تواترت في الفترة الأخيرة الاتهامات لرئيس الحكومة يوسف الشاهد بممارسة السياسة على حساب مسؤولياته الحكومية، وتوجهه نحو تكوين حزب سياسي، وتحدثت تسريبات عن وجود خلاف كبير بينه وبين حزب نداء تونس، لكن الشاهد نفى في أكثر من ظهور إعلامي هذه الاتهامات، ووجد في كل مرة مخرجا له منها. فالشاهد مر في مرحلة أولى من استمالة الشعب الى استمالة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي وأعلن دعمه له في حال ترشح لفترة ثانية، وقام في حواره الأخير باستمالة حزبه الأصلي والمسح على الشرخ المحدث بينهما، وشدد على أنه ابن نداء تونس، ولم يخرج منه حتى يفكر في العودة اليه. هذه الاتهامات التي نفاها الشاهد، وحاول ابعادها عنه، أكدتها قيادات نداء تونس في مقدمتهم المكلف بالشؤون السياسية صلب الحزب برهان بسيس، الذي أكد أنّ تصريحات يوسف الشاهد تندرج في اطار تصحيح أخطاء بعض أصدقائه المقربين، معبرا عن أمله في أن تكون الرسالة قد بلغت هؤلاء الأصدقاء، دون أن يكشف عن هويتهم. وقال إنّ يوسف الشاهد وقع تحت ضغط مجموعة من مقربيه الذين حاولوا اقناعه بأنّ مستقبله السياسي لن يكون مزدهرا إلاّ بعيدا عن نداء تونس، معتبرا أنّ "هذه المقاربة سقطت في الماء". وتابع في حوار اجرته معه إذاعة موزاييك أف أم بأنّ هناك "مقربين في محيط الشاهد لا هم لهم إلا تحريض يوسف الشاهد ضد حزبه". وحول دعوات بعض الأطراف لضرورة القيام بتحوير وزاري، قال بسيّس إنّه يقدّر كلّ المبادرات الصادرة في هذا الشأن وخصوصا إنّ جاءت عن طريق اتحاد الشغل الذي وصفه ب " القوة السياسية الرئيسية في البلاد"، مضيفا "ولكن بموجب المعطيات الموضوعية في ظل استعداد البلاد للإنتخابات البلدية لا نعتقد أن تحوير وزاري قبل هذا الموعد سيكون موضوعيا". كما أفاد الباحث بالجامعة التونسية، خليفة الحداد ، بأن هناك مؤشرات كثيرة تكشف عن "صراع خفيّ بين حافظ السبسي، المدير التنفيذي لحزب نداء تونس، من جهة، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد من جهة ثانية". هذا وأكد رئيس الحكومة في حوار على القناة الوطنية الأولى مساء الأحد 26 فيفري 2018، أنه ابن نداء تونس ولم يغادره يوما حتى يطلب منه العودة إليه. وأضاف أن نداء تونس أثبت أنه أقوى من كل المشاكل الداخلية التي مر بها ومازال إلى اليوم موجودا ميدانيا برغم كل مشاكله . وشدد الشاهد على ضرورة التذكير بأن نداء تونس كان الحزب الذي أعاد التوازن إلى المشهد السياسي في تونس ووضع حدا للإنخرام الحاصل في ظرف قياسي . وعن امكانية ترشحه للإنتخابات في مؤتمر النداء القادم أكد الشاهد أن الأمر ليس مطروحا إلى حد اليوم. وكانت مصادر إعلامية كثيرة تناقلت معلومات عن أجواء مشحونة بين القصبة وقرطاج لم تخفها قيادات ندائية ، وأشارت نفس المصادر الى أن ضغوطات عديدة يواجهها رئيس الحكومة يوسف الشاهد، تجاوزت ضغط الشارع والمطلبية الاجتماعية، وصعوبة الظرف الاقتصادي، ليصبح بقاؤه على رأس الحكومة غير مضمون مع تواتر التصريحات والتحليلات السياسية التي ترجح إمكانية سحب البساط من تحت أقدامه. هذا السيناريو يُجمع حوله اغلب المحللين السياسيين والمتابعين للشأن السياسي، ويذهب بعضهم الى إمكانية إجراء تحوير وزاري يتماشى مع المشهد الذي تشكل حديثا، وخاصة تغير مواقع الاحزاب بين الدعم والمعارضة. وقد وصلت التسريبات القادمة من القصبة حد الحديث عن تهيئ رئيس الحكومة يوسف الشاهد لبعث حركة سياسية جديدة، و حسب نفس المصادر فان هذه الحركة ستضم وزراء حكومته الذين استقالوا حديثا من أحزابهم السياسية ( الجمهوري و آفاق تونس ) . تعليقا على ذلك اعتبر المحلل السياسي محمد بوعود في تصريح ل"الشاهد"، أن النبرة الحادة التي تعامل بها نداء تونس منذ شهر مع رئيس الحكومة تراجعت، وأن تدخل رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي قد وضع الأمور في نصابها وألجم الأصوات المتطرفة داخل النداء التي كانت تدعو لإزاحة الشاهد. وأجمع متابعو الشأن السياسي على أن عمر يوسف الشاهد كرئيس حكومة أوشك على الانتهاء ، لسببين اولهما فشله في حلحلة الوضع الاقتصادي المزري في البلاد أو لانه بات يشكل منافسا حقيقيا لاحزاب الائتلاف الحكومي الذين يساندوه نظريا في حكومته .