في خطوة فاجأت الجميع ، أعلنت حركة النهضة أنه سيتم ترشيح تونسي من أصل يهودي في إحدى القوائم التابعة لها في الانتخابات البلدية. و يرى مراقبون ان هذه الخطوة و على جرأتها كشفت التجسيد الفعلي لمخرجات المؤتمر العاشر لحركة النهضة ، لكونها رسالة تبعث على استقطاب الاقليات المهمشة في تونس و تشريكهم في الحياة السياسية ، ليس على الصعيد النظري فحسب بل الفعليّ أيضا . و يشهد المتابعين لحركة النهضة بقدر كبير من الحيوية الفكرية والتجدد النظري مقارنة مع مثيلاتها خصوصا في المشرق العربي ، إذ أعلنت النهضة في مؤتمرها العاشر -والذي كان استثنائيا- انها ستخضع نفسها وتوجهها للمراجعة، وأنها كما استطاعت منذ 1981 أن تتميز عن غيرها وتطور خطابها فإنها ستكون كذلك في السنوات القادمة وبوضوح أكثر، وجرأة أوسع، ففضاء الحرية وراحة الانفتاح واستحقاقات التوسع والنضج تسمح كلها بذلك بل وتستدعيه. و قال الناطق باسم حركة النهضة، عماد الخميري، في تصريح إعلامي، أدلى به يوم أمس الاثنين ، إنه سيتم ترشيح التونسي اليهودي، سيمون سلامة، في إحدى القوائم التابعة لحركة النهضة في المنستير، وإن القائمة جاهزة لتقديمها وتستوفي كافة الشروط القانونية. وأضاف الخميري أن ترشيح تونسي يهودي يعتبر أمرا عاديا في الحركة باعتبار أنها "حزب وطني منفتح على كل التونسيين، من ناحية، والتزاما ببرنامج الحزب في الانتخابات البلدية لخدمة الناس وتحسين أوضاعهم البيئية، الصحية وعلى مستوى النقل، من ناحية أخرى". وأكد الخميري أنه منذ الانطلاق في تشكيل القائمات "قررت الحركة الانفتاح على جميع التونسيين والكفاءات المستقلة وكانت إرادة الحركة في هذا التوجه، انطلاقا من أسس التعايش والمواطنة لكل التونسيين"، مشيرا إلى أن "الدستور يفتح المجال للتونسيين مهما كانت ديانتهم". ولفت القيادي بالحركة إلى أن "النهضة" قد ترشح يهودا آخرين في المحطات الانتخابية المقبلة، مشيرا إلى أن بعض اليهود في تونس كانوا قد صوتوا لصالح قوائم حركته في انتخابات 2011. ووصف الإعلامي، منذر بالضيافي، ترشيح النهضة لتونسي من أصل يهودي على رأس قائمتها ببلدية المنستير، بأنه "ضربة معلم". وقال بالضيافي في مداخلة له في إذاعة "راديو ماد" التونسية، إن الغنوشي أعطى درسا للأحزاب العلمانية بهذا الترشيح. وأشار بالضيافي إلى أن يهود تونس في فرنسا استحسنوا قرار النهضة لافتين إلى أنه سيكون مدخلا لعودتهم إلى السياسة. ونقل الإعلامي التونسي عن اليهودي جاكوب بيريز، قوله: "كنت معارضا في الأول لكن تبين الآن أن هذا الحزب (النهضة) ممكن أن نمر معه لاكتساب حقنا الكامل في المواطنة". وكان كبير أحبار يهود تونس، حاييم بيتان، سبق أن صرح بأن حزب النهضة هو الأقرب إلى الطائفة اليهودية في تونس . يشار إلى أنه من المقرر إجراء الانتخابات البلدية الأولى في تونس في ماي المقبل لاختيار ممثلين في 350 دائرة بلدية في مختلف أنحاء البلاد، فيما يزيد عدد المقاعد المتنافس عليها عن سبعة آلاف مقعد.