بالكاد عاد الهدوء إلى الشارع التونسي بعد موجة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد خلال الأيام الأولى من شهر جانفي الجاري ضد الزيادات في الأسعار التي نص عليها قانون المالية لسنة 2018 ، والذي استغلتها بعض الأطراف السياسية لتحويلها من تحركات ذات مطلبية اجتماعية بالأساس إلى تحركات سياسوية بامتياز. ولعلّ أبرز ما ظلّ عالقا بالأذهان هو حالة الفوضى والتخريبات التي شهدتها البلاد طيلة أيام الاحتجاجات والتي خلفت جملة من الخسائر المادية تمثلت بالخصوص في حرق عدد من المغازات ومؤسسات الدولة ومراكز الأمن. ويبدو أن نشطاء حملة "فاش نستناو" يتأهبون للتصعيد في تحركاتهم من جديد في الأيام المقبلة لإسقاط بعض الفصول من قانون المالية لسنة 2018. وقال عضو حركة "فاش نستناو؟" وائل نوار، إنه "طالما أن الدستور يكفل حق التظاهر فبالإمكان القيام بمسيرات سلمية والاعتصام ليلاً، ولا يمكن للدولة أن تمنع مسألة مباحة دستورياً"، معتبراً أنهم ضد العنف والتخريب. وأضاف نوار أنّهم "لا يهتمون بالنظام السياسي في تونس بقدر ما تهمهم الفصول الواردة في الميزانية، وهي أساساً 3 فصول يتعلق بعضها بالزيادات وتعطيل التنمية، وبالتالي فإنه في صورة عدم الاستجابة إلى مطالبهم وتواصل غياب الحوار فإنهم سيلجؤون إلى التصعيد، ومن ذلك الاعتصام أمام مجلس نواب الشعب وإضراب الجوع". ومن جهته، تحدّث حمزة العبيدي ممثل عن حملة "فاش تستناو؟" عن مطالبهم والتي تلخّص في 3 نقاط أساسية، وهي إيقاف العمل بقانون المالية وإطلاق السراح اللامشروط للموقوفين في الاحتجاجات الأخيرة، مهما كانت التهم التي وجهت لهم أو بالأحرى "إلّي لفقوهالهم "، وفق تعبيره، إضافة إلى فتح تحقيق في مقتل خمسي اليفرني' في طبربة من ولاية منوبة. وأكّد في تصريح اذاعي الخميس 25 جانفي 2018 أنّهم جوبهوا بالعنف من طرف أعوان الأمن باستعمال الغاز المسيل للدموع وبالعصي، عندما خرجوا للاحتجاج أمام وزارة الداخلية للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين. وتابع "نطالب بإطلاق سراح من تم إيقافهم، وعددهم يتجاوز ال1000، حيث وجّهت لهم تهم بالإضرار بالمؤسسات العامة وبالحرق والتخريب، في حين أنهم خرجوا للاحتجاج بطريقة سلمية "، وفق تعبيره. وقال "نعم أنا مع حرق المراكز الأمنية في إطار الاحتجاجات وكردة فعل على العنف المسلط من طرف قوات الأمن ". وأضاف حمزة العبيدي"حرق العجلات المطاطية ليس جريمة… والهدف الوحيد منها هو غلق الطرقات ومن غير المعقول توجيه تهم للشباب من اجل حرق عجلات مطاطية… أنا حرقت عجلات ونعرف آش معناها" . جدير بالذكر أن الشاب حمزة العبيدي كان قد أثار جدلا خلال التحركات الاحتجاجية الأخيرة التي شهدتها البلاد ، وذلك لرفع راية "الاناركية" او ما يعرف ب"اليسار الفوضوي المتطرف" وترديد شعارات تدعو "إسقاط النظام" أو "إسقاط السلطة" خلال الاحتجاجات. و لمن لا يعرف معنى "الاناركية" -تُدعى أيضا "اللاسلطوية" – ، هي فلسفة سياسية تعتبر أن الدولة غير مرغوب فيها وليست ذات أهمية و هي مضرّة للمجتمع, وهي بالتّالي تروّج لمجتمع بلا دولة و تسعى إلى "تحجيم" أو، إلى حدٍّ ما ، إلغاء تدخل السلطة في الحياة الفردية ، وتوصف ‘الأناركية' عامة بأنها "اليسار المتطرف" ،وهي ككتلة تؤمن بحكم الشعب نفسه لنفسه بلا طبقات ولا حكام ولا نظام ولا بنوك ولا رأسمال..