لا يختلف إثنان حول محدودية الإمكانيات التي تحظى بها مجالات الأبحاث العلمية و التكنولوجية في تونس مقارنة بغيرها من الدول سواء المتقدمة منها أو حتى الكثير من دول العالم الثالث ، إلا أن ذلك لم يمثّل رادعا أمام باحثيها و مبتكريها من الإبداع و التفوق في المجالات العلمية و الإبتكار . وفي خضمّ هذا الشأن، أعلن معهد المناطق القاحلة بولاية مدنين، الحصول على براة اختراع لدواء جديد مضاد لمرض سرطان الدم، تم استخراجه من نبتة اللازول الموجودة بكثرة في منطقة الجنوب الشرقي للبلاد. وقالت الباحثة التونسية في المعهد، حنان نجّاع إنّ "البحوث كانت في إطار رسالة دكتوراه التي تمحورت حول موضوع التعرف على الأهمية الغذائية لنبتة اللاّزول". وتابعت "انطلقنا منذ فترة في البحوث للتعرف على أهمية هذه النبتة وانتهينا إلى قدرتها على مكافحة الخلايا السرطانية في جسم المصابين بمرض سرطان الدم"، لافتة إلى أن "لنبتة اللاّزول أنواع كثيرة من بينها نوع "الأودورا بيسيزومين " الموجود في منطقة الجنوب الشرقي التونسي والتي أثبتت الدراسات قدرتها على مواجهة العديد من الخلايا السرطانية " . وبحسب الباحثة فإنه "تمت مقارنة النتائج المتحصل عليها باستعمال نتبة اللاّزول مع نفس النتائج لدواء اخر لنفس المرض وأثبتت الدراسات تفوّق هذه النبتة على الدواء المستعمل بشكل كبير في كل أنحاء العالم." ولفتت الى أن هذه البحوث تمت بالتعاون بين معهد المناطق القاحلة بمدنين ومعهد باستور المهتم بالأبحاث الطبية بتونس العاصمة. ومن جانب اخر أشارت الباحثة التونسية إلى "استكمال عملية البحث خلال الفترة القادمة من خلال إجراء بحوث أخرى على الحيوانات ليقع في مرحلة لاحقة الانطلاق في صنع الدواء للبشر. وبحسب الباحثة فان " المعهد الوطني للمواصفات والملكيّة الصناعيّة هو الجهة التي منحت براءة الاختراع استنادا الى المواصفات العالمية في مجال الاكتشاف العلمي في مجال الأدوية المضادة لمرض سرطان الدم." ويأتي ذلك تزامنا مع إعلان مجلة بلومبرغ الأمريكية عن تصدر تونس قائمة البلدان العربية و الإفريقية في مجال الإبتكار وفق مؤشر بلومبرغ للابتكار لسنة 2018 ، مع العلم أنها قد تصدرت المركز الأول عربيا وافريقيا في هذا المؤشر لسنة 2017 أيضا. و وفق ما جاء في الموقع الالكتروني للمجلة الأمريكية بلومبرغ، فإنّ تونس احتلت المرتبة الأولى عربيا وافريقيا والمرتبة 43 عالميا في مجال الابتكار لسنة 2018 ب49،83 نقطة. وقد تقدمت تونس بمرتبتين في هذا التصنيف مقارنة بالسنة الماضية حيث كانت تحتل المرتبة 45. ويتمحور هذا المؤشر الذي يقيس تأثير الابتكار على اقتصاد كل بلد، حول 7 معايير أساسيَّة، وهي: البحث والتطوير، والقيمة المضافة للصناعة التحويلية، والإنتاجية، وكثافة التكنولوجيا العالية، وفعالية القطاع الثالث، وتركيز الباحثين وعدد براءات الاختراع. و وفق المدير التنفيذي لبرنامج "تونس الذكية" التابع لوزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي الياس الجريبي ، فإن من أهم أسباب حصول تونس على المركز الأول عربيا بمجال الابتكار هو "تمتعها بموارد بشرية هامة وذلك بفضل استثمار الدولة بعد الاستقلال في التعليم والصحة" ، فضلا عن تمتع تونس ببنية تحتية مهمة تضم أكثر من ثلاثة آلاف شركة أجنبية "أغلبها تعتمد على تكنولوجيات متطورة يتحكم فيها مهندسون تونسيون أصبحت لهم خبرة عالية في هذا المجال". كما لفت المسؤول الى إن هناك توجها حكوميا في إطار برنامج "تونس الذكية" الذي انطلق فعليا عام 2015 لجعل تونس قطبا إقليميا في قطاع التكنولوجيا لتصدير الخدمات إلى أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط، وأكد أن الهدف من البرنامج هو تهيئة الأرضية وجذب الاستثمار لتشغيل خمسين ألف شاب….