تمسكت تونس منذ استقلالها في 20 مارس 1956 بالتزامها بميثاق منظمة الأممالمتحدة وبمبادئ القانون الدولي والشرعيّة الدوليّة باعتبارها ركائز العلاقات الدولية، وعلى التأكيد على المكانة التي توليها الدبلوماسية التونسية للعمل متعدّد الأطراف في إدارة العلاقات الدولية. وقد ظلت تونس دائما تستند إلى هذه المبادئ خلال مشاركاتها في اجتماعات منظومة الأممالمتحدة، حيث تعكس مواقفها انتماءها العربي الإسلامي والإفريقي والمتوسطي. وهو إنتماء متعدّد الأبعاد جعل مشاركة تونس في أشغال منظمة الأممالمتحدة تكتسي طابعا دوليا وإقليميا. و ستكون تونس عضوا غير قارّ بمجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة من 2020 إلى 2021 وذلك عشرين سنة بعد احتلالها مقعدا فيه. وبات من المتأكّد أنّها ستفوز في الانتخابات التي ستجرى في جوان 2019 بمشاركة 193 بلدا، بفضل مساندة المجموعات الإقيليمية التي تنتسب إليها (مجموعة البلدان العربية ومجموعة البلدان الإفريقية…)، غير أنّ عدد الأصوات التي ستحصل عليها هو الذي سيحدّد وزنها داخل المنتظم الأممي. وستكون المرّة الرابعة التي تنضمّ فيها تونس إلى مجلس الأمن. وكانت المرّة الأولى من 1959 إلى 1960 لمّا كان مندوبها الدائم لدى الأممالمتحدة المرحوم المنجي سليم ثمّ من 1980 إلى 1981 ومن 2000 إلى 2001. وتشارك تونس بصفة حثيثة ونشيطة في المداولات حول القضايا الرئيسية المدرجة في جدول أعمال الجمعيّة العامة، من ذلك مسألة إصلاح منظمة الأممالمتحدة حيث أكدت على ضرورة إضفاء النجاعة على أداء المنظمة في معالجة أهم القضايا التي تواجه الإنسانية اليوم وبخاصة المسائل المتعلقة بالتنمية وتحسين ظروف العيش لدى العديد من الشعوب والمناطق في العالم. وساندت تونس ولا تزال عديد حركات التحرر الوطني من الاستعمار في العالم واتخذت مواقف تضامنية شجاعة إبان حرب التحرير في الجزائر الشقيقة ومواقف مساندة لحركات التحرر في عدد من دول القارة الإفريقية، فضلا عن موقفها الثابت الداعم للقضية الفلسطينية، مما يشهد بتأصل التوق إلى التحرر والانعتاق في الشعب التونسي. وكانت لتونس عديد المساهمات في أنشطة الأممالمتحدة سواء من خلال المشاركة في عمليات حفظ السلام الأممية أو اقتراح عديد المبادرات على غرار إنشاء الصندوق العالمي للتضامن وإعلان السنة الدولية للرياضة والتربية البدنية والسنة الدولية للشباب. الأمر الذي جعل منظمة الأممالمتحدة تعرب عن إمتنانها لتونس لمساهمتها المتواصلة في عمليات حفظ السلام الأممية، و ذلك في إطار حملة عالمية أطلقتها تحت شعار شكرا لكم حفظة السلام على خدمتكم و تضحيتكم. ونقل مركز الاممالمتحدة للاعلام بتونس، في بيان، أصدره،في فيفري الماضي، عن جان بيير لاكروا، وكيل الأمين العام لإدارة عمليات السلام، قوله إن تونس بقيت خلال أكثر من 50 سنة شريكا ثابتا للمنظّمة في حفظ السلام ونحن ممتنون للخدمات والمساهمات، التي يقدمها حفظة السلام التونسيون. وأصدرت الأممالمتحدة، وبهذه المناسبة، مجموعة صور خاصّة تنوّه بجهود حفظة السلام التونسيين من النساء والرجال تحت عنوان شكرا تونس على خدمتكم وتضحيتكم. وتهدف هذه الحملة الأممية، التي تتواصل إلى غاية يوم 29 ماي 2018، الموافق لليوم الدولي لحفظة السلام التابعين لها، إلى رفع الوعي وتعزيز الاعتراف بالجميل للبلدان المساهمة بالقوّات وبأفراد الشرطة في عمليات حفظ السلام، وبالتضحيات، التي قدمها ويقدمها حفظة السلام وأسرهم. وحسب ذات البيان، فقد عمل أكثر من مليون إمرأة ورجل في عمليات حفظ السلام في مختلف دول العالم. وتفيد الأرقام المحينة في ديسمبر 2017 أن 234 تونسيّا يعملون حاليا في إطار خمس بعثات حفظ سلام في كل من الكونغو الديمقراطية وإفريقيا الوسطى ومالي وهايتي ودارفور. وقدّم، منذ سنة 1948، حوالي 3500 من حفظة السلام، من بينهم عشرون تونسيا، أرواحهم أثناء أداء مهامهم النبيلة في خدمة السلام العالمي.