تواصل تونس مساعيها لتمتين علاقاتها الخارجية من اجل دعم اقتصادها ، في ظلّ المرحلة الحساسة التي تمرّ بها و أمام الأزمتين المالية و الاقتصادية اللتين تعيش على وقعهما البلاد في السنوات الأخيرة ، نتيجة تضرر مختلف القطاعات .. و في هذا الإطار، تعمل تونس على تعزيز اواصر علاقتها بفرنسا ، وتعتبر تونسوباريس زيارة الدولة التي يؤدّيها إيمانوال ماكرون لتونس يوم 31 جانفي وغرّة فيفري 2018 موعدا مهمّا للشروع في إنجاز مشاريع تعاون كبرى حدّدتها حكومتا البلدين. ويشار في العاصمتين التونسية والفرنسية إلى البعد السياسي لهذه الزيارة التي ستسمح بمواصلة المحادثات التي بدأت بباريس يوم 11 جانفي الجاري خلال مأدبة غداء أقيمت على شرف الرئيس الباجي قايد السبسي على هامش مشاركته في قمّة "كوكب واحد". وكان الرئيسيان قد التقيا قبل ذلك في شهر جوان الماضي في مدينة تاورمينا الإيطالية بمناسبة انعقاد قمّة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى. و من المنتظر ان يكون الرئيس ماكرون مرفوقا خلال زيارة الدولة الثانية له في غضون أسابيع بعد زيارة الصين بوزير الخارجية ووزير الاقتصاد والماليّة ووزير التربية ووزيرة التعليم العالي والبحث والتجديد. كما يرافقه برلمانيون من بينهم رئيسا مجموعتي الصداقة الفرنسية التونسية بمجلس الأمة ومجلس الشيوخ والنائبتان من أصول تونسية سنية كريمي وأنيسة خذر وقيادون بالوكالة الفرنسية للتنمية والرابطة الفرنسية ومؤسسة "Business France" وعدد من الجامعيين ورجال الأعمال. وستكون محاور الاهتمام خلال الزيارة ملفّات الدفاع والأمن والاقتصاد والتربية والتعليم العالي والثقافة والفرنكفونية. و من أهمّ محطّات الزيارة محادثات يجريها الرئيسان ولها طابع سياسي ودبلوماسي إذ ستتناول الوضع في المنطقة وخاصّة في ليبيا. وعلمت ليدرز من مصدر فلسطيني أنّ الرئيس محمود عبّاس أوفد مؤخّرا عزَّام الأحمد محمّلا برسالة إلى الرئيس الباجي قايد السبسي في علاقة بمحادثاته مع ماكرون خلال زيارته لتونس. وطالما كانت فرنسا الشريك الاقتصادي الأول لتونس عبر التاريخ، وقد اعتبر ماكرون في مناسبات عديدة أنّ "العلاقة مع تونس استثنائية وذات أولوية"، وأن باريس "ترغب في أن تبقى شريكا مهما لتونس"، مبديا إعجابه ب"النموذج الانتقالي ، وبالإصلاحات التي ما زالت جارية في تونس". وفي هذا الإطار، قال رئيس مركز الدراسات المتوسطية والدولية في تونس أحمد إدريس، في تصريح لوكالة الاناضول، إن "تونس تنتظر من زيارة ماكرون مزيدا من دعمها في فترة الانتقال الديمقراطي التي تمر به". كما أن تونس، وفق إدريس ، "تنتظر أن تعزز علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق باتفاق التبادل الحر، حتى يقبل سلعا تونسية أكثر، خاصة الفلاحيّة منها." كما لفت إدريس إلى ان "ماكرون يريد أن يدعم العلاقات التونسية- الفرنسية بشكل حقيقي وإبراز دور فرنسا، الذي تراجع في المنطقة، خلال السنوات الماضية، وعلى الجانب التونسي الاستفادة من هذه الديناميكية الجديدة للسياسة الفرنسيّة". فيما يرى المدير السّابق للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية ، طارق الكحلاوي، أنه "يجب أن تكون لتونس رؤية واضحة، خاصة في ملف اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي". ويشدد الكحلاوي، على أنه "من واجب الحكومة التونسية الدفاع عن المصالح العليا للبلاد، خاصّة فيما يتعلق بالمفاوضات حول هذه الاتفاقية، بما يتماشى مع الوضع التونسي الجديد"، داعيا تونس إلى "القيام بعملية تدقيق وتقييم لهذه الشراكة". ويذهب الدبلوماسي التونسي السّابق، عبد الله العبيدي، إلى أنه "يجب تحيين العلاقات على ضوء الأحداث التي تعيشها تونس، بما يستجيب لاستحقاقات الوضع السياسي والاقتصادي الجديد، في ظلّ التحولات الديمقراطيّة التي عرفتها تونس بعد صياغة دستور جديد وتركيز هيئات جديدة." ويشدد العبيدي، في تصريح للأناضول، على أنه "يجب أن يعزز الفرنسيون علاقاتهم مع تونس أكثر في ظل التحولات التي عرفتها البلاد.. والبحث في المجالات التي يمكن أن تدعم فيها تونس."