من أجل الضغط على القرار السياسي، تتقن الدول الأوروبية سياسة لي الذراع من أجل فرض مواقفها السياسية على البلدان التي يعرف اقتصادها تبعية وفي حاجة إلى الدعم اللوجستي والمادي. ويتفق الجميع على أن تونس تتأثر سلبا بموازيين قرارات الاتحاد الأوروبي الاخيرة خاصة أن الكفة السياسية هي من تعدل اوتار الميزان الاقتصادي الذي يبقي في خلاف على مستوى البديل الذي يمكن أن يصنعها الاخير. أبعاد التصنيفات السلبية التي كثفها الاتحاد الاوروبي مؤخرا كشفتها ماري فيرجيات خلال مؤتمر صحافي في تونس الثلاثاء 28 فيفري 2018، التي أكدت أن التصنيفات الدولية السلبية لتونس في الآونة الأخيرة كان هدفها الضغط عليها بهدف تسريع مفاوضات اتفاقية التبادل الحر والشامل "أليكا" مع الاتحاد الأوروبي. وقالت عضوة البرلمان الأوروبي إنها صديقة تونس وتقود معاركها في البرلمان من أجل تونس ومن أجل الشعب التونسي لا من أجل الحكومة. وفي أقل من شهرين صنف الاتحاد الأوروبي تونس للمرة الثانية، ضمن قائمة البلدان الأكثر عرضة لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، والدول الاكثر عرضة للملاذات الضريبية قبل التراجع عن ذلك، وأجبر تونس على البحث عن أكثر من شريك في المنطقة ، ومحاولة كسب تأييد أوسع وخلق فرص لتطوير منظمتها الاقتصادية التي تعيش أزمة بين الأطراف السياسية في ما بينها ومع المنظمات الراعية لوثيقة قرطاج. ويعتبر خبراء اقتصاد أن هذه التصنيفات سياسية هدفها الضغط على الحكومة التونسية من أجل القبول بشروط الاتحاد في مفاوضات من الاتحاد الأوروبي حول اتفاق التبادل التجاري الحر الشامل "أليكا". وكان الديبلوماسي السابق أحمد ونيس قد أكد في تصريح ل"الشاهد"، عقب صدور قرار التصنيف الاخير أن من تسبب في إدراج تونس ضمن القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لمخاطر تبييض الاموال وتمويل الارهاب، هم الاقلية الاوروبية الحاقدة على الهجرة وعلى الاسلام وعلى تونس ككل، لأن بعض الشباب التونسيين المتطرفين تسببوا في قتل اوروبيين في تونس وفي البلدان الاوروبية، مذكرا ببعض العمليات الارهابية التي شهدتها تونس، أو التي نفذها تونسيون. وأوضح ونيس أن تونس نجحت في جمع أغلبية عريضة في البرلمان الاوروبي ب357 صوتا كانوا ضد ادراج تونس ضمن القائمة السوداء فيما صوت فقط 283 مع التصنيف، مشيرا الى أن الاغلبية لا تكفي بل يجب أن تحصد تونس 376 صوت لصالحها غير أنها تحصلت فقط على 375. وشدد محدث "الشاهد"، على أن الديبلوماسية التونسية قامت بدورها كما يجب وضمنت تضامن الحكومات الاوروبية وأحزابها مع تونس، باستثناء قلة معادية للاسلام وترى في تونس مصدرا للارهاب. هذا ودخلت تونس منذ سنة 2016، في جولة جديدة من المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حول اتفاق التبادل التجاري الحر الشامل الذي يسمح للاتحاد الأوروبي بتصدير كافة منتجاته وخدماته نحو تونس، بعدما استثنى الاتفاق الأول الموقع سنة 1995 قطاعي الزراعة والخدمات من هذا الاتفاق. وفي تصريح ل"العربي الجديد"، استبعد وزير التجارة عمر الباهي الوصول إلى التوقيع مع الاتحاد الأوروبي على اتفاق التبادل التجاري الشامل العام الحالي، مشيراً إلى أن الحكومة التونسية ستدافع عن أكبر قدر ممكن من مصالحها. ولم ينكر الوزير مزايا هذا الاتفاق الذي ساهم عقب توقيعه عام 1995 في فتح مجالات تصديرية مهمة للنسيج التونسي، وعدد من المنتجات الزراعية. وقال الباهي إن التوقيع على "أليكا" سيوفر إمكانات أكبر للسلع التونسية المحددة حالياً بموجب نظام الحصص من الدخول للسوق الأوروبية، كما أن مناخ المنافسة من شأنه أن يحفز المؤسسات الصناعية على القيام بتأهيل نفسها وتحسين قدرتها التنافسية، بحسب الباهي. وعموما فقد كانت هذه التصنيفات بمثابة الصدمة بالنسبة لبلد يشن حربا على الفاسدين، واثارت جدلا واسعا تباينت حوله ردود الافعال، وأكدت مختلف الاطراف المتداخلة أن غاياتها غير واضحة.