وجدت الحكومة نفسها محشورة في ركن ضيق بعد أن مرت قرابة السنة على توقيع اتفاقية مع معتصمي منطقة الكامور بتطاوين في جوان الماضي بوساطة من الاتحاد العام التونسي للشغل . و وجدت الحكومة نفسها عاجزة سيما وانها تعودت على اللجوء الى أنصاف الحلول لاسكات الغضب دون ان تكون لها نظرة استشرافية حول مدى قدرتها على تحفيق تعهداتها. وأمام ضيق ذرع معتصمي الكامور من تلكؤ الحكومة في التقيد بتعهداتها، أمهلوا ، اثناء تنفيذهم الأحد وقفة احتجاجية ، الحكومة أسبوعا واحدا لتطبيقها ملوحين بالتصعيد . وفي خضم هذا الشأن، أكد الناطق الرسمي باسم تنسيقية اعتصام الكامور خالد الحداد ، أن شباب الجهة قرروا العودة لتنفيذ احتجاجاتهم "بسبب سياسة المماطلة التي انتهجتها الحكومة عبر تنكّرها لكل الاتفاقات الموقّعة العام الماضي". وشدّد ، في تصريح للعرب، على أن التحرّكات ستكون أكبر مما كانت عليه في السنة الماضية في حال لم تستجب الحكومة إلى مطالبهم المتمثّلة أساسا في وجوب التسريع في تشغيل شباب الجهة وتنفيذ كل المشاريع والبرامج المتفق عليها سابقا. وأشار إلى أن "الحكومة مازالت لم ترصد موارد للجهة تقدّر ب80 مليون دينار"، وهي نقطة تم الاتفاق عليها سابقا بين المحتجين والحكومة واتحاد الشغل. ومن جهته، أكد خالد قدور وزير الطاقة، في تصريح لوات، إن "التفاوض هو الحل الأنسب" لإنهاء الاحتجاجات. كما اعتبر أن تعطيل إنتاج مواد "أصبح شيئا لا يحتمل". ودعا وزير الطاقة، في السياق ذاته، إلى ضرورة الاستجابة لمطالب المحتجّين من خلال توفير فرص عمل، مؤكدا في الوقت نفسه أنه يستحيل على الحكومة تلبية كل المطالب. جدير بالذكر ان الحكومة كانت قد وقّعت في جوان 2017 اتفاقا تمّ بموجبه إنهاء اعتصام "الكامور" الذي دام أكثر من شهر ونصف الشهر، وتسبّب في تعطيل إنتاج النفط في صحراء تطاوين. ووصلت الاحتجاجات آنذاك إلى نشوب مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن، أدت إلى وفاة أحد الشباب المحتجين بعد أن دهسته سيارة الشرطة. وعاد إنتاج النفط بالمنطقة إلى سالف نشاطه، بموجب الاتفاق، مقابل التزام الحكومة بتوظيف 1500 عاطل عن العمل بالشركات النفطية. كما نص الاتفاق على إقرار منحة بحث عن العمل تقدر ب500 دينار للمنتدبين في الشركات النفطية. وتم الاتفاق أيضا على انتداب 1500 شاب بشركة البيئة خلال سنة 2017 و1000 شاب خلال سنة 2018 و500 آخرين في عام 2019. ويرى حسين اليحياوي عضو مجلس نواب الشعب عن جهة تطاوين ، في تصريح ل"العرب"، أن "تهديد محتجي الكامور بخوض تحرّكات جديدة غير منطقي وليس عفويا بل تحرّكه أطراف سياسية تريد توظيف شباب الولاية في معركة مع الحكومة". وقال اليحياوي، الذي حضر كل الاجتماعات التي شارك فيها والي تطاوين وممثلو الحكومة لتقييم مدى تقدّم تفعيل الاتفاقات الموقّعة سابقا، إنه "على عكس ما يروّجه البعض من الشباب المحتجين تقدّمت الحكومة بشكل كبير في تنفيذ كل المطالب السابقة وفي مقدمتها التشغيل وإحداث المشاريع′′. وأضاف أن الدولة رصدت لتطاوين أكبر عدد من المشاريع وأكثرها ضخامة مقارنة ببقية الولايات الأخرى، محذرا من "محاولات البعض من الأطراف إعادة إقحام شباب المنطقة في معركة مع السلطة".