أمام الهجمة الشرسة التي تشنها القوى المعادية لثورات الربيع العربي على "حلم الديمقراطية "، عملت تونس على المحافظة على المكسب"الديسمبري" الذي وضعها تحت مجهر الدول المتقدمة التي لا تزال الى حدّ اليوم منبهرة بالتجربة التونسية ومشجعة لها . و فيما تتقلّص العوائق المعطلة لمسار العدالة الانتقالية يوما بعد يوم، نجحت تونس سياسيًا في تركيز نظام يقوم على حرية التعبير والتعددية والانتخابات الحرة والتداول على الحكم،فيما تتواصل المساعي الحكوميّة لتفعيل مطالبه المتعلقة بالجانب التنموي والاقتصادي . الاستثمار في الديمقراطية يعني لتونس مثل استثمار النفط بالنسبة للجزائر ، هكذا استدركت جريدة لومند ملفها حول التجربة الديمقراطية في تونس التي جعلت من بلادنا محطّ انظار العالم والشمعة الوحيدة التي تنير عتمة البلدان العربية ،الجريدة ايضا اشارت الى ان عودة تونس الى مربع الديكتاتورية يعدّ من المستحيلات لان تونس و بالاستعانة بحكامها لن تفرّط ابدا في الحرية التي منحها اياها الشعب. و في ملف كامل حول التجربة الديمقراطية التونسية نشرت صحيفة لوموند الفرنسية مقالا بتاريخ 25 جانفي 2011وتناول المقال بالتحليل التوافق مسار الثورة التونسية و التي رغم تعثرها استطاعت الحفاظ على هدفها . وإعتبرت الصحيفة الفرنسية أنه على الصعيد السياسي في تونس (دون الحديث على الصعيد الاجتماعي حيث المشهد اكثر تعقيدا وهو ما اظهرته الاحتجاجات الاخيرة) هناك الكثير من التعثرات والاخطاء وحتّى الانزلاقات أبرزها برلمان خاضع للوصاية السياسية ومشروع محكمة دستورية مازال معلّقا وهيئة انتخابية مستقلة تشهد محاولات اختراق ومشاكل تعترض تطبيق مبدأ اللامركزية المدرجة في الدستور وعدالة انتقالية مثيرة للجدل وعودة للقبضة الأمنية مع حنين لنظام بن علي وشيطنة لثورة 2011. وإستدركت اليومية الفرنسية بإعتبار أن كل هذه المؤشرات وعلى خطورتها غير كافية لدعم اطروحة الثورة المضادة و أن اعادة تونس إلى مربع الديكتاتورية لن يكون بهذه البساطة فالإستثمار في الديمقراطية يعني لتونس مثل النفط بالنسبة للجزائر،وذلك من خلال الدعم الدولي خاصة الغربي للتجربة التونسية ماديا وهو ما يفسر ارتفاع اسهم تونس دبلوماسيا حيث تمكنت مؤخرا في 23 جانفي 2018 من الخروج من القائمة السوداء للملاذات الضريبية التي اعدها الاتحاد الاوروبي كما ان شعارات اغلب الجهات الدولية المانحة على غرار صندوق النقد الدولي هو تونس اخر حصون الربيع العربي وجب حمايته وبالتالي فهذا التعهد الأخلاقي من المجتمع الدولي مرتبط بإستمرار التجربة الديمقراطية التونسية ولن يقدر اي من قادة تونس على التضحية به ،لكن الخطر يتمثّل في محافظة هذا النظام الديمقراطي على شكله الخارجي وافراغه من الداخل من جوهره." و تعد الحرية المكسب الوحيد الذي ربما يجمع عليه التونسيون، باعتباره هدية الثورة التي تمتع بها أنصار الثورة كما خصومها، ولربما استفاد منها هؤلاء أكثر من غيرهم، فقد انقلبوا عليها باسم الحرية وعادوها، متمترسين بما أتاح لهم القانون نفسه من حصانة، ففي هذا المناخ من الحرية، نشط هؤلاء، وشكلوا لوبيات ضغط في تحالفٍ مع المال الفاسد والإعلام الفاقد للنزاهة، من أجل إعادة النظام القديم.