أسابيع قليلة تفصلنا عن أولى انتخاباتٌ تقع بعد سبع سنوات من الثورة ،و تكتسي هذه الانتخابات أهميّة بالغة على اعتبار أنها تكرّس مبدأ اللامركزية ضمن قواعد تتمثل في شروط الانتخاب والترشح وتنظيم الحملة الانتخابية. وتلقت الهيئة وفروعها ما يزيد عن 2137 قائمة مترشحة، منها حوالي 1100 قائمة حزبية و177 ائتلافية و897 مستقلة. و تمكن كلّ من حزبيْ النهضة و النّداء من أن يترشحا في جميع البلديات، بمجموع 350 قائمة لكل منهما، وهو استثناء يحسب لهما. ويعطي فوزا مؤقتا قبل الفوز الانتخابي ، في حين عجزت بقية الأحزاب على مزاحمتهما، إذ لم تستطع الجبهة الشعبية أن تترشح سوى في 132 بلدية، أي في أقل من نصف الدوائر التي تتوزع على بلديات المدن الكبرى وبعض القرى المتوسطة ذات الكثافة السكانية، في حين اكتفى الائتلاف المدني الذي يجمع طيفا من الأحزاب، ذات الميول الفكرية والسياسية المختلفة، والمتنافرة أحيانا، والتي تجتمع على مناهضة "النهضة"، بتقديم قوائم أقل من ذلك بكثير. من ناحية ثانية كشفت الأرقام المتعلقة بترشح الأحزاب حقيقة انتشار الاحزاب السياسية التونسية ، خاصة و ان الكثيرة من الاحزاب حرصت و في اغلب ظهور قياداتها في المحطات الاعلامية على ايهام الرأي العام بجماهريتها و بسعة انتشارها ، كما كشفت الأرقام بشكل علني ان من استعد فعليا للانتخابات البلدية هما حركتا النهضة ونداء تونس اللتان ستتنافسان بمفردهما في 5 بلديات لم يترشح لها سواهما.. فيما تعذر على بقية الاحزاب تحقيق اهدافها المتعلقة بالترشح والتي لم تكن تتجاوز ال72 قائمة كرقم اقصى للتيار الديمقراطي. و يرى مراقبون ان فشل هذه الاحزاب في تشكيل القائمات يعود إلى قلّة الكوادر والقواعد والموارد البشرية التي تتيح لها تشكيل القوائم الانتخابية، و السبب الثاني يتعلق بالقانون الانتخابي الذي تم سنه، فقد نص وفق مختصين على شروط صعبة عسّرت على الأحزاب الصغيرة ، تكوين تلك القوائم ، على غرار التناصف العمودي والأفقي (بين الرجال والنساء)، فضلا على وجوب ترشيح الشباب، وذوي الحاجات الخاصة (حاملي الإعاقة) إلى جانب شروط أخرى، ذات علاقة بالذمة المالية، خصوصا فيما يتعلق بالجباية وغيرها. هذا ووفق المتابعين للشأن العام في تونس فإن تعثر الاحزاب سيجعل حركة النهضة و النداء تتنافسان بشكل اساسي مع القائمات المستقلة التي غطت 321 دائرة بلدية فيما لم تتمكن القائمات الائتلافية، وهي متوزعة على ائتلافين انتخابين ( الجبهة الشعبية ، الاتحاد المدني) ، الا من تغطية 177 دائرة بلدية . و ستشكل الانتخابات القادمة معيارا جديدا لشعبية الأحزاب السياسية، خاصة و أن حزبي النهضة و النداء استطاعا إقناع الكفاءات المحلية بالانضمام إليهما، على عكس منتقديهما من المعارضة. و أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم الجمعة 23 فيفري عن عدد القائمات المترشحة للانتخابات البلدية المقررة يوم 6 ماي 2018. و عن ترتيب القائمات الحزبية افادت الهيئة ان حزب النداء ترشح ب350 قائمة و النهضة ايضا ب 350 و الجبهة الشعبية ب 132 قائمة و مشروع تونس ب 84 قائمة. في حين ترشح التيار الديمقراطي ب72 قائمة و الحراك ب47 قائمة وآفاق ب46 قائمة و الإئتلاف المدني ب43 قائمة و حركة الشعب ب40 و الحزب الدستوري ب32 و البناء ب20 قائمة و بنى وطني ب9 و المبادرة ب 9 و البديل التونسي ب4 قائمات فقط.