رمت الصدفة بعدد هام من الشخصيات في المشهد السياسي، فكونت في ما بعد أحزاب ظلت على هامش الحياة السياسية، وظلت برامجها عبارة عن شعارات وتأليفات لغوية لا تمت للواقع السياسي بصلة، غاياتها لم تتجاوز تحقيق بعض المكاسب في المحطات الانتخابية، وما أن ظهرت حتى انعدمت قواعدها الجماهيرية. هذه الأحزاب التي لا يتوافق عددها مع فاعليتها التي تقدمها للمشهد التونسي، تجنّدت مؤخرا استعدادا للانتخابات البلدية، رغم عدم وجود أي مؤشر على إمكانية هذا النجاح، بل ان محللون يتوقعون أن تنهي الانتخابات وجود هذه الاحزاب، وتسارع الأحداث، يبدو أن بعض الاحزاب انتهت قبل حلول موعد الاستحقاق البلدي، وحتى الاخرى التي لم تنته تحسست عجزها وتراجعت عن خوضها لعدة أسباب. ففي الوقت الّذي بدأت فيه بعض الأحزاب في بسط إستراتيجياتها إستعدادا للانتخابات اكتفت أحزاب أخرى "بالتشكّي" موارية عجزها و فشلها المنتظر. من ذلك الحزب الدستورى الحر حيث أكدت رئيسته عبير موسي بمعتمدية الوسلاتية بالقيروان على الاجتماع العام لهياكل الحزب بإقليم الوسط أن المحطة الانتخابية القادمة هي مجرد محطة من ضمن محطات قادمة وبالتالي ليست هي الهدف الأول والوحيد للحزب الذي يعمل على المستوى المتوسط والبعيد. وأضافت أن الحزب سيشارك في الانتخابات البلدية في دوائر معينة تم اختيارها من طرف اللجنة الوطنية للانتخابات لكي تكون النتائج فيها طيبة. هذا وانسحب حزب الاتحاد الوطني الحر من السباق الانتخابي بسبب ما اعتبرته نائب رئيس الحزب سميرة الشواشي عدم جاهزيته من جهة وعدم توفر الظروف الملائمة منها عدم المصادقة على مجلة الجماعات المحلية، وكذلك الاستقطاب الثنائي بين حركتي النهضة والنداء وأيضا بسبب التشنجات على الساحة الوطنية من جهة اخرى، و اعزت قيادات الحزب عدم مشاركتهم في الإنتخابات البلدية، الى ‘الهرسلة» وحملات التشويه التي تعرض لها رئيس الحزب المستقيل سليم الرياحي . فحزب المستقبل الذي يترأسه الطاهر بن حسين، بالرغم من أنه لم يمضي على تأسيسه بضعة أشهر ، إلا أنه يمرّ بموجة عاصفة من الاستقالات، وصل عددها المائة استقالة وهو ما قد يعجل بانتهائه، قبل أن يخوض أي تجربة انتخابية. وقد شملت الاستقالات أهم القيادات الجهوية والمحلية، بعد استقالة كل من عبد العزيز المزوغي ورفيق الشلي والتي تلتها استقالة تسع أعضاء من المكتب التنفيذي ليدخل حزب المستقبل القائمة الطويلة للأحزاب التي تشكو أزمة تسيير نظرا لعدم احترام الحد الأدنى من الديمقراطية داخلها ولانفراد المسؤول الأول بالقرار . من جهته، أكد عضو المكتب التنفيذي للحزب المستقيل جمال الوسلاتي في تصريح ل"الشاهد"، بلوغ الاستقالات حدود المائة استقالة، مؤكدا أنها لنفس الاسباب التي استقال لأجلها الاعضاء التسعة سابقا والمتمثلة في تفرد الطاهر بن حسين بالرأي. ووصف حزب آفاق تونس الذي شرط تشكيل القائمات الانتخابية ب"المجحفة، حيث أكّد رئيس المكتب السياسي لحزب "آفاق تونس" كريم الهلالي، أنّ الحزب تعرّض كبقية الأحزاب لصعوبات كبرى في تكوين قائماته الانتخابية نظرا للشروط المجحفة التي اشترطها القانون الانتخابي ومنها التناصف الأفقي والعمودي، حسب ما ذهب إليه. كما أفاد أنّ الحزب يستعد لخوض الانتخابات البلدية في حدود 200 دائرة، مبينا أن أكثر من 80 قائمة انتخابية ستترشح ضمن ائتلاف :الاتحاد المدني"، في حين أن 70 أو80 قائمة ستحمل شعار الحزب الذي سيدعم كذلك حوالي 40 قائمة مستقلة. ويشترط القانون الانتخابي أن يكون هناك تناصفا في تكوين القائمات الانتخابية بين المرأة والرجل عموديا وأفقيا، أي أنّه علاوة على أن يكون العدد نفسه من الجنسين، يستوجب أن يتم الترتيب بالتداول بين المرأة والرجل، وذلك بهدف تجنّب عمليّة التمييز و"المراوغة" التي سبق أن اعتمدتها مختلف الأحزاب في الانتخابات السابقة بأن يتصدّر الذكور معظم القائمات، وتُدرج النساء في أسفل القائمة، حتّى يُفرز بالضرورة تفوّقا في عدد الذكور المنتخبين.