بلبلة كبيرة طفحت على الساحة التونسية خلال الفترات الأخيرة بعد تواتر الحديث حول "التبشير" للديانة المسيحية في تونس ، فبعد الضجة التي أثارتها المبشّرات المسيحيات الآسياويات في عديد المناطق بتونس، احتدّ الجدل باتهام القناة الوطنية الأولى بممارسة التبشير إثر بثها برنامجاً ثقافياً يقدمه إعلامي مسيحي، الأمر الذي أثار حفيظة التونسيين حيث اعتبر بعضهم أن الأمر بمثابة «جريمة في حق الإسلام»، مشيرين إلى أن الإعلامي المذكور سبق أن عمل في قناة متخصصة في نشر المسيحية. وقد انطلقت قناة «الوطنية الأولى» الاثنين المنقضي في بث برنامج بعنوان «مش ممنوع» يُعده ويُقدمه الإعلامي د. عماد دبّور ، وهو تونسي مقيم في لبنان، يستضيف فيه عددا من المبدعين العرب في مجال الفكر والثقافة والفنون، وما أثار الجدل هو أن سبق لدبّور أن قدم برنامجا مشابها بعنوان «ممنوع» على قناة «سات 7» المسيحية التي تبث برامجها من قبرص وهي متخصصة بالنشاط التبشيري. وفي هذا الإطار ، اعتبر نشطاء الفايسبوك أن البرنامج الجديد الذي يقدمه دبور مغلف بطابع ثقافي لكن هدفه الأساسي هو دعوة المسلمين إلى اعتناق المسيحية. ونشرت صفحة «قرطاج اف ام» على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك : «خطير جدا. قناة تونس 7 التي ندفع لها من جيوبنا تخصص برنامجا تلفزيا للمبشر المسيحي عماد دبور، هذا القس المسيحي الذي يقدم برامج على قنوات تبشيرية تحارب الإسلام وتشكك في عقيدتنا وفي رسولنا الأكرم. لم تجد إدارة قناة تونس 7 غيره ليقدم برنامجا على قناة عمومية.، الرجاء من كافة أحرار تونس التحرك بقوة». وكتب الداعية المعروف بشير بن حسن «تخصيص القناة اللاوطنية التونسية برنامجا للداعي الى التنصير عماد دبّور جريمة في حق الإسلام والشعب المسلم. ترقبوا الرد يا خونة»، وأضاف في تدوينة أخرى «أدعو المسمى عماد دبور الى مناظرة على المباشر في الوطنية ليبيّن لنا زيف الإسلام وصدق النصرانية!». وأضاف الشيخ رضا الجوادي «مثلما يجب أن نكون مع الحرية المسؤولة للصحافة والإعلام، فإنه من واجبنا أيضا أن نكون ضد الانحطاط الأخلاقي الذي تعيشه منابر إعلامية عدة في بلادنا، حتى أصبحت في أحايين كثيرة منصات للتحريض والتهريج وبث الإشاعات ونشر الأكاذيب وتوزيع التهم الباطلة والاعتداء على المقدسات وتدمير القيم والتطبيع مع الرذائل وتصفية الحسابات السياسوية والإيدلوجية البغيضة». وقبل أيام قليلة ، قام عدد من النساء الأجانب بتوزيع منشورات تبشير مسيحية على بعض الأطفال التونسيين، مما أثار جدلا في البلاد، حيث بدأت السلطات بالتحقيق حول هذا الأمر، فيما دعا نشطاء لمحاسبة القائمين على ذلك. وذكرت مصادر إعلامية أن بضع نساء آسيويات قُمن مؤخرا بتوزيع عدة نسخ من كتاب ذي طابع تبشيري بعنوان "أحبك يا انجيل" على أطفال في حي عباس من ولاية تطاوين وحاولن حثهم على قراءتها مقابل قطع من الحلوى. وأشارت إلى أن السلطات فتحت تحقيقا حول هُوية الأجنبيات والمنشورات التي وزعنها، كما أكدت مندوبية حماية الطفل التابعة لوزارة المرأة والأسرة أنها بدأت أيضا التحقيق في هذا الأمر. وأثار الموضوع جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تساءل الناشط وسيم أحمد «ومالنا لا نحب الإنجيل، نحن نحب جميع الكتب ونعترف بجميع الأديان لكن نحن مسلمون ولا دين غير الإسلام . أنا المسلم الذي يحب الإنجيل والتوراة والزبور. أنا المسلم الذي يدافع عن موسى وعيسى وإبراهيم و إسحاق ويعقوب والأنبياء كلهم، ويعشق محمد صلوات ربي عليه وأفديه بروحي وأتّبع سنته». ورد الناشط بوبكر فرج بقوله «ليس عيبا ان تقرأ الإنجيل أو التوراة، بل العيب اننا لسنا متشبّعين بعلوم ديننا، كل ما نعرفه أننا نقرأ المصحف ولم نتدرب على تفسيره او استخلاص العبر منه وموازنته بباقي الأديان، يجب أن نقرأ بقية الكتب الدينية لنكتشف أننا الأفضل وأننا نسير في الطريق الصحيح». وكتبت مستخدمة تُدعى ام محمد موسى «نحن في بلادهم لا نوزع على الأطفال كتاب الله ولا نستغل عقولهم الصغيرة، بل نوزعه على الكبار الذين يستوعبونه ويوازنون بينه وبين بقية الكتب. أما أن تستغل طفلي مستعينة بقطعة حلوى فهذا أمر غير مقبول». وأضافت سيرين الكحلاوي «لو كان هؤلاء مسلمات يوزعن كتبا لتعليم الصلاة لقبضوا عليهم فورا، ولتحدثت جميع القنوات التلفزية عن نشر الإرهاب، ولكن ما داموا يوزعون كتبا مسيحية فسيفتحون تحقيقا لبضعة أيام، ويلملمون القصة». وهذه ليست المرة الأولى التي تثير فيها مواضيع من هذا النوع الجدل في تونس، حيث تحدثت بعض وسائل الإعلام في وقت سابق عن وجود كتاب تبشير يهودي بعنوان «اكتشافي الأول للتوراة» موجها أيضا للأطفال في أحد معارض الكتب، وهو ما دعا بعضهم للتحذير من «غزو ثقافي وفكري» يهدد المجتمع من طرف جهات لا صلة لها بمعتقدات التونسيين وتقاليدهم وهُويتهم.