلة نفاذ الصبر بعد غلق الآفاق في وجه الطاقات الخلاقة التي كانت تطوق للحرية ولبناء مستقبل واعد". وأشار إلى أنّ حزبه "لن يبقى مكتوف الأيدي أمام حالة التّهميش والإقصاء التي يعاني منها عدد كبير من أبناء الوطن". ودعا إلى ضرورة "تطبيق حوكمة عصريّة في ظل نظام ديمقراطي لتمتين العلاقة بين المواطن وأصحاب القرار والممثّلين الذين تفرزهم صناديق الاقتراع". واعتبر أن الحل يكمن كذلك في إعطاء الثقة للشباب وفي أن تكون تونس لجميع التونسيين والتوقف عن إضاعة الوقت في السب والشتم والبحث عن الفرقعات الإعلامية والصراع من أجل المواقع والكراسي دون برنامج أو رؤية أو بديل بحسب قوله. وشدد رئيس حزب البديل التونسي، في ذات السياق على أهمية الاهتمام بالفئات الهشة والمهمشة من خلال قوله : "ليس من حقنا اليوم ولا من طبعنا أن نتجاهل مواطنينا الذين يعيشون في الفقر والإقصاء بدون أمل في غد أفضل بل بالعكس لا بد من إقحام هذه الفئة في الدورة الإقتصادية بما يساعد على توسع رقعة الطبقة الوسطى التي نراها تتهرأ". ويرى محللون بأن رئيس حزب البديل يحاول الرجوع الى السلطة بكل الطرق، خاصة بعد تكوينه حزبا سياسيا بعد خروجه من الحكومة، وضم عدد من الشخصيات السياسية المعروفة فيه. يشار أيضا الى أن جمعة يكثف خلال الايام الماضية من نشاطاته المغلفة بنشاط حزبي، وظهوره الاعلامي، خدمة لمصالح انتخابية. ويتخذ حزب البديل لنفسه شعار العداء للنهضة و النداء ، و بالرغم من أن جمعة أكد أن هذا الحزب " سيكون حزبا قويا و بديلا للأحزاب" إلاّ أن موجة الإستقالات ، عصفت بتركيبته قبل أن يغلق الحزب عامه الأول . هذا و دفعت الضغوطات التي فرضتها الإنتخابات البلدية ببعض الأحزاب الى الإقتناع بأن مواجهة الأقطاب السياسية الكبرى على غرار " النداء" و "النهضة" لن تكون إلا عبر الوحدة والتكاتف لتبرز في الآونة الأخيرة أحزاب وجبهات سياسية جديدة، اخرها دخوله ضمن ائتلاف مدني يضم عشرة أحزاب أخرى بهدف الدخول في الانتخابات البلدية القادمة بقائمات ائتلافية في 48 دائرة انتخابية وهي الدوائر الراجعة بالنظر الى مركز الولاية وعددها 24 الى جانب تقديم قائمات ائتلافية في 24 دائرة بلدية اخرى بحساب دائرة عن كل ولاية .