رغم الخطابات التصعيدية التي تبنتها الجبهة الشعبية في تعاملها مع الحكومات المتعاقبة إبّان اندلاع الثورة التونسية ، إلاّ ان بعض الفاعلين في الشأن يعترفون للجبهة بشجاعتها التي تتميز بها الأخيرة عن بقية الاطراف المكونة للمشهد الحزبي للبلاد . وطالبت الجبهة الشعبية بالتزامن مع زيارة رئيس الجمهورية الفرنسية ايمانويل ماكرون حكومته بالتخلّي التام عن ديونها المتخلدة بذمة تونس و بتطوير الشراكة الحقيقية بين فرنسا و تونس بجعلها لا تنحصر فقط على مقاومة الارهاب و حماية حدود فرنسا من المهاجرين بل بتسيهل تنقل التونسيين الى فرنسا تحت بند المساواة بين البلدية و ترفيع المساعدات الفرنسية في الصحة و التعليم و حماية البيئة ، اجرءات لم يتجرأ أي حزب أو أي حكومة أو اي رئيس دولة على المطالبة بها و هنا يبرز دور الجبهة الشعبية التي رغم انفلات خطابها و شعبويته ، فإنها في أحيان كثيرة تضع إصبعها على الجرح . و أكّد القيادي عن الجبهة الشعبية و النائب عن الكتلة شفيق العيادي ، ان العلاقة التونسية-الفرنسية علاقة ضاربة في القدم ولكنها غير متوزانة ، على حدّ قوله . و أضاف نفس المصدر في تصريح خصَ به موقع "الشاهد" ان العلاقة مبنية على الاستعمار و السرقة و النهب من قبل فرنسا التي عملت على إعاقة و تركيع النموّ الاقتصادي الطبيعي لبلادنا . و أردف شفيق العيادي بالقول " حان الوقت بأن تطالب السلطات التونسية الحكومة الفرنسية بالتعويض على فترات النهب و السرقة و الاستعمار ، و أبسط الاشياء التي من الممكن ان تقوم بها فرنسا في هذا الظرف هو الفسخ التام للديون المتخلدة لدى تونس و تخفيف الأعباء على بلادنا التي ازداد حجم ديونها و توسعت ازمتها المالية ، و تابع بالقول " إذا حقّافرنسا جادّة في مدّ يدها للمساعدة عليها ان تنطلق أوّلا في ترفيع مساعداتها المالية في التعليم والصحة و حماية البيئة و تسهيل عملية تنقل التونسيينلفرنسا مثلما هو الحال مع الفرنسيين الذين يرتحلون بحرية و يسافرون بسهولة من بلدهم إلينا . و في تعليقه على دعوة رئيس الجمهورية ايمانويل ماكرون إلى تطوير الفرونكوفونية في تونس ، قال القيادي بالجبهة الشعبية شفيق العيادي ،" نحن كقيادات في الجبهة متسمكون باللغة العربية و لا نعاني من عقدة في التعامل مع اللغات و متجاوبون مع الانفتاح الخارجي و لكن نرفض أن تملي علينا أيّ دولة توجهاتنا التعليمية و على الرئيس الفرنسي أن يستوعب أن تونس لم تعد مستعمرة فرنسا..تونس تمتلك نساء و رجالا يدافعون عن ثقافتها ." و ترى أحزابٌ و منظمات تؤكد ان تونس لم تعد تحتاح الى نصائح سياسية و دروس في التسيير الديمقراطي بقدر ما تحتاج الى الدعم المادي الملموس للخروج من ازمتها . و قالت كتلة الجبهة الشعبية إنه بإمكان الحكومة الفرنسية، إن كانت لديها الإرادة والعزيمة الصادقة في دعم تحقيق التطلعات الديمقراطية والإجتماعية والإقتصادية في تونس، أن تتخذ جملة إجراءات عاجلة منها فسخ إجمالي ديونها العمومية الثنائية المتخلدة بذمة الدولة التونسية، اعترافا من الدولة الفرنسية بدينها التاريخي تجاه تونس وتخفيفا لعبء الدين الخارجي العمومي الذي يعد من أبرز أسباب أزمة المالية العمومية. وفي بيان أصدرته مساء يوم الأربعاء، بمناسبة زيارة الدولة التي يؤديها رئيس الجمهورية الفرنسية، إيمانويل ماكرون، إلى تونس، يومي 31 جانفي و1 فيفري 2018، دعت كتلة الجبهة الشعبية، الحكومة الفرنسية، إلى الترفيع المعتبر في المساعدات المالية للتنمية في تونس، خاصة في مجالات التعليم والبحث العلمي والصحة وحماية البيئة، فضلا عن اتخاذ إجراءات تهدف إلى ضمان حرية تنقل المواطنات والمواطنين التونسيين بين البلدين. وعلى صعيد آخر اعتبرت الكتلة في بيانها أن العلاقات التونسية الفرنسية تميزت منذ نهاية القرن التاسع عشر، بهيمنة الدولة الفرنسية، سواء خلال الفترة الإستعمارية أو بعدها وأن المصالح الإقتصادية الفرنسية تحتل مكانة كبيرة صلب الإقتصاد التونسي، وهو ما أضّر بمصالح تونس وشعبها. وأضافت أن تونس تعيش في الوقت الراهن، أخطر أزمة اقتصادية واجتماعية عبر تاريخها الحديث، في حين تكتفي الدولة الفرنسية، التي طالما دعمت النظام الدكتاتوري في تونس، بالتعبير عن مجرد رغبتها في دعم تونس ومساعدة دولتها على تحقيق تطلعات شعبها في الحرية والكرامة. ولاحظت الكتلة أن تحقيق ما عبرت عنه الثورة التونسية من تطلعات شعبية نحو الحرية والكرامة يتطلب تغييرا جذريا في طبيعة وأسس العلاقات الثنائية بين تونسوفرنسا وبناء علاقات جديدة قائمة على الإحترام المتبادل لسيادة الشعبين وعلى تعاون منصف يراعي مصالح البلدين هو الشرط الضروري لضمان الإستقرار والإزدهار والأمن لكافة شعوب المنطقة. "