يبدو أن السهام التي وجهها أكثر من طرف او مسؤول في رسالة لرئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر كان لها منحى مخالفا توقعاته، خصوصا بعد اتهامات المعارضة الموجهة اليه بتعمده تعطيل تطبيق النظام الداخلي للبرلمان، والتقصير في ممارسة صلاحياته، فضلا عن عدم احترام صلاحيات مساعديه. وارتفعت الاصوات المنددة بتعمد رئيس المجلس واعضاء من كتلة نداء تونس بتعطيل أداء المجلس ومحاولة تعطيل جلسة مساءلة طالب بها بقية النواب لمساءلة رئيس الحكومة حول الوضع العام بالبلاد. وبعد أخذ ورد، قرر مجلس النواب تخصيص الفترة الممتدة من 7 إلى 15 مارس 2018 للحوار مع رئيس الحكومة حول الوضع العام في البلاد، وتخصيص يوم السبت 24 فيفري 2018 لتوجيه أسئلة شفاهية لعدد من الوزراء. كما قرر مكتب مجلس نواب الشعب وفق ما أفاد به المكلّف بالإعلام والاتصال بالبرلمان محمّد بن صوف ، تخصيص أسبوع للجهات من 26 فيفري الجاري إلى السبت 3 مارس 2018 وعقد جلسة عامة يوم 13 مارس القادم لانتخاب 4 أعضاء لمجلس المحكمة الدستورية ويرى برلمانيون من المعارضة أن جلسة استجواب الشاهد طال انتظارها، ما سبّب تراكم المشاكل والانتقادات التي تستوجب توضيحاً منه في إطار رقابة البرلمان على الحكومة. ويبدو أن هناك إجماعاً لافتاً للانتباه من مختلف الأحزاب والكتل على دعوة الشاهد إلى المثول أمام البرلمان لشرح وتوضيح أسباب الأزمات الأخيرة التي تعصف بتونس، ولتحديد المسؤولين عليها ولمحاسبة المقصرين. من جهته، اكد النائب عن الكتلة الديمقراطية زهير المغزاوي في تصريح ل"الشاهد"، أن كتلته دعت منذ مدة كبيرة الى مساءلة الحكومة، غير أن رئيس البرلمان لم يستجب الى دعوتهم، ولم يستجب الى دعوة نواب المعارضة التي عقبتها في ضرورة مساءلة رئيس الحكومة يوسف الشاهد حول الوضع العام بالبلاد والتي حتمتها خاصة التصنيفات الاخيرة. وحمّل المغزاوي مسؤولية تعطيل جلسة المساءلة ومن ورائها تعطيل تنفيذ النظام الداخلي للمجلس لرئيس البرلمان محمد الناصر وأعضاء مكتب المجلس، داعيا اياه الى ضرورة تذكير الحكومة بالنظام البرلماني وبواجبها في المثول أمامه، وواجبه في السهر على تطبيق النظام الداخلي. وقدّم أكثر من ثلث أعضاء مجلس الشعب، 74 نائباً في البرلمان من جميع الكتل المختلفة بما فيها الأحزاب الحاكمة "نداء تونس" و"النهضة"، طالبوا فيها بجلسة لمساءلة رئيس الحكومة حول إدراج تونس في قائمة سوداء، بهدف تحديد المسؤولين عن هذه التصنيفات. وقالت النائب في حزب "التيار الديمقراطي" سامية عبو، في تصريح ل"العربي الجديد"، إن "هناك محاولات من الائتلاف الحاكم، خصوصاً نداء تونس ورئيس البرلمان محمد النّاصر، للتغطية لعدم استقدام رئيس الحكومة ولتفادي إحراجه أمام الرأي العام". ينضاف ذلك الى الجدل الواسع الذي خلفته التهديدات بالاستقالة من عضوية مكتب المجلس و القضية المرفوعة ضده من طرف مجمع المحاسبين بالبلاد التونسية والاتهامات الموجهة له بإخفاء وثائق ذات أهمية. هذا وأكد عضو مجمع المحاسبين بالبلاد التونسية زياد بن عمر أن هناك حملة ممنهجة لاقصاء المجمع من مشروع مجلة الجماعات المحلية واقر نفس المصدر بأن رئيس مجلس النواب تعمد ابعاد المحاسبين من عضوية هيئة الحوكمة ومكافحة الفساد رغم أن المجمع هو أول من اقترحها وافاد في تصريح لإذاعة شمس أف أم أن مجمع المحاسبين قرر رفع قضية ضد رئيس المجلس لدى المحكمة الادارية للطعن في قرار الاقصاء. وكان المجمع قد عبر منذ جانفي المنقضي في بيان عن رفضه لما اعتبره" إقصاء واستبعاد جائر" من قانون الجماعات المحلية،من القيام بدورهم الرقابي من حيث المراجعة القانونية و الحسابات في الانتخابات المحلية القادمة. و أوضح البيان الصادر عن مجمع المحاسبين بالبلاد التونسية أن القانون عدد 16 لسنة 2002 المؤرخ في 4 فيفري 2002 يمنح لأعضاء المجمع "الأولوية " في القيام بمراقبة الحسابات والمراجعة القانونية من ضمنها مراقبة حسابات الأحزاب المشاركة في الانتخابات المحلية القادمة ، مطالبين في هذا السياق بتدخل المشرع أي "ما اعتبره المجمع من "إستبعاد". هذا وهدد أعضاء مكتب مجلس نواب الشعب بالاستقالة الجماعية من عضوية المكتب على خلفية احتجاج أعضاء المكتب على سياسة رئيس المجلس محمد الناصر لغياب الشفافية في التعامل معهم حسب ما أكده عضو مكتب مجلس نواب الشعب غازي الشواشي في تصريح خص به "الشاهد". وأكد الشواشي أن الأعضاء والبالغ عددهم حوالي ثمانية نواب من مختلف الكتل بمن فيهم نواب عن حركة النهضة ونداء تونس والمشروع وافاق تونس والوطني الحر، نفذوا احتجاجا جماعيا، بسبب عدم احترام الناصر لصلاحيتهم وتعمده إخفاء عدد من الوثائق أهمها، سؤال كتابي تقدم به أحد النواب لمحافظ البنك المركزي المتخلي، لافتا الى أن رئيس المجلس تعمد إخفاءها لأشهر ولم يسلمها للمعني بالامر ولا للمكتب. محدث "الشاهد" أشار الى أن محمد الناصر تفاعل مع التحرك الاحتجاجي، واعتذر، كما تقرر عقد جلسة الاثنين المقبل للتداول حول الموضوع وللتوضيح.