تربط تونس بالاتحاد الأوروبي علاقات مكثفة في المجالات الثقافية والاقتصادية والبشرية. وتعود بدايات هذا التعاون التونسي الأوروبي إلى أواخر ستينات القرن الماضي، حيث تم توقيع أول اتفاقية تجارية بين تونس والمجموعة الاقتصادية الأوروبية (الاتحاد الأوروبي حاليا) سنة 1969. وفي سنة 1970، عرفت هذه العلاقات نقلة نوعية بتوقيع أول اتفاق تعاون بين تونس والمجموعة الأوروبية. وتعد تونس أول دولة في الضفة الجنوبية للمتوسط توقع اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي سنة 1995، كما تعد أول دولة تحدث منطقة للتبادل الحر للمنتجات الصناعية، دخلت حيز التنفيذ مطلع سنة 2008. ويمثل هذا الاتفاق اليوم، الإطار القانوني والتشريعي للتعاون الثنائي بين تونس والاتحاد الأوروبي. وقد فتحت التحولات التي عرفتها تونس في 2011، آفاقا جديدة أمام العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، قائمة على أسس المبادئ الديمقراطية المشتركة بين الجانبين، وهو ما جعل تونس ترتقي إلى مرتبة "الشريك المميز" في شهر نوفمبر من سنة 2012، وهي مرتبة أرقى من "المكانة المتقدمة" التي حصلت عليها المغرب سنة 2008، أو مرتبة "الشريك المتقدم" التي منحت للأردن سنة 2010. وأرفق منح تونس هذه المرتبة في سنة 2014، بخطة عمل حول الشراكة المميزة للفترة الممتدة بين 2013 و2017. وفي هذا الإطار، تعهد الجانبان بالترفيع في علاقات التعاون بينهما إلى أعلى مستوى ممكن. وتم الاتفاق بالخصوص على العمل من أجل التوصل إلى اتفاق كامل ومعمق للتبادل الحر (أليكا)، واتفاق شراكة يشمل التنقل بالإضافة إلى اتفاق آخر في مجال النقل الجوي (نموذج الأجواء المفتوحة). وفي 14 سبتمبر الماضي، تبنى البرلمان الأوروبي بأغلبية ساحقة، قرارا بشأن تونس، اعتبر فيه بالخصوص أن وضعية البلاد تقتضي إرساء "خطة مارشال" حقيقية لفائدة تونس ترصد في نطاقها اعتمادات هامة، مع دعوة السطات القائمة على موازنة الاتحاد الاوروبي إلى تأمين دعم نوعي للموارد المالية الموجهة لتونس. وأصدرت المفوضية الأوروربية والمفوضة الأوروبية السامية للعلاقات الخارجية، فيدريكا موغريني، أواخر شهر سبتمبر الماضي، بيانا حمل عنوان "تعزيز دعم الاتحاد الأوروبي لتونس"، تضمن اقتراح جملة من الإجراءات والتدابير التي تكفل لتونس رفع التحديات التي تواجهها. وعلى الصعيد المالي، ينتظر الترفيع في المساعدة المالية السنوية المسندة لتونس بعنوان آلية الجوار الأوروبية، وهي مساعدة في شكل منح، قدرت ب 186.5 مليون أورو (458.49 مليون دينار) بعنوان سنة 2015، سيتم الترفيع فيها لتصبح 300 مليون أورو (737.51 مليون دينار) سنويا للفترة الممتدة بين 2017 و2020. وأكد مجلس وزراء خارجية دول الاتحاد الأوربي، الملتئم في 17 أكتوبر الماضي بلوكسمبورغ، دعمه لتونس للخروج من الوضعية الاستثنائية التي تمر بها، وتعبئة كافة الآليات التابعة للاتحاد الأوروبي للغرض، بما في ذلك جملة من الإجراءات المالية وغير المالية، من أجل توفير دعم للبلاد يكون في مستوى الرهانات المطروحة عليها. وكانت المفوضة السامية للاتحاد الأوروربي للعلاقات الخارجية، فيديريكا موغريني، التي تشغل أيضا منصب نائب رئيس المفوضية الأوروبية، قد صرحت خلال زيارتها لتونس أواخر شهر أكتوبر الماضي، بقولها "أود أن أبلغ رسالة على قدر كبير من القوة والوضوح مؤداها أن تونس تعتبر، بالنسبة لكل الأوروبيين، شريكا خاصا ومميزا للاتحاد الأوروبي"، مؤكدة أن "الاستثمار في تونس، حاضرا ومستقبلا، وأساسا في الشباب التونسي، يمثل أولوية بالنسبة للاتحاد الأوروبي". (وات)